الأقباط متحدون - محارب سلاحه الفكر والإيمان
أخر تحديث ٠٥:٤٣ | الأحد ٤ سبتمبر ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ٢٩ | العدد ٤٠٤١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

محارب سلاحه الفكر والإيمان

 محارب سلاحه الفكر والإيمان
محارب سلاحه الفكر والإيمان
فاروق عطية 
   هو من مواليد 13 مارس 1947 بمدينة الواسطة محافظة بني سويف. معظم أعماله تناولت منطقة شائكة من التاريخ الإسلامي. البعض يتهمه بأنه باحث في التاريخ الإسلامي من وجهة نظر ماركسية، والبعض الآخر يعتبره صاحب أفكار تتسم بالجراءة في تصديه لفكر جماعات الإسلام السياسي، لكنه يعتبر نفسه باحث يتبع فكر المعتزلة. وصفه الكثيرون بأنه مرتد وأنه مرتزق لدي المؤسسات المعادية للإسلام في الوطن العربي، وبوق من أبواق الولايات المتحدة لتشابه وجهة نظره مع نظرة الإدارة الأمريكية في ضرورة تغيير المناهج الدينية الإسلامية وخاصة في السعودية، علما بأنه كان ينادي بهذا التغيير منذ عقود سبقت الدعوة الأمريكية الحديثة التي نشأت بعد أحدث الحادي عشر من سبتمبر 2001.
 
   قد أحال  النائب العام المصري منذ أيام بلاغاً قدمه أحد المحامين ضد الدكتور سيد القمني، لنيابة أمن الدولة العليا، لاتهامه بازدراء الدين الإسلامي وسبّ الصحابة، خلال محاضرة له بعنوان «جذور وأسباب العنف الإسلامي ـ العلمانية هي الحل » نظمتها منظمة «آدهوك» في 22 مايو الماضي ببروكسل، وأرفق صاحب البلاغ تسجيلا للمحاضرة التى « تزدري الأديان»، حسبما قال مقدم البلاغ.
 
   بالطبع لم يكن سيد القمني أول من تداهمه محاكم التفتيش المصرية المتمثلة في الأزهر الذي يدعي الوسطية بالتكفير، وبالتالي إعطاء الضوء الأخضر لاستحلال دمه، ليضاف إلى قائمة طويلة من مفكرين تمّت محاكمتهم قبلاً، في محاكمات تشبه محاكمات القرون الوسطى ـ بعضهم استُحِل دمه وبعضهم أفلت بأعجوبةـ قائمة تبدأ بالشيخ محمد عبده، مروراً بطه حسين وعلي عبد الرازق ومحمد أحمد خلف الله وخليل عبد الكريم ونجيب محفوظ وفرج فودة ونصر حامد أبوزيد، وقبله مباشرة إسلام البحيري الذي يقضي الآن فترة عقوبة لمدة عام بتهمة «ازدراء الأديان»، وتطول القائمة لتشمل شخصيات تاريخية مثل محيي الدين ابن عربي الذي طالبت جماعات الإسلام السياسي بمنع كتبه..! 
 
   وبرغم تضامن عدد من المؤسسات والأحزاب مع القمنى، فضلا عن عدد من المثقفين الذي وقّعوا عريضة يرفضون مبدأ المحاكمة على الأفكار، يبدو أن القمني سيخوض المعركة منفرداً، إذ أن تضامن «الفيسبوك» مجرد «طقّ حنك» كما قال أحد أصدقاء القمني تعليقاً على المحاكمة وناصحاً إيّاه بالخروج، كما أن المثقفين يعتبرون أفكاره إثارية، كما حدث مع اسلام البحيري من قبل. رفض القمني بشمم كل دعوات الاستضافة من بعض الدول والمؤسسات، مؤكداً على حسابه الشخصي في «الفيس بوك» عدم الموافقة علي الهرب وفضل المواجهة باعتبارها نزال عليه أن يخوضه قائلا: «أشكر كلّ الدعوات المحترمة التي وصلتني سواء من مؤسسات وهيئات وأفراد كي أعيش عيشاً كريماً في بلاد حرة، لكنني لا أعتقد بأنني سأعيش كريماً ووطني منتهك العقل والضمير، بقائي سجيناً أو مذبوحاً هو قربان متواضع كي تعيشوا أنتم كراماً في أوطانكم وهي حرة، سأبقي في مصر حتى خروج النفس الأخير. لم يعد لي في دنياكم مغنماً غير أن يعيش فيها أولادي وأولادكم كراماً في أوطان عزيزة، دعمكم يكفيني زاداً وسلاماً وبرداً على قلبي، القضية الآن قضية وطن يحتل وهوية تسحق، وبلادنا تستحق ما هو أفضل وأعظم، انحناءة عميقة لكم».
   لم يهتز له جفن ولم يرفض المحاكمة لكنه قال: «وإذا بدأت الحرب فستكون حامية الوطيس، وسيخسرون الكثير، بشرط علنية المحاكمات، وغير ذلك ستكون مكيدة لن أقبلها». وأضاف: «كل شيء في العلن، مُغطَّى بشكل إعلامي متوازن، ولو حدث هذا فلا شيء جديد عندهم ليقولوه، وأنا من لديه الجديد بالحجج والبراهين، وليس عندي أي بطحة على رأسي أستتر منها، ولدي أيضًا أنتم أينما كنتم، فهي معركتكم جميعًا، ومعركة وطن يضيع من بين أيدينا، استعنا على الشقاء بالعقل والمعرفة وحقوق لن نفرط فيها».
 
   هذه المحنة ليست الأولي في تاريخ سيد القمني، فهو يمتلك تاريخا فكريا مثيرا للجدل، فقد تمّت مصادرة كتابه «ربّ الزمان» بقرار من نيابة أمن الدولة العليا في العام 1997، كما تلقي تهديدات بالقتل علي الإنترنت من تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين التي كان يتزعمها أبو مصعب الزرقاوي، بعد مقال كان قد كتبه فى مجلة «روز اليوسف»،بعد تفجيرات طابا بعنوان "إنها مصرنا يا كلاب جهنم"، لم يأخذ التهديد بجدية حتي وصله التهديد الأخير من جماعة الجهاد، جاء بالرسالة التي نشرت جريدة إيلاف الإلكترونية مقتطفات منها فيه هذا المقطع: اعلم ايها الشقي الكفور، أن خمسة من اخوة التوحيد وأسود الجهاد قد انتدبوا لقتلك، ونذروا لله تعالى ان يتقربوا إليه بالإطاحة برأسك، وعزموا ان يتطهروا من ذنوبهم بسفك دمك، وذلك امتثالا لأمر جناب النبي الأعظم صلوات ربي وتسليماته عليه، إذ يقول "من بدل دينه فاقتلوه". مما جعله يصدر بيانا قال فيه: «أننى أعلن براءة صريحة من كلّ ما سبق وكتبته، ولم أكن أظنه كفراً فإذا به يفهم كذلك، لذلك أعلن توبتي وبراءتي من كلّ الكفريات التي كتبتها فى مجلة «روز اليوسف» وغيرها براءة تامة صادقة يؤكدها عزمي على اعتزال الكتابة نهائياً من تاريخ نشر هذا البيان». وقد برّر موقفه هذا بخوفه على حياة «بناته» كما قال: «جاءنى بيان هددني في حياتي وبناتي، وأعتقد أنه لا يعيبني أن أفكر في حماية بناتي، أو أن أشعر بالخوف عليهن. البيان أصرّ على أن يكون الاعتذار في المكان نفسه الذى كنت أنشر فيه وهو مجلة روز اليوسف، وإلا سألقى حتفي خلال أسبوع».
 
   وبعد توقفه عن الكتابة واختفائه لفترة، عاد الى الجدل مرة أخرى بعد حصوله على «جائزة الدولة التقديرية»، التي سحبت منه بحكم قضائي، إذ اعتبرت المحكمة أفكاره مخالفة للقرآن والسنة. كما ظهر منذ شهور عدة على شاشة التلفزيون المصري مهاجماً «الأزهر» معتبراً إيّاه مؤسسة «سلفية، ليست فوق النقد». قائلا: «انتقد كل ما يتمّ تدريسه للطلاب في «الأزهر» لذلك يتم تشويهي، وأؤكد أني لم أهاجم الدين وإنما أعترض على ما يتمّ تدريسه في مناهج الأزهر. فلا نجد الآن أي عالم أزهري يحاول الدعوة إلى الدين على أنه توعية للمواطنين كما لا يردّ على أحد من المفكرين بالحجة، وإنما يقدم حديث البشر باعتباره حديث الله». وقد تم وقف المذيعة التي استضافته عن العمل. وأعلن الأزهر عن مقاضاته، قبل أن يتراجع ليقوم أحد محامي «الجماعة الإسلامية» نيابة عن الأزهر بجرجرة القمني فى المحاكم، في قضية سوف ينشغل بها المثقفون في مصر طويلا !
 
   يقول القمني في مقاله "ظاهرة التكفير في ميزان العقل و الدين": عندما يتطوع شيخاّ ليقول أن الله سيقبل الشيخ فلان لأنه رجل دين و سيرفض الفنان أو الكاتب أو المبدع فلان بسبب كتابته النقدية مثلاً، فهو يرتكب أكثر من وزر وأكبر من خطأ، أولاً أنه يسلب الله حقه فهو الوحيد الذي يستطيع الحكم على الضمائر بالكفر وما يتبعه من دخول جهنم، أو بالإيمان وما يتبعه من دخول الجنة، الشيخ هنا يلزم الله بقرار عقله البشري الذي يختلف بالكلية عن عقل السماء، فالرب لو عمل مثل الشيخ وبرر وعلل لا يصبح إلهاً و تسقط ألوهيته، لذلك فإن المفكرين من مشايخ زماننا يفرضون قرارهم على العقل الإلهي ويحرمون ويحللون ليتشابه عقل الشيخ وعقل الإله ليصبحوا آلهة مثله. ويتحول من يعترض على المشايخ إلى كافر، بينما التكفير هو افتئات على أهم صفات الله وإرادته، لأن قبول إيمان إنسان من عدمه يعود لمشيئة واحدة فقط هي المشيئة الإلهية التي لا يعلمها أياً من البشر، لا شيخ و لا كاهن و لا عارف بالله. فمن كفّر غيره فهو منكر لمعلوم من الدين بالضرورة، فالله يقول أنه خلق الخلق كي يعبدوه، و مشايخنا يقولون عن البعض أنهم كفار لا يعبدونه، بينما وجود كافر واحد بمعنى المُنكِر للألوهية ولوجود الذات العلية، يسقط مشيئة الله القاضية بمعرفة كل خلقه به حتى جمادات الأفلاك، و إيمان الكل به وعبادته وإن كان كل ٌعلى طريقته. و عندما نتحاور في شأن ديني نختلف حوله، قد يجوز القول أن أحد طرفي الخلاف كافر برأي الطرف الآخر وليس كافراً بالله، لأن الخلاف في الواقع هو بين طرفين بشريين و ليس أحدهما هو الله، هو كفر رأي برأي، كفر بشر ببشر وليس برب البشر، لأنه سيكون خلافاً حول تفسير كلام الرب حسب عقل كل منهما و حصيلته المعرفية، لكنه لا يفسد بين أحد المختلفين وبين ربه، لأن الاختلاف بشري و الحوار بينهما إنتاج عقلهما البشري و ليس الله ، فالخلاف في واقعه يقع على آراء بعضهم البشرية وليس على الله، وخلافات المذاهب الدينية كلها مستحدثات بشرية، أما الإيمان برب خالق أحق بالعبادة والقدسية فلا خلاف حوله، فنحن لا نختلف على أن الله قد قال هذه الآية أم لا ؟ إنما نختلف علي فهمها بعقولنا التي ليست كعقل رب الأرباب و ملك الملوك.
 
  نعودلخطاب د/ سيد القمني الذي أثار ضجة عارمة لإعلانه علي الملأ أنه كافر. قال أن الأزهر يحاول إثبات أنني لست مسلما، لذلك جئت هنا لأقول لهم أنني كافر. قال أنه يكفر ببعض ما جاء بالدين الإسلامي كما يدرسه الأزهر لطلابه بنين وبنات. لدينا في ديننا ما لا أوافق عليه، أنا أكفر بالعبودية، أنا أرفض أن تقول لي أن هناك عبد يمكنك أن تشتريه بالمال، يقول النبي أن العبد الآبق كافر حتي يعود لمولاه ويظل عبدا، أنا أكفر بهذا. أنا أستنكر وأنكر أن أسبي امرأة في حرب أو أشتري امرأة بمالي وأمارس عليها وطئ الجارية أي ركوبها، أنا أرفض ذلك ( وشرح كيف كانت تعرض النساء في سوق النخاسة أمام الناس ومن حق المشتري أن يتحسس البضاعة لاختبار جودتها).أنا كافر بالعبودية والسبي وانتهاك حرية المرأة، أكفر بتعدد الزوجات، وتأديب الزوجة. أنا أرفض ما يطلبه مني ابن خزامة، أكفر بوطئ طفلة ما بين سن الرضاع حتي التاسعة، أرفض أن يستمني الرجل في يد طفلة ذات سنتين عندما تشتد به شهوته وهو صائم أوالإيلاج في قرد أونحوه، إعتصاب طفلة ليس عليه حد، أنا كافر بذلك.
 
  وأخيرا اسطدم القمني إضافة للإسلاميين بالقوميين حين استخدم أسلوب الصدمات بقوله أن بلادنا لم تعرف الحداثة ولم تعشها، ومحمد علي  معملش ده إلا بعد فرنسا ما دخلت مصر. لم نعرف يعني إيه سياسة واقتصاد وقانون ووطن إلا بعد ما إنجلترا دخلت مصر واستمر الاستعمار 73 سنة، كان الاستعمار يعاشرنا ونعاشره ونتعلم منه، يا ريت حد يجي يستعمرنا، ولوطلبنا هيقولنا غور ابعد عني بلا نيلة أعملك إيه. ملهاش حل غير فرض الحضارة علي المنطقة أو خلاص إعملوا جدار عازل وتيجوا تعملوا ستاير، وبرضو تدونا أكل وشرب وترموا لنا كلاشنكوف ومدافع هاون عشان نصفي بعض. إما العالم المتحضر يقف إذاء هذا الوحش لتحجيمه وفرض العلمانية عليه فرضا أمميا مع مراقبين دوليين مع حقوقيين عالميين مع أساتذة علم حقوق وقانون وإلا ستخرج عليكم منها شرور ستقضي علي الإنسانية كلها، فإذا كنتم خايفين من الأليان فنحن أشر أنواع الإليان. 

 
   لم يقل القمني غير الحقيقة، إنه لم ولن يكفر بالله خالق الكون، لكنه كافر بكل ما هو ضد الحداثة والإنسانية وحقوق الإنسان، والواجب بدلا من محاكمته أن يكرّم ويُعتز بآرائه ويعمل بها. وأنا في هذه العجالة نيابة عن كل المثقفين والكتاب والمفكرين في المهجر عامة وبجريدة الأهرام الكندية خاصة أتضامن مع المفكر الكبير سيد القمني وأشجب كل محاولة للنيل منه ومن أفكاره التقدمية الرائدة. 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter