الاربعاء ١٠ اغسطس ٢٠١٦ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
فاتن حمامة
بقلم .ماجدة سيدهم
هكذا اكتملت أركان الجريمة المحكمة ضد الجمال والفنون والرقي ..جريمة ضد الحضارة والعراقة والتاريخ ..ضد الإنسانية والكيان الإنساني في هذا الوطن ،حين يصدر حكم محكمة وهو أمر كارثي بقضاء رفع اسم "فاتن حمامة" عن مدرسة وهو كارثة أجل- بإحدى محافظات الوطن -مصر- وهو أجل أجل
الكوارث، أن يصل التردي الثقافي في مصر التى كانت تـُلقب بهوليود الشرق إلى حال إزدراء اسم "فاتن حمامة "ليشمل معه إزدراء القيمة الرفيعة لفنانة أثرت الفن والوجدان العربي بل وتجاوزت الحدود بكل قيم الرقي والتهذب والجمال والأناقة ، بينما تكتمل الجريمة القبيحة حين يطالب ذات الأهالي بالقرية "ترسا " برفع اسم سيدة القصر عن مدرستهم تحت مبررات أقل ما توصف أنها نتاج التدني الثقافي المهين للإنسانية والهوس من لاشيء، تلك الثقافة التى تسللت إلى العقل المصري كما الأفعى ، تتلوى بالتوحش في كافة المؤسسات الثقافية والتعليمية والدينية، تهشم الوعي ، تحطم الحضارة ، تحرم العلم والتطلع ، تخرب الروح ،تشوه القيم والفنون ، تقصي العقل كلية لحتى يطل علينا لفظة شاذة "فاتن لمؤاخذة " خجلا من اسم "حمامة " الذي يحمل دلالة مشوهة في الموروث القيمي
والأخلاقي ، هكذا ترص جثث البشر كرص الموتى في توابيت من الفتاوى والتخلف والبداوة ونصوص الحلال والحرام والتهديد والوعيد لتمتد مساحات الجدب والتآكل الروحي تصيب كل التفاصيل الحياتية، لحتى صار الاختناق مداه ،صارت الحياة مُرة ..الحلم مُر ..العلاقات مُرة ..الطموح والحب والإبداع حتى الخبز والضحك مُر في مُر ، هكذا باتت الاتجاهات كلها مرتبكة وعشوائية لاتثمر غير الإنتقام والخوف والكذب واللإنتماء ، كل هذا تحت مرأى ومسمع رعاة الثقافة والفن والتعليم في هذا البلد الذي قاده مصيره التعس أن يتهاوي فوق رحاب شيوخ الجهالة والفكر النجيس وتحت ريادة قادة جبناء ،شرهون للمال والسلطة ، فيدفعون بالجمع إلى منحدر الطاعة الرخوة والتملق والتغاضي والشهوات المتناسلة ..
، ثم يخرج أحدهم يعلل الفعلة المشينة بأن مسقط رأس"فاتن حمامة" أولى بها -هذا أيضا نتاج ثقافة خربة ، ثم يزيد الطين بلة متسائلا بأنه ماعلاقة التعليم بالفن..؟ وهو أيضا نتاج ذات الخراب الراسخ من عهود طويلة ،وعليه يضيف واثقا أن من حيثيات الحكم أن يطلق على المدارس فقط اسم لعالم أو لشهيد ..!، ياللعجب هكذا صارالتردي ولم يتساءل أحدهم ألم تؤثر "فاتن حمامة" في وجدان هذا العالم الذي أبدع في علمه أو شكلت بفنها جمالا ما في أعماق هذا الشهيد لتروى روحه بالحب والعطاء فيقدم ذاته بملء الانتماء والمرونة فداء للوطن ، وعليه يمثل إزدراء "فاتن حمامة "بكل تاريخهاالنبيل جريمة كبرى لإزدراء الفنون والنور والجمال والثقافة بجملتها ، إزدراء متجدد وخيانة مؤكد ة للإنسان وهو بيت القصيد ..
بكل الأسف في الوقت الذي يتصاعد فيه ازدهار قانون إزدراء الأديان يتصاعد معه متوازيا إزدراء الإنسانية كلها .. في الوقت الذي يعلو الصوت بضرورة فصل الدين عن الدولة نجد السعي الأكيد لفصل الثقافة والفنون عن الوعي المصري ..
.. عذرا "فاتن حمامة" .. حدث هذا بعد رحيلك عن واقع متسخ بثقافة الموتى وفي ظل جهات معنية لا تؤمن بالثقافة ولا تحترم الانفتاح ولا تعترف بالإبداع ، تنافق فنانيها بل وكثيرا مبدعيها وتحولهم إلى موظفين تابعين جديرين بالبلادة ومدّ الفراغ الفكري والروحي ، ما أبشع ان يقوم بمهام الثقافة موتى يقررون ويؤثرون .. وما أحط الحصاد ..
ومازال الوجع حيّ ..!