الأقباط متحدون - قانون بناء الكنائس مأزق المجتمع والنظام والكنيسة
أخر تحديث ٠١:٢٤ | الخميس ٢٥ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ١٩ | العدد ٤٠٣١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

قانون بناء الكنائس مأزق المجتمع والنظام والكنيسة

سليمان شفيق
سليمان شفيق

 يجسد مشروع قانون بناء الكنائس أزمة حقيقية ثلاثية الأطراف: المجتمع الذى أصبح أكثر رجعية وكراهية لكل من يختلف معه دينيا أو عقائديا، والنظام الذى ورث ثقافة بالية وفساد مستشرى، و«ورطة» دستور 2014 فى مشكلة كبرى، والكنيسة التى تغير واقعها، وأصبح الأكليروس المنفذ فيها غير قادر على أن يوائم بين دوره الوطنى ودوره الرعوى، نظرا لتغيير الحالة القبطية لهؤلاء الذين ضحوا فى ثورة 30 يونيو، ودفعوا أثمانا غالية بعد فض الاعتصامات الإرهابية، ويطالبون باستحقاقاتهم، ولازال قطاع كبير منهم يعانى فى المنيا، ولعل ما نشر مؤخرا عن رفض أهالى قرية اللوفى بسمالوط إعطاء أقباط القرية حق الصلاة أثناء تفاوض مدير الأمن معهم يعكس حالة غير مسبوقة فى تاريخ مصر الحديثة.

 
منذ العهد العمرى «15 هج» كان الأقباط أهل ذمة، فيما يخص بناء الكنائس، ولم يتغير ذلك فى الخط الهمايونى للخليفة العثمانى عبدالمجيد 1856، وفى العصر الملكى ثبت العزبى باشا نفس الرؤية 1934م، وانتقلنا من ذمة الخلفاء إلى الملوك إلى الرؤساء وصولا للمحافظين الآن، والقانون الحكومى ذكر الأقباط «7» مرات، كـ «طائفة» أى ليسوا مواطنين، ومشاريع القوانين «الحكومى والوفد والمصريين الأحرار» ترتهن فى مرجعيتها فيما يخص بناء الكنائس بالقانون «119»، وللعلم كل القرى المصرية حتى الآن لا تخضع للقانون «119» ولا لخط التنظيم نتيجة البيئة الجغرافية، ولذلك لن تبنى كنيسة فى قرية، وإذا عرفنا أن %70 من الأقباط يسكنون الصعيد وأكثر من %80 من المناطق المحرومة من بناء الكنائس فى قرى الصعيد، وأن كل القرى التى تعانى من أزمات فى الصعيد، ولذلك فإنه حتى القانون المختلف عليه إذا صدر سيكون قانونا للقاهرة الكبرى والإسكندرية وبعض عواصم المحافظات، وهكذا نعانى جميعا من نقص فى الرؤية وانعدام الإرادة.. وثقافة مجتمعية أبوية رافضة.
 
لهذا ينتابنى شعور بأن طرفى المعادلة «نظام- كنيسة» يدركون تخلف المجتمع، وكل منهم يستخدم سياسة «عض الأصابع « لكى يطلب أحدهما تأجيل البت فى القانون، النظام يحاول تبرئة نفسه من الاستحقاق الدستورى بدفع الكنيسة للرفض، فتتحمل المسإولية، والكنيسة تحاول دفع النظام للرفض ويتحمل المسؤولية، ولكن الأمر لم يخل من مبادرات تحتية مثل مؤتمر تنسيقية المواطنة، الذى كشف عن تضامن مصرى «إسلامى مسيحى غير مسبوق» مما شكل تعنتا من النظام، وتشدد للكنيسة، ودفع الكنيسة للدعوة لعقد مجمع مقدس، وأيضا تبرز مبادرة الحزب الديمقراطى الاجتماعى إلى دخول الأحزاب السياسية إلى حلبة الصراع، مؤكدة أن قضية بناء الكنائس قضية وطنية، وليست طائفية، فيما نجد محاولات ساذجة من بعض الأجهزة لشق الصف الكنسى عن طريق إلقاء فتات بوعود رخيصة لأحد المفاوضين الصغار، الذى لا يملك من الأمر شيئا، كل ذلك يؤكد أننا فى مأزق حقيقى للجميع يتلخص فى غياب الإرادة، ولذلك هناك ضرورة لأن يجمد هذا الاستحقاق لفترة زمنية سنتين، بحيث يؤجل إلى آخر دورة انعقاد للمجلس.
 
الأمر الذى يستدعى تدخل رئيس الجمهورية وكل المؤسسات المعنية فى أجهزة الدولة ومجلس النواب داعمين إصدار قانون عادل لبناء الكنائس يوفر الحق لكل المواطنين المصريين فى إقامة شعائرهم الدينية، ويكون بمثابة خطوة نحو إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة، على أن تكون أعمال البناء لجميع دور العبادة منذ البداية من اختصاص الجهة الإدارية المختصة بأعمال التنظيم، التى ينظمها القانون رقم 106 لسنة 176، لكى نضمن توفير فرصة كاملة ومتكافئة لإقامة الشعائر الدينية لكل المصريين، أيا كانت ديانتهم أو مذهبهم، فهو حق لكل المصريين ولا يخص الأزهر والكنيسة فقط.. اللهم إنى قد بلغت اللهم فاشهد.
نقلا عن اليوم السابع
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع