الأقباط متحدون - الكهنوت الأزهري وتحرير التعليم
أخر تحديث ٠٧:٢٨ | الأحد ١٤ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ٨ | العدد ٤٠٢٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الكهنوت الأزهري وتحرير التعليم

الكهنوت الأزهري وتحرير التعليم
الكهنوت الأزهري وتحرير التعليم

 إصرار الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، على «تعليب» خطبة الجمعة وتوحيدها مكتوبة، واعتبار الخطباء مجرد «آلات تشغيل سيديهات»ً- كاشف عن تركيبة العقلية الأزهرية الصماء، التي هي نتاج المقررات الدراسية في المعاهد الأزهرية ومن بعدها جامعة الأزهر.. هي مناهج ترسخ لدى المتعلمين للسمع والطاعة والحفظ والتلقين والنقل وترديد «المنقول»، باعتباره مقدسا، إلغاءً للعقل والتفكير.. اعتراض الأزهر لا يعني رفضاً للفكرة.. بل هو صراع حول السيطرة والوصاية على منابر 110 آلاف مسجد، ولمن يكون.. للأزهر أم الأوقاف؟..

فالجميع «أزهريون» نهلوا من منبع فقهي واحد.. في الحالين.. الخطبة «في الغالب» سواء من ورقة مكتوبة أو تسميعا من الذاكرة مع بعض الرتوش، هي مجرد نقل واقتباس وترديد لما تحويه كتب التراث، من شروح وتفاسير سلفية تُعلى شأن الطائفية والتمييز، وتثير كراهية الآخر واحتقار المرأة، وتبيح التكفير وقتل النفس وسبي النساء، وغيرها من مفاهيم متوارثة، لم تعد صالحة، ومتصادمة مع نصوص قرآنية، والجاني هو «التعليم الأزهري»، بالتساند مع الفقه السلفي الشائع في المساجد والمُتسلل إلى المدارس والجمعيات الأهلية.. فهما يلعبان دوراً عظيما في شيوع التطرف وانتشار الإرهاب في مصر وخارجها، وتعريض الأمة المصرية للتمزق والفرقة والفتن والانقسامات. 

لن تتقدم مصر للأمام، دون إصلاح «التعليم»، والتصدي لهيمنة رجال الدين في الأزهر والأوقاف والكنيسة على السواء، وتهميشهم وإقصائهم تماماً عن الساحات السياسية والتعليمية، ولن ينجح هذا إلا بإلغاء «التعليم الديني»، وتوحيد التعليم قبل الجامعي لجميع المتعلمين ليكون التعليم قبل الجامعي مدنياً عاماً موحداً ومجانياً في مدارس الحكومة، تماما مثل فرنسا التي تجعل التعليم في المراحل السابقة للجامعة، تعليماً موحداً، تديره بمركزية شديدة وتنفق عليه وفقاً لقاعدة تقول: «إن من يدفع سلطة اتخاذ القرار».. على ذكر فرنسا، فقد شهدت نهايات القرن التاسع عشر، قيادة «التيار الجمهوري» المدافع عن مبادئ الثورة الفرنسية، لمعركة شرسة ضد «التيار الديني»، رافعا شعار: «أمة وقانون»، لتحرير فرنسا من الجهل، وانتزاع المواطن الفرنسيمن وصاية الكنيسة.. فيما كان الدينيون يرفعون شعار «كنيسة وعرش»، أو «الكاثوليكية دين ودولة»، وهو نفس شعار الإخوان ومن والاهم من السلفيين والجهاديين والدواعش، مع مراعاة فروق الديانة.. وقتذاك.. صدرت التشريعات الفرنسية بإلغاءالتعليم الديني وحظر تولي أعضاء الرهبانيات لوظائف التعليم. 

عودة لمشكلة «التعليم الأزهري».. يكفي أن نطالع تقريراً صحفياً منشوراً على موقع «العربية نت»، للزميل المتميز أشرف عبدالحميد (رابط التقرير: http://ara.tv/jgaab)، عقب انكشاف وجود طلاب أزهريين بين المتهمين باغتيال النائب العام السابق.. التقرير يقدم عرضا لعدد من «الكتب المسيئة للدين»، التي يتم تدريسها بالمعاهد الأزهرية، تلخيصاً لدراسة أعدهاالمستشار أحمد عبده ماهر،الباحث في الفقه، ومن هذه الكتب، «الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع» و«الشرح الصغير» و«الاختيار لتعليل المختار» و«الروض المربع بشرح زاد المستقنع».. وهي كتب تُسهِم في تربية أجيال من الإرهابيين والإرهابيات، إذ تدعو للقتل والتكفير وإهانة المرأة، وإباحة أكل لحوم البشر، وقتل المرتد وأكله، وللمسلم فقء عين الكافر أو قطع يديه ورجليه، وكذا لو كان أسيراً، وقتل الأسرى الرجال إن عجزوا عن المشي لدار الإسلام،
 
وترك النساء والصبيان في أرض مضيعة حتى يموتوا جوعا وعطشا، وإعفاء الزوج من الالتزام بأجرة الطبيب والدواء إذامرضت زوجته.. ويرصد الباحث «ماهر» أن الأزهر ينقل عن غيره ولايجدد ولاينقح مناهجه وفيها ما يزين للطلاب كراهية الدنياوتحريم الرفاهية، وأن فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل أغنيائها بـ700عام، مما يؤصل للتواكل والكسل والتخلف الحضاري، والسعي للموت والفخر به باعتباره بطولة وجهاداً في سبيل الله.. وقد أورد التقرير تعقيباً للدكتور عباس شومان وكيل الأزهر على «دراسة ماهر»، مدافعا عن التعليم الأزهري، بأنه لم يكن هناك مرشد إخواني من خريجي الأزهر، كما أن قادة الجماعات الإسلامية وداعش ليسوا أزهريين، وهو دفاع يبدو مقنعاً، لكنه يتناسي أن الأزهر والإخوان والسلفيين والجماعات الجهادية الإرهابية ينهلون ذات الفكر من الكتب التراثية السلفية ذاتها. 
 
القضية تحتاج إلى جرأة في القرار لتوحيد التعليم قبل الجامعي وتحريره من سلطة «الكهنوت الأزهري» الذي يقاوم التجديد وينتفض دفاعاً عن المتوارث والمنقول.

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع