بيان بقلم منير بشاى
تجتاح الجماهير القبطية مشاعر الغضب ازاء تداعيات قانون بناء وترميم الكنائس الجديد. بالطبع هذا الغضب له مبرراته فهذا القانون لا يصل الى ما كنا نتمناه بعد ثورتين كان للاقباط دورا فعالا فى كليهما. كنا نتوقع ان مبدأ المواطنة الذى يساوى بين المواطنين هو سيد الموقف وانه لا توجد تفرقة بين المواطنين وبين تعامل الدولة مع دور العبادة الخاصة بكل منهم. ولكن يبدو ان اقباط مصر ما يزالوا يحتاجون الى تراخيص لبناء بيوت يصلون فيه لله.
فى خلال فترة المفاوضات تعالت الاصوات التى تحوّل بعضها الى صرخات. وازدادت الصرخات وتحولت لتوجيه اللوم الى هذا او ذاك.
والنتيجة اننا اصبحنا فى خطر ليس فقط فى التعامل مع نصوص قانون معيب ولكن فى حدوث شرخ عميق للصف القبطى خاصة بين قيادة الكنيسة والشعب القبطى يمكن ان تكون له آثاره الخطيرة لأجيال قادمة.
بداية انا شخصيا واحد من الذين يؤمنون ان دور الكنيسة هو روحى فى الاساس. وان الشعب القبطى هم مواطنون مصريون قبل ان يكونوا مسيحيين. ولذلك احبذ دائما ان يكون للاقباط قيادتهم العلمانية وان تبتعد الكنيسة عن دور الممثل السياسى للاقباط.
ولكن يبدو ان المسئولين فى الدولة منذ ايام عمرو ابن العاص وحتى الآن كانوا يصرّون على التعامل مع الكنيسة كالممثل السياسى لأنها المؤسسة المنظمة والقوية والقادرة على التنفيذ. وفى المقابل كانوا يرفضون التعامل مع قيادات الشعب من العلمانيين وبالتالى تسبب هذا فى اضعاف دورهم.
عدم التمثيل السياسى ليس معناه ان الكنيسة ليس من حقها الكلام فى السياسة. فرجال الكنيسة هم مواطنون لهم كل الحقوق السياسية التى هى حق لكل مواطن. والكنيسة كمنظمة دينية من مسئوليتها ان تتكلم ضد الظلم وتدافع عن الضعيف كما انها مسئولة عن الكلام فى القضايا التى تمسها والتى قد يكون لها طابع سياسى.
ومن القضايا التى تهم قيادة الكنيسة موضوع بناء الكنائس فهى الاماكن التى تمارس فيه وظيفتها. وطبعا بناء الكنائس يهم الشعب لأنهم هم المعنيون بوظيفة الكنائس التى هى توفير مكان للصلاة والتعبد والشركة الروحية.
تاريخيا موضوع بناء الكنائس يمثل اشكاليات عميقة فى مجتمعنا المصرى والمعروف ان بناء الكنائس وراء معظم المشاكل الطائفية ان لم يكن كلها. وهى التى تسببت فى الاعتداءات على الاقباط وادت الى اسالة دمائهم وحرق بيوتهم وتهجيرهم من القرى التى عاشوا فيها على مدى مئات السنين.
الخطير فى الامر ان المشكلة اخذت منحى خطير فبدلا من التركيز فى العوامل والاشخاص الذين هم وراء الحظر المفروض علينا تركنا هذا كله واتجهنا الى التصارع مع بعضنا البعض ولوم الواحد للاخر.
ان كانت هناك آراء نختلف فيها فهناك طريقة متحضرة للنقاش وتضييق فجوة الخلاف. ولكن اعلان الحرب لن يحل المشكلة ولن يساعد على ايجاد السلام. وهو بالتالى سوف يضعف من جبهتنا ويضر بالصف القبطى الذى بدونه لن يكون لنا كنائس، ولا حقوق، بل ولن يكون لنا وجود.
Mounir.bishay@sbcglobal.net