الأقباط متحدون - قانون موحد لدور عبادة المصريين (٢)
أخر تحديث ٠٠:٤٣ | الاثنين ٢٩ اغسطس ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ٢٣ | العدد ٤٠٣٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

قانون موحد لدور عبادة المصريين (٢)

د. عماد جاد
د. عماد جاد

فجأة ودون مقدمات، دفعت الحكومة بمشروع بناء وترميم الكنائس إلى مجلس النواب، كى تبدأ اللجان المعنية فى مناقشته كى يتم إقراره فى غضون ساعات، فبعد أن وصلنا جدول الموضوعات التى سوف تناقش فى المجلس هذا الأسبوع ولم يكن من بينها مشروع قانون بناء وترميم الكنائس، صدرت التوجيهات بمناقشة القانون فى اللجان العشر صباح أمس الأحد فى أول يوم عمل للمجلس هذا الأسبوع، وتتجه النية إلى المناقشة السريعة ثم إقرار القانون كى يصبح نافذ المفعول اعتباراً من اليوم التالى لنشره فى الجريدة الرسمية.

القانون على النحو الذى قدمته الحكومة لن يحل معضلة بناء وإصلاح وترميم الكنائس، فمواد القانون صاغتها البيروقراطية المصرية وأجهزتها الأمنية على نحو يزيد من عذابات المصريين الأقباط ولا يعالجها، فعملية بناء وترميم الكنائس فى مصر تم فصلها عن العملية المشابهة التى تخص المساجد، وهو أمر مثير للدهشة والاستغراب، إذا كانت دولة تعترف بالديانات الإبراهيمية الثلاث، فلماذا لا يكون هناك قانون عام موحد ومجرد يحكم عملية البناء والإصلاح والترميم بشكل مبدئى، وإذا كان قانون المساجد لا يثير أى مشكلة فلماذا لا يطبق نفس القانون على الكنائس، لماذا حرصت البيروقراطية المصرية وأجهزتها الأمنية على التفاوض مع الكنائس واتباع أسلوب المناورة والمراوغة وتغيير بعض المواد بعد الاتفاق عليها، وفى النهاية جاء القانون مثيراً لعشرات من علامات الاستفهام ومؤكداً على أنه لن يحل المشكلة بل سوف يزيدها تعقيداً. خذ على سبيل المثال النص الذى يعطى للسيد المحافظ الحق فى رفض الترخيص ببناء أو إصلاح أو ترميم كنيسة، القانون لا يحدد كيفية التعامل مع مثل هذا الموقف، فهو من ناحية لا يحدد الوجهة التى على ممثل الكنيسة التوجه إليها، وإذا كان الرد التوجه إلى القضاء فالقضية يمكن أن تستغرق سنوات وسنوات، كما أن القانون لا يحدد كيفية تعامل مع المحافظ المتشدد أو المتعنت، فماذا لو صدر حكم القضاء بعد سنوات وأثنبت أن المحافظ كان متعنتاً فى رفضه؟ هنا لا توجد إجابة، ومن ثم فإن المحافظ المتشدد يمكنه أن يرفض الترخيص ببناء أو إصلاح كنائس كما يتراءى له دون حسيب أو رقيب ودون خوف من التعرض للحساب.

أيضاً نجد البيروقراطية المصرية وقد نصبت من نفسها رقيباً يتفاوض حول مساحة الكنيسة بل ومكوناتها التى تدخل فى صلب العقيدة وجوهرها مثل الحديث عن مكان المعمودية وغرفة خبز القربان والمنارة والقبة والجرس وغيرها، فما علاقة البيروقراطية المصرية وأجهزتها الأمنية بهذه التفاصيل، ومن الذى أعطاها حق الدخول فى مثل هذه التفاصيل؟

كثيرة هى التحفظات التى ترد على قانون بناء وترميم الكنائس الذى جاء محصلة مفاوضات طويلة بين البيروقراطية المصرية وأجهزتها الأمنية بكافة أشكالها والتى كانت أشبه بولادة متعثرة، ولكن الحكومة وهذه الأجهزة ترغب فى تمرير القانون بسرعة فى المجلس وهى تعلم علم اليقين أنه سوف يعقّد القضية ويزيد من التوتر الطائفى أكثر مما يحل، وهو الأمر الذى يجعلنا نتساءل: إذا كانت البيروقراطية وأجهزتها الأمنية تعلم ذلك، فلماذا الإصرار على سلق القانون وتمريره بسرعة، هل يريدون الحفاظ على القضية متفجرة، وعلى آلام الأقباط المصريين وأوجاعهم، هل يريدون إرسال رسالة بأنهم شركاء فى الوطن فى لحظة الحاجة لهم فقط، أما بعد ذلك فهم مجرد ملف أمنى لدى الأمن الوطنى؟

كنا نحلم بمصر بعد ٣٠ يونيو وطناً لجميع المصريين، وطناً يحتضن أبناءه ولا يميز بينهم، ولكن ما حدث من الحكومة وأجهزة الدولة البيروقراطية والأمنية على مدار الشهور الماضية قتل هذا الحلم وبعث برسالة للأقباط مؤداها: لن تكونوا مواطنين كاملى المواطنة فى بلد يصر على نزع هويته الوطنية وارتداء هوية سلفية وهابية لم تبن وطناً فى يوم من الأيام.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع