الأقباط متحدون - جريمة نوال السعداوى!
أخر تحديث ٢٣:٤٨ | الاثنين ٢٢ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ١٦ | العدد ٤٠٢٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

جريمة نوال السعداوى!

حمدي رزق
حمدي رزق

وحش التطرف يتحرش بالدكتور نوال السعداوى، لم تجد ابنتها الكاتبة الكبيرة «منى حلمى»، إلا أن تطلق رسالة فى الهواء الطلق، لعل وعسى توقظ الغافل، تزعق علينا، أين أنتم والأكلة يطاردونها عقورين، يكفرونها، ويهددونها، وهى السيدة المسالمة التى تحب شقشقة العصافير على أغصان الشجر فرحة بالضياء والنور.

الوحش يتلمظ للحم «السعداوى»، يتحرش بمركزها الإبداعى، ويهدد بإغلاقه بالقوة، يروم رؤيتها فى القفص، جماعة «المحتسبين الجدد» يلاحقون سيدة لم تقترف جرماً، ولم ترتكب إثماً، إذا كان التفكير ذنباً، سألت الله ألا يغفره، بحسب رائعة كامل الشناوى فى «لا تكذبى»، رحمه الله قبل أن يسجنه هؤلاء فى أقفاصهم الحديدية.

تخيل أن يخرج وحش على الملأ يطالب بتطبيق «حد الحرابة» على سيدة كل جرمها التفكير، هذا ليس من قبيل الكلام الساكت هذا تهديد سافر باستعمال القوة، «السعداوى» لا تطلب حماية مادية، كفيلة بالوحش وألف وحش مما يعدون، ولكن قاسياً على نفسية هذه السيدة التى نذرت نفسها وحياتها للحرية، أن يتلهى عنها المفكرون والمستنيرون، ويتركونها هكذا سائغة لهذه الوحوش العقورة التى تقطع الطرق على الآمنين.

الدولة كدولة فى مثل هذه القضايا التكفيرية ليست غائبة فحسب، بل وتمنح هؤلاء صكوكاً قانونية لمطاردة المفكرين فى أقصى الأرض، بلاغات رخيصة تفتش فى النوايا، وتحال إلى النيابات، وتقدم إلى الجنايات، وتحاكم المفكرين، سيف التكفير مسلط على الرقاب.

ياما دقت على رؤوس المفكرين طبول، وأعلم أن «السعداوى» تعرضت طوال رحلتها نحو الحرية لما هو خطير وشنيع، اغتالوها مرات ومرات بترهات، شوهوا وجهها بمرويات، ولطخوا سمعتها بعنعنات، وطاردوها بقضايا التفريق فى المضاجع، واستخدموا ضدها أحط الأساليب، ولم يرعووا لحرمة ولا شيبة، للأسف يهتبلون القانون فى كسر أعناق المفكرين.

جديد «السعداوى» هو ما يضج مضاجعهم، «ملتقى نوال السعداوى» الذى يؤمه الشباب من الجنسين، الذى يتحول لاحقاً إلى «مركز نوال السعداوى للإبداع»، الفكر الذى تتبناه السعداوى يشكل خطراً على منظومة أفكارهم الفاسدة، ويهدم ثوابتهم الزائفة، ويقلقل قناعاتهم الواهية، نوال السعداوى صوت عال، فكر مغاير، رؤية حرة، أفكارها تنتشر فى فراغ العقول الذى خلفته الدولة.

هم يخشون نوال، يفرون من أمامها، وهى لا تملك سوى الفكرة، تنقب كوة فى حائط سد، تعصف بعقول، وتحضها على التفكير، وتمكنها من الخلاص من ربقة أصفاد علقت بأقدام النساء زمناً طويلاً، السعداوى تكسر القيود عن الرقاب.

تقول منى حلمى: «ملتقى نوال السعداوى بندواته الشهرية، خلال العامين الماضيين، أصبح ظاهرة ثقافية فكرية هامة، زلزلت المسكوت عنه خلال الستين عاماً الماضية، ونقلت الفكر العربى إلى آفاق رحيبة، وتمتلئ القاعات بالمئات من الشباب والشابات، ويدور النقاش العلمى الأدبى الهادئ العميق».

«السعداوى» تساعد العقول الشابة على إعادة التفكير فى كثير من التقاليد والقيم والمفاهيم الضارة صحياً وأخلاقياً واجتماعياً، كلماتها تخرق حاجز الصمت، أيقونة السعداوى: «ازدواجية الأخلاق تعنى غياب الأخلاق».

منى حلمى تلفت إلى أن إعلام التيارات الدينية السياسية السلفية يحاول عبر قنواته الفضائية، تشويه هذه الأفكار، وقلب الحقائق، ويتنافس الدعاة السلفيون والنساء السلفيات على نشر الأكاذيب وتشويه ما تقوله السعداوى عن أهمية تعديل قوانين الأحوال الشخصية.

السعداوى تروم قانوناً مدنياً موحداً للأحوال الشخصية، لا يفرق بين المواطنين على أساس الدين أو الجنس أو الطائفة، تحقيقاً للمساواة الدستورية، وللقضاء على الفتنة الطائفية، هذا ما تفعله نوال السعداوى، هل هذه جريمة؟!
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع