كتب: هشام عواض
تنتشر في أنحاء العالم الآلاف من الأديان والعقائد والفلسفات الإيمانية التي يسير عليها معتنقيها في حياتهم ويؤدون طقوسها وتعاليها ليكونوا سعداء في حياتهم، وتعد من أبرز الفلسفات الدينية الرئيسية في العالم هي البوذية، وأيضا الديانة الأبرز في أسيا، وكانت قد نشأت من رحم الديانة البراهمية/ الهندوسية، من مُعلمها الأول جاوتاما بودا خلال القرن السادس قبل الميلاد في الهند لتنتشر بعد ذلك في أنحاء أسيا بشكل أساسي وفي أنحاء العالم بنسبة أقل، وتعتبر من أسرع الفلسفات الدينية في الانتشار في العالم الغربي خاصةَ على الرغم من إنها غير تبشيرية،وتعتبر تلك الفلسفة مجهولة إلى حد كبير المصريين، فنبرز أهم المعلومات حول تلك الفلسفة الدينية الشهيرة.

البوذية ليست ديانة ولا تؤمن بإله
البوذية ليست ديانة لا تؤمن بإله أو لها نبي أو كتاب مقدس، البوذية هي فلسفة إيمانية ولاتعتبر ديانة فليس لها رسول أو نبي، بل أن جاوتاما بودا مؤسس البوذية هو مُعلم، ولم يدعي النبوة أو الإلوهية، لكن فيما بعد قام بعد أتباع البوذية بإظهار التبجيل والتقديس الأزيد عن الازم وإعتباره إله، ولم يدعي بوذا أن له رسالة أو كتاب مقدس، لكن بعد وفاته اجتمع أتباعه في مؤتمر كبير في قرية راجاجراها عام 483 ق.م لتدوين تعاليم بوذا خشية ضياع أصولها وعهدوا بذلك إلى ثلاثة رهبانهم: 1- كاشيابا وقد اهتم بالمسائل العقلية. 2- أويالي وقد اهتم بقواعد تطهير النفس. 3- أناندا وقد دون جميع الأمثال والمحاورات.

البوذية خرجت من رحم الهندوسية
أسس البوذية سدهارتا جوتاما ولد سنة 568 ق م، والذي يُلقب بـ"بوذا"، ومن ههذا الإسم تسمت الفلسفة اسم أتباعه، و"بوذا" تعني العالًم ويلقب أيضا بـ "المعتكف". ولد "بوذا" في الهند في قرية قرب حدود نيبال، وكان أميرًا فعاش في الترف النعيم وتزوج في التاسعة عشرة من عمره ولما بلغ السادسة والعشرين هجر زوجته، ملتجأ إلى الزهد والتقشف والخشونة في المعيشة والتأمل في الكون ورياضة النفس وعزم على أن يعمل على تخليص الإنسان من آلامه التي منبعها الشهوات ثم دعا إلى تبني وجهة نظره حيث تبعه أناس كثيرون.

ونشأت البوذية من داخل التقاليد البراهمانية الهندوسية، ثم تحولت عن مسارها عندما قام بوذا بإنكار المبادئ الأساسية في الفلسفة الهندوسية، بجانب رفضه وِصاية السُلطة الكَهنوتية.

أربعة حقائق هي أساس البوذية
بعدما وصل بوذا  للتنوير بدأ نشر ما وصل إليه فكان قد توصل لمعرفة كيفية إنهاء المعاناة الدنيوية، وذلك من خلال التأمل، وقد وصف كيفية إنهاء المعاناة من خلال حقيقة من حقائق الديانة البوذية و هى الحقائق الأربعة النبيلة وهذه الحقائق هي التي ستصبح حجر الزاوية في تعاليم البوذية والتي ستسمى باسم "دارما"، الحقائق الأربع النبيلة هي:
الحقيقة الأولى "دوكها" هي الحياة الإنسانية في أساسها معاناة متواصلة، منذ لحظات الولادة الأولى وحتى الممات، طبيعة الحياة ألمها اتراحها وأفراحها عدم كمالها وعدم إرضائها وعدم.

الحقيقة الثانية النبيلة عن أصل دوكها، هي أن الانسياق وراء الشهوات، والرغبة في تلبيتها هي أصل المعاناة، تولدت هذه الرغبة نتيجة عدة عوامل إلا أن الجهل هو أصلها جميعا. إن الجهل بالطبيعة الحقيقة للأشياء ثم الانسياق وراء الملذات يُوّلِدان الجذور الثلاثة لطبيعة الشّر، وهي: الشهوانية، الحِقد والوَهم، وتنشأ من هذه الأصول كل أنواع الرذائل والأفكار الخاطئة.

الحقيقة الثالثة النبيلة عن إيقاف دوكها وهي الشهوة و الجهل والتعلق بالأشياء المادية يمكن التغلب والقضاء عليهما. يتحقق ذلك عن طريق كبح الشهوات ومن ثمة القضاء الكلي عليها.

الحقيقة  الرابعة النبيلة هي الطريق الذي يؤدي إلى إيقاف دوكها، ويتألف الطريق من ثمان مراحل، ويسمى بالدَرْب الثُماني النبيل، تمتد على طول هذا الطريق ثمان فضائل:

الفهم الصحيح، الفكر الصحيح، الكلام الصحيح، السلوك الصحيح، المعيشة الصحيح، الجهد الصحيح، الوعي الصحيح،التركيز الصحيح.

البوذية هي رابع أكبر ديانة عالميًا والثالثة أسيويًا
تنتشر البوذية بين عدد كبير من الشعوب الآسيوية حيث يدين بها 376 مليون نسمة، ولهم معبد ضخم في كاتمندو بالنيبال، وإجمالًا يصل أعداد أتباع البوذية إلى 400 مليون حول العالم، وفي مثل هذا اليوم 26 أغسطس عام 1961 أعلنت بورما الديانة البوذية ديانة رسمية، لتصبح أول دولة تعتنق البوذية في العالم، بأغلبية تشكل اليوم 88% من تعداد سكانها، ويعتنقون مذهب الثيرافادا، المنتشر في دول جنوب شرق أسيا، التي تقود معتنقها للخروج من دائرة المعاناة وتحقيق السكينة الداخلية، بسب ما ورد في ورقة بحثية صادرة عن مدرسة اللاهوت بجامعة هارفرد.

أشار موقع الإحصاءات المتعلقة بالديانة البوذية حول العالم "بوديست ستاتيكس" أن تايلاند تمتلك النسبة الأكبر، بـ95% من عدد سكانها، تليها كامبوديا بنسبة 90% ثم ميانمار 88% بهوتان 75% سريلانكا 70%.

البوذية تؤمن بتناسخ الأرواح
الإنسان  يعرف في البوذية إنه قوى أو طاقات جسدية وعقلية، أما  الموت هو التوقف الكامل لعمل العضوية الجسدية فقط، أما الإرادة والرغبة وعطش الوجود والاستمرار و الصيرورة هي قوة هائلة تحرك مجموع الحيوات الموجودات والعالم كله، وبحسب البوذية إنها لا تكف عن العمل بتوقف عمل جسدنا الذي هو في نظرنا الموت ، بل هي تستمر بالظهور في شكل آخر منتجة حياة جديد تسميه "البعث".

طالما وجد العطش للكينونة و الصيرورة فإن دائرة الاستمرار ستتوالى ولن تستطيع الوصول إلى نهاية إلا عندما تنتزع القوة التي تحركها ، وهي هذا العطش نفسه، وأنها تقطع بواسطة الحكمة التي ستمتلك رؤية واقع النيرفانا وحقيقتها.