فى مثل هذا اليوم 17 اغسطس 1987م..

سامح جميل
وهب هتلر نفسه لـ"ألمانيا"، وفى سبيلها عاش ومات، لقد كانت له مثالياته، تحدى العالم أجمع ولم يستسلم، قاتل حتى الرمق الأخير، لقد وهبت نفسى لأكبر شمس فى العالم، أفلا يحق لى أن أفخر بزعيمى". هكذا جاءت تلك الكلمات فى كتاب "كفاحى" والذى يحتوى على مذكرات "هتلر" وقالها رودلف هس "نائب هتلر فى الحزب النازى وثالث قائد لألمانيا فى زمن الزعيم النازى". هذا اليقين الذى يتحدث به "هس" عن "هتلر" له علاقة ما بمصر، فقصته قبل وفاته فى مثل هذا اليوم "17 أغسطس 1987" فى سجنه بـ"برلين الغربية"، تبدأ فى مدينة "زفتى محافظة الغربية"، حيث ولد فيها يوم 26 أبريل عام 1894، وكان والده من المغامرين الألمان الذين جاءوا مع الاحتلال الإنجليزى لمصر، واستوطن فى مدينة زفتى، وامتلك فيها فيلا لسكنه الخاص وورشة تصنيع وتصليح الآلات الزراعية، ومعدات لمحالج الأقطان على مساحة فدانين فى قلب "زفتى"،

وكان يمتلك محلجا للقطن ووابورين للطحين، بالإضافة إلى 93 فدانا من أجود الأراضى الزراعية فى قرية "كفر جنيدى". وفى مجلس مدينة زفتى توجد وثيقتان عن جانب من ثروة الرجل فى تلك الأيام، الأولى لطلب رسمى يحمل رقم "71-3442" عام 1901 "تقدم به للحصول على ترخيص بإقامة سور حول الأرض التى أقام عليها ورشة، وتأشيرة برفضه، والثانية، لخريطة مساحية قديمة يرجع تاريخها إلى عام 1917، مرسومة بخط اليد وفيها الأرض التى أقام عليها ورشته. سافر "رودلف" إلى سويسرا عام لدراسة إدارة الأعمال، وعاد إلى زفتى عام 1912 ليقضى فيها إجازة الصيف مع والديه، وفى الحرب العالمية الأولى تطوع فى الجيش الأمانى، وأصبح جندى مشاة، ثم انتقل للخدمة بالقوات الجوية الإمبراطورية كملازم. فى عام 1914 كان والده ووالدته فى زيارة إلى ألمانيا، وتعذر عودته إلى مصر لنشوب الحرب العالمية الأولى،

فصادر الاحتلال الإنجليزى لمصر أملاكه، ولما عاد مرة ثانية عام 1925 أستطاع رد هذه الممتلكات، لكنها تركت لدى "رودلف" مرارة فوصف الإنجليز بالقراصنة لاعتدائهم على أملاك والده فى "زفتى"، وأثر ذلك على أفكاره فى العداء لبريطانيا، فوجد ضالته فى أفكار هتلر والتى تجلت فى كتاب "كفاحى" الذى كان يمليه على "رودلف" وهما فى السجن. حين نشبت الحرب العالمية الثانية وفى أسبوعها الأول استدعى "رودلف هس" صديقه المصرى "كمال الدين جلال" وحمّله رسالة إلى رئيس وزراء مصر على ماهر قائلا لـ"جلال": "أنت تعرف أننى ولدت عندكم فى مصر، وأنا أحب مصر والمصريين، فقد عشت فى بلادكم أيام طفولتى، وأريدك أن تتصل فى بروكسل لينقل إلى القاهرة أملى أن تسهل الحكومة المصرية سفر والدى ووالدتى، وكذلك بعض الألمان الذين احتجزتهم الحرب ليعودوا إلى بلادهم"، وبالفعل سهلت الحكومة سفر الخواجة "هس" إلى ألمانيا بعد أن باع أملاكه للأسطى "إبراهيم الفخرانى" رئيس العمال فى ورشته...!!