الأقباط متحدون - نصف الولاية الأولى (٤)
أخر تحديث ٠٢:٥٤ | الخميس ١٨ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ١٢ | العدد ٤٠٢٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

نصف الولاية الأولى (٤)

 د. عماد جاد
د. عماد جاد

تحليل أداء مؤسسة الرئاسة والحكومة وطريقة إدارة الشئون الداخلية للبلاد وسياستها الخارجية على مدار العامين الماضيين يقودنا إلى استنتاج مؤداه أن جل مشاكل البلاد على الصعيدين الداخلى والخارجى يعود بالأساس إلى غلبة المكوّن الأمنى على ما عداه من مكونات صنع القرار وإدارة الأزمة أو الأزمات، فالأمن له اعتبار واحد فقط لا غير، وعادة لا ينظر بعين الاعتبار إلى المكونات الأخرى. اهتمامه شكلى بالأساس ويهمه إعطاء «التمام» باستقرار الأوضاع، لا يتعامل مع جذور المشاكل ولا يعالج أسبابها بقدر ما يهتم بالتعامل مع الأعراض، وغياب الأعراض لا يعنى خلوّ الجسد من الداء وربما المرض العضال، والتعامل معه هكذا يترك المرض يتفاعل ويتطور، ينتشر ويتغلغل إلى أن تطفو على السطح أعراضه ويكون قد فات زمن العلاج. وبنفس المنطق والتحليل لا يمكن الاعتماد على الأمن فى ترتيب الخريطة السياسية والحزبية للبرلمان، ولا دور له فى إدارة هذه الخريطة والحياة البرلمانية، وهو ما نلاحظه بوضوح اليوم، فالمكون الأمنى يهيمن على إدارة الحياة السياسية والحزبية، ويجرى الفرز حسب مدى الولاء لهذه الأجهزة والطاعة فى تنفيذ كل ما يصدر من تعليمات هى فى جوهرها أوامر أمنية، ووفق الرؤية الأمنية يجرى تقييم الساسة والنواب، والتقدير الأعلى يُمنح لمن لا يجادل ولا يناقش على طريقة عناصر جماعة الإخوان الإرهابية (لا تناقش ولا تجادل، فقط نفذ كل ما يُطلب منك). وكانت النتيجة هى تشويه العمل السياسى والحزبى وأيضاً البرلمانى، وأصيبت الحياة السياسية بدرجة من درجات التأميم على نحو أصابها بالشلل.

وإذا نظرنا إلى مشاكل مصر الكبرى على الصعيدين الداخلى والخارجى فى نصف الولاية الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسى فسوف نجدها تعود إلى إطلاق يد الأجهزة الأمنية فى التعامل مع القضايا المطروحة بشكل مطلق دون مراجعة أو محاسبة، فضلاً عن انفراد هذه الأجهزة بإدارة ملفات غير أمنية، ويمكن هنا أن نرصد ملف الأزمة مع نقابة الصحفيين وكيفية إدارتها من اللحظة الأولى على النحو الذى أوصلها إلى طريق مسدود فى وجه الدولة والنقابة معاً، الأزمات الطائفية المتكررة وانفراد الأمن بإدارتها على نحو أدى إلى تغييب القانون وهيمنة جلسات الصلح العرفى وظلم المواطنين الأقباط والاعتداء على حياتهم وممتلكاتهم على النحو الذى كاد يفجّر أزمة حقيقية فى البلاد لولا تدخل الرئيس ولقاؤه مع البابا لتهدئة الأوضاع. أيضاً إدارة العلاقة مع الشباب على نحو أفسدها بالكامل، أما على الصعيد الخارجى فكل أزمات بلدنا على مدار العامين الماضيين تعود إلى منح الأجهزة الأمنية صلاحيات إدارة ما هو غير أمنى، قضايا ريجينى، الطائرة الروسية، تيران وصنافير، وغيرها من القضايا المعتادة التى تحولت بفعل الإدارة الأمنية أو غير السياسية إلى أزمات حقيقية.

خلاصة القول: قلِّلوا من المكون الأمنى لحساب المكون السياسى، لا تسمحوا للأجهزة الأمنية بإدارة شئون البلاد وكل ما هو غير أمنى، فذلك يقود إلى كوارث حقيقية.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع