«نفهم أن السنوات الأولى لتطبيق القانون سوف تكشف مدى فاعليته وصلاحيته واحترامه للآخر، آملين ألا تظهر مشكلات على أرض الواقع». (من بيان المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية).
بمعنى الميه تكدب الغطاس، وافقنا على شرط أو على حرف، وبين الشرط والحرف يصدر قانون بناء الكنائس من رحم حالة مخاض جد صعيبة، المسيحيون يتحصلون على حقهم فى الصلاة فى وطنهم بشق الأنفس.
عجبا كيف تتوقع الكنيسة أن يتولد عن القانون «الملطوط» طائفيا احترام الآخر، فتضع شعبها باختيارها فى محل الآخر، وتطلب من الآخرين احترامه، إذا كانت الكنيسة تتخلى طوعا أو كرها عن حق المواطنة الكاملة لشعبها، هنيئا للمجمع المقدس بالاحترام الذى يرومه على أساس الذمة، باعتبار المسيحيين «آخر ذميا» يتسول حقه فى العبادة.
الكنيسة ترى صالحها، ولا مزايدة على كنيسة الوطن، ولسنا أحن على المسيحيين من قلب أساقفة المجمع المقدس، ولكن من زاوية المواطنة الحقة، أراه قانونا مجافياً للمواطنة، (راجع بيان مصريين ضد التمييز). كنت أفضله قانوناً موحدا لبناء دور العبادة، يجسد المواطنة حقاً، ولا يفرق بين مصرى ومصرى فى العبادة، وأرفض تمييز المسيحيين بقانون بين إخوتهم المصريين.
وأعجب من توافق القيادات الدينية للكنائس الثلاث على صدور هذا القانون الذى يميزهم فى وطن يجب ألا يذهب إلى التمييز الطائفى حتى ولو كان إيجابياً، وعندى وكثير من المصريين الكنيسة مثل المسجد.. دار عبادة، وما يسرى على المسجد يسرى على الكنيسة، وقانون جامع يوحد ولا يفرق، كفانا فرقة تجسدها القوانين التوافقية التى تقسم الوطن شيعاً وأحزاباً وطوائف متناحرة.
لا أحتاج وقتا كالذى يحتاجه أساقفة المجمع المقدس لاختبار القانون على أرض الواقع، وحدسى أن قانوناً لبناء الكنائس سيفتح باب الشرور جميعا، لماذا قانون لبناء الكنائس وحدها، لماذا التمييز فى البناء بين دور العبادة، لاحظ التخوفات المسيحية المبنية على سابق خبرة مع الأجهزة البيروقراطية التى تتماهى عادة مع الرفض المجتمعى الذى تحركه جماعات وتنظيمات تضمر للمسيحيين شراً.
القانون للأسف يصدر ملغوما، ومسكونا بالهواجس، لأن من وضع هذا القانون يبنى فى المخالف، خروجا على خط تنظيم الوطن، كيف تقيم كنيسة على أرض مبللة بوحل التعصب، تجفيف منابع التعصب خليق بتهيئة الأرض لبناء الكنائس، ولطالما الدولة المصرية عاجزة عن كبح جماح المتطرفين، ولطالما ظلت على حيادها تجاه هذه الطغمة الشريرة التى تستهدف المسيحيين لن يطبق قانون حتى لو وضعه جهابذة القانون.
حسنا استجابت الحكومة لملاحظات واعتراضات الكنائس على مسودة القانون، ورضيت الكنائس بالقانون، أخشى أنه لن يحظى بالتنفيذ الأمين، وسيكون بوابة للفتنة الطائفية، ولن تستطيع الدولة تجسيده على الأرض، قد تصدر الحكومة قانوناً، ولكن ستظل عاجزة مقيدة فى شأن تنفيذه طالما رضخت لسطوة السلفيين.
القانون الذى يحفل بالتوصيفات والاشتراطات، يخلو عمدا من عقوبات لمن يماطل أو يمتنع عن الترخيص ببناء الكنائس، مسؤولين أو مواطنين، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء، ماذا قال القانون فى شأن محافظ عرقل بناء كنيسة، فليذهب صاحب الطلب إلى القضاء، أما المحافظ فسيظل فى موقعه تسنده بيروقراطية سلفية عريقة فى الإجرام الطائفى.
ماذا قال القانون عمن يحرض على منع بناء كنيسة، ويخرج فى جمع من أهله لحرق أساساتها، وهدمها، يصمت القانون، لا شىء بالمرة، تظل موافقة المحافظ حبراً على ورق حتى يرضى السلفيون فى النجع والقرية، حتى مواصفات الكنيسة فى القانون تبدو مفتتحاً للرفض والشرور.
هذا قانون مناهض للمواطنة الحقة فى تجليها بمعنى المساواة الكاملة بين أبناء الوطن الواحد، قانون شرير، ومن يتوافق عليه لا يروم خيراً لهذا البلد الأمين، وجلهم يخشون السلفيين والتابعين، تحس أن الدولة تخلت عن سلطتها للسلفيين، وكأنهم هم حماة الدين، هذا قانون ذمى والله أعلم.
(توضيح: تشابه أسماء يكاد تطابقا، لم يتبين لى إلا صباح نشر مقال الشهيد ملازم أول محمود الزملوط، وتبين أنه ابن لواء شرطة محمد الزملوط، وجب الاعتذار عن تشابه الأسماء وخالص العزاء للأسرة، ويبقى المعنى أبناء القادة يستشهدون على الجبهة ليسوا فى خلفية الصفوف.. ألف رحمة على الشهيد البطل).
نقلا عن المصري اليوم