الأقباط متحدون - يا خوفي يا بدران ثاني مرة
أخر تحديث ٠٤:٤٤ | الخميس ١ سبتمبر ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ٢٦ | العدد ٤٠٣٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

يا خوفي يا بدران ثاني مرة

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي

فاروق عطية
   بعد مرور عام من فترة رياسة عبد الفتاح السيسي كتبت مقالا بعنوان "يا خوفي يا بدران" عددت فيه الأخطاء التي حدثت خلال هذا العام، ولأني كنت أحب هذا الرجل، حذرته من تآكل شعبيته وتقلص حب الناس له، خاصة أقباط مصر المسيحيون الذين كانوا أول الداعمين له، فلم يحصلوا علي أدني الرعاية التي يستحقون والتي كانوا يأملون تحقيقها في عهده. لكن للأسف استمرت المعاناة كما هي بل زادت وتيرتها عما قبل، لعدم تحجيم أو ربما لإطلاق يد السلفيون عامة وحزب النور خاصة، في الصعيد بالأخص في المنيا وبني سويف وسوهاج. ولأنتي ما زلت أحتفظ ببعض الحب له، أعود وأكرر التحذير فقد تأكلت فعلا معظم شعبيته ليس بين الأقباط المسيحيين فقط ولكن بين الأقباط (المصريون)عامة. ظهر ذلك بوضوح عندما أجري المنافق أحمد موسي استفتائه علي صفحته الفيس يوكية، وكانت النتيجة صادمة له حيث صوت أكثر من 80% بعدم رغبتهم ترشيح السيسي لفترة الرياسة الثانية، مما دعي موسي لغلق صفحته مدعيا أن الهاكرز قد استولوا عليها..!

   هو جرس انذار مبكّر نرجو أن يعيه السيسي ولا يسمع لجماعة السوء من حوله الذين يروجون ويزينون له أن يكون عبد الناصر هذا الجيل وهو أبدا لن يكون, وليس ذلك لعظمة عبد الناصر ولا لعبقريته الفذة ولكن لاختلاف عصر وظروف عبد الناصر عن عصر وظروف السيسي الآنية. قد يتشابهان كونهما آتيان من خلفية عسكرية فقط ولكن ظروف كل منهما تختلف. في عصر عبد الناصر كانت في مصر نخبة لن يجود الزمان بمثلها في كل المجالات أمثال طه حسن ومحمود عباس العقاد ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ولويس عوض واحسان عبد القدوس والأخوان علي ومصطفي أمين والأخوان أبو الفتح ومحمد عبد الوهاب ورياض السنباطي ورياض القصبجي وأم كلثوم وغيرهم العشرات من العباقرة والأفذاذ الذين غيبهم عبد الناصر بالسجن أو بالترويع فآثروا الصمت علي مضض، إضافة لإجهازه علي طبقة الساسة جميعا بمحاكمات هزلية أقعدتهم عن العمل السياسي حتي أتت منيتهم دون إمكانية ظهور سياسيين جدد إلا من طبقة العسكر أوالموالين الفاشلين من الطبالين والزمارين. كما كانت الظروف العالمية وبُطء انتشار الخبر عالميا لضعف امكانيات الميديا عما هي عليه اليوم أعطي لعبد الناصر صيتا ورواجا زائفا وجعل منه بطلا من ورق حتي داهمته إسرائيل في حرب يونيو 1967، رغم أنه البادئ بنشر جيوشه علي الحدود، وقف عاجزا عسكريا وسياسيا، وحصدنا هزيمة مُرّة ومنكرة أسميناها من باب اللطف أو الرفض أو ربما للسخرية بالنكسة.

   أما في هذه الأيام الغبرة فلا نخبة ولا يحزنزن, فنخبتنا مجرد طبالون ومزمرون مهللون، يجيدون فقط الأكل علي كل الموائد والرقص في كل الموالد، ومدد يا سيدي السيسي، ولا لوم عليهم لأنهم نتاج ما زرعه عبد الباصر ومن بعده المغتال والمعزول, وهم مجرد أصفار لا يجيدون حتي التطبيل والتهليل. من أمثلتهم مصطفي بكري واحمد موسي ووائل الإبراشي وتوفيق عكاشة وريهام سعيد، وكُتّاب الصحف أكبرهم بهلوان َنكِرة لا يعرفه أحد، وحكومة رئيسها ووزرائها كسر ونصف كم، ويكفي أن نلاحظ عجز وزير التربية والتعليم فيها وما حدث في عهده من بوظان وتسرب الامتحانات وإهداء مجهود المتفوقون والمتفوقات لأبناء السادة ذوي الحظوة رغم البلادة والغباء، وحدث ولا حرج عن كم الفساد الذي ترعرع وساد في وزارتي الزراعة والتموين وما خفي في باقي الوزارات ربما كان أعظم.

   والتطور السريع الهائل لوسائل الميديا العالمية وثورة الاتصالات الهائلة الأن بالسرعة التي يُنقل الخبر فيها عالميا ربما قبل أن يحس يه البعض في نفس مكان الحدث، والإنترنت وما أدراك ما الإنترنت، والفيس بوك وتويتر وما لهما من تأثير مرعب، الذي ينتشر ويستطيع ويقدر حتي علي التخطيط وإثارة الثورات. هذه الظروف الآنية بعنفوانها تجعل من المستحيل أن يكون السيسي عبد الاناصر الجديد, ولا يمكن أن تعيدنا إلي الوراء لعصره عشرات السنين مهما هلل المهللون وطبل المطبلون وزمر المزمرون.

   من أسباب تآكل شعبية السيسي، وضوح رأيه وإشادته الدائمة في كل مناسية بوطنية حزب النور والذي تراه الجماهير مماثلا لجماعة الإخوان المحظورة بل أشد تطرفا وخطرا وليس من المقبول سيطرتهم علي الحكم من جديد لنعاني مرة أخري من سفالاتهم ووقحاتهم وفجاجتهم، خاصة وقد أنهكت قوانا ثورتين مما يجعلنا غير قادرين علي القيام بثورة ثالثة لإزاحتهم. وتآكل شعبيته رسالة صريحة ومباشرة تقول له أنت من أيدهم وترك لهم الحبل علي الغارب وإذا كنت تنوي تسليمهم الحكم كما فعل المجلس العسكري الذي سلم الحكم للأخوان، فنحن نحذرك ونحن قادرون أن نطيح بك قبل أن تفعل، ونذكرك أننا عندما خرجنا فى 30 يونيو بالملايين لم نخرج ضد الإخوان فقط بل خرجنا ضد كل أشكال الإسلام السياسى، خرجنا ضد كل سماسرة وتجار الدين، لم نتوقع أن نخرج من حفرة الإخوان لنقع فى دحديرة السلفيين.

   تآكل شعبيتك للتذكير بأن الجماهير المطحونة كانت تتوقع بعض التحسن في المعيشة في عهدك، ولكن رغم زيادة الضرائب وتقليص الدعم وارتفاع الأسعار واستشراء الفساد، كانوا مستعدين لتحمل المزيد من المصاعب الاقتصادية لكن بشرط أن يروا نظام حكم له أولويات واضحة وخيارات محددة، وإجابات واحدة وحاسمة لتساؤولات حائرة، هل نظام الحكم أو السلطة تريد دولة مدنية أم دولة دينية أم هي مدنية بمرجعية دينية أو بمعني أوضح دولة بزرميط ؟ هل هى تريد دولة تحترم المواطنة أم دولة الأغلبية ولا حقوق للأقليات؟..ولم تجد الجماهير الكادحة إجابة شافية.

   كانت المرأة طليعة ثورة 30 يونيو لكنها الآن لا تري نتيجة جهدها بل سُلط عليها شيوخ السلفية الذين لا يرون للمرأة حقوقا بل هي عورة يجب حجبها عن العيون, وأحاطوها بفتاوي نكاح الجهاد ونكاح الوداع للميتة وزواج القاصرات حتي سن التاسعة وإرضاع الكبير حتي يجوز له الاختلاط بها في العمل وهم لا يرون بأسا من عرضها في سوق النخاسة ويا لها من مكاسب حصلت عليها !

   لا يستطيع منصف إنكار دور أقباط مصر المسيحيين في كل الأحداث الوطنية خاصة ثورتي يناير ويونيو لكنهم لم يحصدوا غير العلقم وجزاء سنمار, لم تتحرك الدولة في عهد السيسي بتفعيل القانون ضد من أحرقوا الكنائس والبيوت الممتلكات والحقول بالفعل أو بالتحريض وجعلت اليد العليا للمتشددين ودعاة المجالس العرفية من ذوى اللحى فى قرى الصعيد الذين نصّبوا من أنفسهم وكلاء لله واستباحوا أملاك وأموال ونساء وأطفال أخوة الوطن، صرخ جُلهم فى وجه الدولة التى تركتهم فى العراء نهباً لأصحاب فتاوى القتل والإرهاب، صرخوا في وجه الداخلية التي مازالت تتعامل معهم بأسلوب العادلي للمواءمة والوقوع فى نفس الفخ بالتحالف مع نفس الفصيل, صرخوا واستغاثوا ولا من مجيب. ورغم زيارة السيسي للكاتدرائية في عيد الميلاد وكلامه المعسول عن المواطنة وحق الجميع واحد، نجابه الآن بتغيير قانون دور العبادة الموحد، وتفعيل الدولة الدينية بتمييز المساجد عن الكنائس بتفصيل قانون خاص لبناء وترميم الكنائس يقنن الشروط التي وضعها العزبي باشا والتي كانت غير ملزمة ليجعبها ملزمة وحاسمة.

   بدلا من إرساء حرية التعبير وفتح المنابر لكل صاحب رأئ سلط علي الناس قانون ازدراء الأديان ليضع تحت مقصلته كل من تسول له نفسه محاولة مناقشة ما هو في كتب التراث من آراء كانت تصلح في زمانها لكنها تحتاج للتصحيح لتناسب العصر الجديد, ورغم مطالبة السيد الرئيس بتصحيح الخطاب الديني لكن سدنة المعبد وحُراس الأصنام ما زالوا يفتشون حتي في الضمائر وداخل الصدور ليسلطوا علي من يتجاسر فتاوي القتل والتكفير، وقانون ازدراء الأديان، والنتيجة سجن اسلام البحيري وأطفال تهكموا من أفعال داعش في تمثيلية لم تستغبق الثلاثون ثانية، وفي الطريق فاطمة ناعوت وسيد القمني وكل من يحاول إعمال الفكر والتجديد.

   وكان السبب الأخير لتآكل شعبية السيسي، الذي لا يمكن التقليل من تأثيره، التراخي والبطء في محاكمة أقطاب تنظيم الإخوان الخونة والإفراج عن البعض، والتغاضي عن تحريض من تبقي من اعضائهم خارج السجون, هم ما زالوا يعملون تحت الآرض بتنظيم محكم وفي سرية تامة كعهدهم منذ أنشئ التنظيم حتي ما شاء الله.

  أتمني أن يعي السيسي الدرس ولا يسير في درب المطبلين ويدرس بعنياة أسباب انهيار شعبيته، بعد انحياز الجميع لثوره 30 يونيو بالملايين في ظاهرة لم تشهدها مصر منذ ثورو 1919 لتأييد سعد زغلول. وتمنياتي أن يكون السيسي أبعد ما يكون عن شخصية عبد الناصر وأقرب ما يكون لشحصية سعد زعلول.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع