كتب : مدحت بشاي
Medhatbe9@gmail.com
عقب ثورة 23 يوليو 1952 كانت عناوين الصحف تتضمن " محاكمة من استغلوا نفوذهم وأفسدوا الحياة السياسية ـــ حرمانهم من الجنسية والحقوق السياسية والوظائف العامة وإلزامهم برد أموال الأمة " ..
نعم ، قد تكون هناك أخطاء في التطبيق شابت تنفيذ تلك التوجهات ، وكان يمكن تفاديها بعد قيام ثورة يناير وبعدها ثورة يونية ، ولكن غض الطرف عن أهل الفساد ومن ساعدوهم على التهب والسرقة واحتكار الأسواق عبر تفصيل القوانين والتشريعات ، وعدم المتابعة الإدارية وغياب المحاسبة القانونية ، قالحصاد كان متوقعاً ... حالة فساد و إفساد تتملك تلابيب المصالح الحكومية وينتصر لتعميقها ودعمها وتنميتها كل يوم أهل الفساد في الصحة والتعليم والزراعة ، وفي كل موقع يمكن أن يسيل لعاب أهل الشر بطول البلاد وعرضها .....
وقال أهل التنظير والخبراء عقب ثورة 25 يناير ، وصدقناهم وسكتنا ...
قال اللواء أحمد عبدالحليم خبير الأمن القومي والاستراتيجي عقب ثورة يناير: إن الفساد السياسي له تعريف عام هو الخروج عن قائمة المشروعية فيما يتعلق بالتصرفات السياسية في كل صورها.. وهو تعريف يجعل عددا كبيراً منها لا يدخل في القوانين المطبقة.. وقد تكون عقوبتها المتاحة هي الاعلام والكلام عنها وكشف تفاصيلها امام الرأي العام وفضح مرتكبيها.. لكن هناك جرائم تبدو سياسية لكنها تخضع لقانون العقوبات أو قانون الاجراءات الجنائية.
يوضح ان هذا التعريف غير المحدد تحديدا دقيقا للفساد السياسي يجعل اصدار قانون له شيئا صعبا لأن صياغة القوانين تتطلب تعريفات دقيقة.وطالب بأن نركز علي حصر كل حالات الفساد الموجودة ومحاولة اخضاعها لكل القوانين القائمة.. لكن أن نفكر في قوانين استثنائية فهذا ما يجب أن نرفضه.. لأن الخطأ بعينه أن ننتقل من أوضاع استثنائية ساهمت في استشراء الفساد إلي أوضاع استثنائية جديدة بحجة مكافحة الفساد أو امتصاص غضب الشعب كما حدث عقب هزيمة 1967!!
و أخر كان يري أن الأهم هو إعادة النظر في القوانين الحالية.. فمثلا قانون الاجراءات الجنائية أدخلت عليه العشرات من التعديلات التي تتيح ثغرات يستغلها المحامون للنفاد منها وتخفيف الاحكام أو حتي الحصول علي البراءة.. فلماذا لا يتم تشكيل لجان تحت اشراف وزير العدل لاعادة صياغة القوانين.. فالمعروف أن القانون المصري مأخوذ عن القانون الفرنسي وبعض القوانين الأخري لكن التعديلات المتعددة شوهته وأفقدته هويته
المهم قمنا بالتنظير واكتفينا بحلاوة التشخيص وزغردي ياللي مش غرمانة !!
وما رأيك عزيزي القارئ في الحدوته التالية دي ؟...
سأل طفل والده : ما معنى الفساد السياسي
فأجابه : لن أخبرك يا بني لأنه صعب عليك في هذا السن ، لكن دعني أقرب لك الموضوع
أنا أصرف على البيت لذلك فلنطلق عليّ اسم الرأسمالية ..
وأمك تنظم شئون البيت لذلك سنطلق عليها اسم الحكومة ..
وأنت تحت تصرفها لذلك سنطلق عليك اسم الشعب ..
وأخوك الصغير هو أملنا فسنطلق عليه اسم المستقبل ..
أما الخادمة التي عندنا فهي تعيش من ورائنا فسنطلق عليها اسم القوى الكادحة ..
اذهب يا بني وفكر عساك تصل إلى نتيجة ..
وفي الليل لم يستطع الطفل أن ينام .. فنهض من نومه قلقاً ،
وسمع صوت أخيه الصغير يبكي فذهب إليه فوجده بلا حفاضته ،
ذهب ليخبر أمه فوجدها غارقة في نوم عميق ولم تستيقظ ،
وتعجب لأن والده ليس نائماً بجوارها ،
فذهب باحثاً عن أبيه فنظر من ثقب الباب إلى غرفة الخادمة فوجد أبوه معها .
وفي اليوم التالي ،
قال الولد لأبيه : لقد عرفت يا أبي معنى الفساد السياسي ..
قال الوالد : وماذا عرفت ... ؟!
فقال الولد : عتدما تلهو الرأسمالية بالقوى الكادحة وتكون الحكومة نائمة في سبات عميق فيصبح الشعب قلقاً تائهاً مهملاً تماماً ويصبح المستقبل غارقاً في القذارة .