بقلم:سليمان شفيق | الثلاثاء ٢٣ اغسطس ٢٠١٦ -
٤٥:
٠٥ م +02:00 EET
سليمان شفيق
لازلنا فى المنيا، التى لا يعرفها أحد، ونتوقف قليلا أمام أحد أدباء المنيا العظام، مجيد طوبيا روائى وقصاص وكاتب ومسرحى وسينمائى، ولد 25 مارس 1938 بالمنيا، درس تربية قسم رياضيات وحصل 1960 على البكارليوس ثم درس السيناريو فى معهد السينما 1970، وحصل على دبلوم فى الإخراج السينمائى من 1972، والأديب مجيد طوبيا ينتمى إلى قلة من المبدعين ممن طغت شهرة أعمالهم على حضورهم فى الوسط الثقافى، نادر الظهور فى المنتديات والأماكن العامة، قلما يتحدث عن أعماله، رغم أنها نالت شهرة واسعة سواء فى الدراسات الأدبية أو من خلال تحويلها إلى عدد من الأعمال الدرامية والسينمائية الأمر الذى دعاه أن يقول فى إحدى حواراته: «لست رافضا وإنما مفضلا الابتعاد عن التجمعات الثقافية التى لا تدور فيها نقاشات ثقافية جادة، وللأسف الشديد فإن المثقفين حاليا يدورون فى حلقات مفرغة من القضايا عديمة القيمة والفائدة أو قضايا مكررة سبق وأن ناقشها المثقفون الأوائل وأنا أفضل التفرغ للإبداع فقط».
كتب أكثر من عشرين عملا أدبيا فى مختلف الأجناس الأدبية، بطريقة لم يخطها أديب مصرى قبلة، كتب للأطفال مثل «مغامرات عجيبة «رواية»» وللمسرح: «مسرحية بنك الضحك الدولى» ومقالات هزلية «التاريخ العميق للحمير»، وروايات «دوائر عدم الإمكان، غرفة المصادفة الأرضية، عذراء الغروب، الحادثة التى جرت، تغريبة حتحور إلى بلاد الشمال وتغريبة حتحور إلى بلاد الجنوب،» ودراسات أدبية: «غرائب الملوك ودسائس البنوك» وكتب أيضا القصص مثل مجموعة «خمس جرائد لم تقرأ». كما فى الأدب كذلك فى السينما، لمجيد أفلام عظيمة منهم «أبناء الصمت»، المصنف واحد من أفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما إخراج محمد راضى، و«قفص الحريم» إخراج حسين كمال، «حكاية من بلدنا» إخراج حلمى حليم.
فى قصته «أبناء الصمت» التى تحولت إلى فيلم يحمل الاسم نفسه يعرض قصة مجموعة شباب مجندين أثناء حرب الاستنزاف التى أعقبت هزيمة يونيو 1967، وتتنازع الشباب أحلامهم الخاصة، وتصدم خلفياتهم الاجتماعية بعضها البعض، وتعرض الأحداث صورة من الجبهة الداخلية وقت المعركة، وتنتهى بعبور القوات المسلحة قناة السويس، وأسر عساف ياجورى قائد أحد لواءات الدبابات.
أما رائعته «تغريبة بنى حتحوت» التى تقع فى أربعة أجزاء، فقد استغرق فى كتابتها ستة أعوام سبقها عام لتجميع مادتها العلمية، تدور أحداثها فى نهاية القرن الثامن عشر، ثم القرن التاسع عشر فى محاولة لاستنباط شكل روائى جديد مستلهما التراث المصرى الحكائى فى سرد الأحداث كما فى كتب التاريخ والسير الشعبية وألف ليلة وليلة: إذ يسير السرد فى خط مستمر دون التفات إلى الخلف مصورًا أحوال مصر فى فترة التحول الحاسمة من أيام المماليك حتى قيام دولة محمد على عبر ثلاثة أجيال من أسرة حتحوت، لكنها تتخطى الفترة التاريخية وتصبح واقعًا أدبيًا لأبناء الحاضر يعيشونه باعتباره جزءًا من ماضيهم. أما هيكل الرواية فيعتمد على فكرة الرحلة المقترنة بالنبوءة.
واختيرت «تغريبة بنى حتحوت» ضمن أفضل مائة رواية عربية وفقا لقائمة اتحاد الكتاب العرب، نال طوبيا جائزة الدولة التشجيعية للفنون والأداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية 1979، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1990، وجائزة الدولة التقديرية 2014. كلما اقتربت منه تشعر أنك أمام منياوى تكحلت عيون قلمه بطمى النيل، وتركب معه مركبا من «موردة الحنش» إلى مولد السيدة العذراء جبل الطير، وصولا إلى حب لا متناهٍ للجذور المنياوية، هل تعرفون هذا الأديب الموسوعى؟
نقلا عن اليوم السابع
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع