الأقباط متحدون - لماذا تحب الفقيرات السيدة مريم
أخر تحديث ٢١:٤٣ | الاثنين ٢٢ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ١٦ | العدد ٤٠٢٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

لماذا تحب الفقيرات "السيدة مريم"

لماذا تحب الفقيرات
لماذا تحب الفقيرات "السيدة مريم"

 بعيدًا عن ذلك التماس والتقديس للسيدة مريم عليها السلام، في القرآن والإنجيل، ثمة أسباب أخرى تضع السيدة مريم في مكانة عزيزة على النفس عند الكادحات من النساء.

لم تكن السيدة مريم عليها السلام من طبقة النبلاء أو الأثرياء في فلسطين ـ محل ميلادها، كانت من الطبقة الفقيرة المهمشة التي تعاني من أزمات زمانها، رغم عراقة نسبها، تشير المصادر التاريخية أنها ولدُت في مدينة الناصرة وهي مدينة في الجليل، وكان اليهود يزدرون تلك المدينة ويقولون عنها أنها "لا يمكن أن يأتي منها شيئًا صالحًا"، وعندما جاءت لحظة المخاض، كانت الولادة عسيرة وفقيرة، مثلها مثل كل النسوة الفقيرات اللاتي يلدن أبنائهن في ظروف صحية واقتصادية قاسية، ومثلهن أيضا كانت صابرة وقوية وتحملت تلك اللحظات لتضع مولودها.
 
وفي رحلتها إلى مصر كانت مظاهر ذلك الفقر ظاهرة تمامًا، كان الارتحال إلى أرض وادي النيل، بموكب غاية في البساطة، رجل يجر حمارًا تمتطيه أمرآة تضم ولدها إلى صدرها، وهو ما شخصه فناني إيطاليا في لوحاتهم عن رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، ولم تكن  مظاهر الفقر قاصرة علي الرحلة، لو تتبعنا خط سير العائلة في مصر لو جدنا أن موكب الرحلة مر أيضا وأقام أصحاب الموكب في مناطق فقيرة اقتصاديًا ومعيشيًا، مرت العائلة المقدسة في رحلتها داخل البلاد المصرية بنحو 22 موقعًا جغرافيًا من شمال شرق البلاد إلى جنوبها، وكان أغني هذه المواقع "الفرما" التي كانت مركزًا تجاريًا مهمًا في ذلك الوقت، لتستقر في النهاية  في الصعيد البعيد عن السلطة المركزية في الشمال، ومكثت العائلة في موقعين بمحافظة أسيوط، كان كلاهما أشد وعورة في جغرافيته ومعيشته عن  الأخر، الأول هو دير المحرق حاليا، والثاني هو جبل "درنكة"، ورغم شظف العيش في الموقعين الجبليين، فقد كان الصعيد أمنًا للعائلة المقدسة الفارة من اليهود في فلسطين، وطال بقائها 6 أشهر و10 أيام.
 
في كل موالد السيدة مريم عليها السلام في محافظات الجمهورية، والذي يحتفي به مساء 21 أغسطس سنويًا، تكون مظاهر الاحتفال ذات خصوصية تختلف عن مظاهر الاحتفالات الشعبية بموالد الأولياء والقديسين في مصر، يتصدر المشهد في ذلك الاحتفال الشعبي النساء ..نساء الطبقة الشعبية الفقيرة، وهن يمسكن الدفوف ويطلقن الزغاريد وكأنه عرس يخص إحداهن بالتزامن مع غناء الأناشيد الدينية التي تمجد البتول وأخلاقها ونسبها وقصة الاصطفاء من الله سبحانه وتعالي، يأخذك ذلك المشهد فورًا إلى السؤال مجددًا لماذا تحب الفقيرات السيدة مريم عليها السلام ؟!
 
يتولد الحب ويتدفق بين السيدة مريم عليها السلام وبنات جنسها الفقيرات لأنها كانت تشبههم في ظروفهم الحياتية والمعيشية، ورغم ذلك اختيرت لتكون المصطفاة من بين نساء الأرض وأنعم عليها بمعجزة الولادة دون يمسها بشر، ويتجدد الرجاء والأمل بالتشفع بها لأنها الأقرب إليهن.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter