منذ تسلمه مقاليد السلطة عام ١٩٧٠، حرص الرئيس الراحل أنور السادات على إبرام صفقة مع جماعة الإخوان، قرر ذلك رغم أنه كان شاهداً على غدر الجماعة وخيانتها للرئيس جمال عبدالناصر، ولكن يبدو أن «السادات» كان يرى فى التنظيمات اليسارية والناصرية الخطر الرئيسى على نظامه، فقرر الاستعانة بجماعة الإخوان من أجل الحد من نفوذ وجماهيرية التيار الناصرى وتأثير التيار اليسارى لا سيما فى الجامعات المصرية. سار «السادات» فى هذا الطريق فأفرج عن قيادات الجماعة وكل المعتقلين من كوادرها، وسمح لمن هربوا إلى الخليج العربى بالعودة، وسلم للجماعة مسئولية إدارة وزارة التعليم، ترك لهم مجال تنشئة الأجيال وحشو العقول المصرية، سلم لهم المسئولية بالكامل. وفى نفس الوقت قام «السادات» بالتعاون مع محافظ أسيوط بوضع بذور الجماعة الإسلامية وأمدها بالمال والسلاح بهف ضرب التيارين الناصرى واليسارى فى الجامعات المصرية، استغلت الجماعة الموقف فقامت بالسيطرة على عملية تأليف الكتب المدرسية وتحديداً الخاصة باللغة العربية: المواد الاجتماعية من تاريخ وجغرافيا، وتدريجياً امتدت أيادى الجماعة إلى المواد العلمية ووضعت بصمتها عليها من خلال الحرص على فرض الفكر الأحادى على كل ما يرد ذكره من أمثلة وأسماء. أما مادة اللغة العربية فقد حولتها الجماعة إلى «مادة دين»، صحيح أن النشء فى حاجة إلى تعلم لغة عربية سليمة، إلا أن الجماعة ورجالها حولوا مادة اللغة العربية إلى مادة دينية، فمادة النصوص وتحديداً المقرر حفظه منها به نسبة لا تقل عن الثلث آيات قرآنية، والقصة المقررة على الأطفال عادة هى قصة إسلامية غير مصرية. وهناك من اجتهد من داخل الجماعة فاختار مواد ونصوصاً تحط من قدر الآخر، ومن ثم كان مطلوباً من التلاميذ المسيحيين أن يحفظوا نصوصاً تتصادم وعقائدهم، بل بعضها تقول لهم إن عقائدكم فاسدة، عليه أن يقرأ ذلك ويحفظه ثم يردده أمام المدرس والزملاء ويكتبه فى الامتحان. وسارت الجماعة أكثر عبر التواطؤ على إسقاط الحقبة القبطية من مناهج التدريس، فيدرس الطالب الاحتلال الرومانى لمصر قبل الميلاد، ثم ينتقل إلى القرن السابع الميلادى مباشرة، ليقفز فوق الحقبة القبطية التى امتدت لخمسة قرون على الأقل وكانت مصر تدين خلالها بالمسيحية. وإمعاناً فى الضغط على المصريين الأقباط كان هناك على الدوام فى وزارة التربية والتعليم بل والتعليم العالى من يقرر كل عام إجراء امتحانات نصف العام فى اليوم الأول من السنة الجديدة، فلا يحتفل التلاميذ المسيحيون برأس السنة الميلادية، وأيضاً إجراء الامتحانات فى اليوم السابق مباشرة على عيد الميلاد واللاحق له، فيخوض التلاميذ المسيحيون الامتحانات فى السادس والثامن من يناير من كل عام، فلا هم يحتفلون بالعيد ولا أسرهم تتمتع بالاحتفال.