الأقباط متحدون - سبوبة الهلالي
أخر تحديث ٠١:٣٠ | الثلاثاء ٦ سبتمبر ٢٠١٦ | نسئ ١٧٣٢ش ١ | العدد ٤٠٤٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

سبوبة الهلالي

الدكتور الهلالي الشربيني
الدكتور الهلالي الشربيني

سعيد السني
على خلفية الغضب المتصاعد لطلاب مدارسنا وأولياء أمورهم، من قراراته العشوائية وسياساته الفاشلة، إن كانت له سياسات أصلاً.. اختار الدكتور الهلالي الشربيني، وزير التعليم، التراجع عن «سبوبة مجموعات التقوية» التي اتحفنا بها منذ أيام.. أعني تراجعه عن قرار إلغاء امتحانات نصف الفصل الدراسي (الميد تيرم)، واستبدالها باختبارات «شهرية» تجري على مدار العام، وتسري على جميع طلاب الابتدائي والإعدادي، وإعادة توزيع الدرجات على هذه الاختبارات الستة الشفوي منها والتحريري، بما يخلق سوقاً جديدة ورواجاً للدروس الخصوصية، أو مجموعات التقوية التي تحلُم «وزارة الهلالي» بإنعاشها في المدارس.. الوزارة أصدرت بياناً رسمياً زعمت فيه أن قرار التراجع صادر عن «المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي»، وهو مجلس لا ينطق عن الهوى ولا عن أبحاث علمية أو تربوية.. إنما بوحي من رئيسه وزير التعليم، سواء كان الشربيني أو أسلافه، كما هو حال غالبية «مجالسنا» العليا.. تفتقد الاستقلالية، وتأتمر بأمر رئيسها، أو مجرد إشارة أو إيماءة منه، بما ينال من فعالية هذه المجالس الصورية، إلا نادراً، واختزال دورها في تزيين وتسويق وتحصين «أفكار وتوجهات» الرئيس (رئيس المجلس)، وتكون المحصلة صفراً أو يزيد قليلاً، بدليل حصول مصر في جودة التعليم الأساسي على المركز 139من بين 140 دولة، والحمد لله أننا نسبق مباشرة غينيا التي تحتل المركز الأخير.

الوزير ورجاله في تسويقهم لقرار إلغاء الميدتيرم، قالوا إنهم يهدفون لتطوير نظام الامتحانات إلى «التقويم الشامل».. هذا القول ينطوي على تضليل، وهو مثل «كلمة حق يراد بها باطل»، لأن هذا «التقويم» الذي يتحدثون عنه يمتد ويتسع ليشمل جميع مكونات العملية التعليمية ومدخلاتها بالقياس والعلاج عند اللزوم، وليس قاصراً على «الطالب» وحده.. فالامتحانات التي تجري للطلاب تمثل جزءًا صغيرًا منه.. توضيحًا.. يظن الكثير منا أن الدرجة التي يحصل عليها «الطالب» في الامتحان هي مقياس لذكائه وقدراته وتحصيله، وهذا ليس صحيحاً، إذ يتأثر «التحصيل الطلابي» بكفاءة وأداء المعلم ومهاراته، مثلما تؤثر فيه نوعية وصلاحية المناهج، وطرق التدريس ووسائله، وأساليب الإدارة التعليمية، والأجواء الامتحانية إن كانت صحية ومنضبطة من عدمه.. جميع هذه العوامل وغيرها تؤثر بقوة في تحصيل الطالب «سلباً»، كما في مدارسنا الحكومية التي لم يعد بها تربية ولا تعليم تقريباً، ونفس العوامل ترفع التقدير والدرجات والمهارات، إذا كنا بصدد طالب يتعلم في مدارس فنلندا أو مدرسة أجنبية متميزة.. لذا، فاللجوء للدروس الخصوصية ومراكزها (السناتر) يكون عوضاً عن الخلل التعليمي بالمدارس، لزيادة التحصيل والدرجات أملا في مستقبل أفضل.. لا يفوتنا أن تطوير نُظم الامتحانات إلى التقويم الشامل أوغيره، يكون ضمن «خطة تطوير» ربما للنظام التعليمي بكامله، يقوم عليها علماء وخبراء تربية وتعليم متخصصون، ودراسات مستفيضة ورصينة تشريحاً لما هو قائم، وتحديد سُبل وكيفية التطوير، وفقاً لنظريات واختيارات متوافق عليها مجتمعيا، تحت مظلة حزمة من الأهداف والمُثل العليا التي نريدها لأبنائنا، ونوع القيم المرغوبة لهم.. ثم إنه ليس منطقياً إنزال «التقويم الشامل» على رؤوس التلاميذ دون امتداده لباقي عناصر ومكونات العملية التعليمية، وكلها فاشلة تقريباً وفي حالة يرثى لها.. فهذا يتنافي مع فكرة الشمول التي يقوم عليها هذا النوع من التقاويم.

أخشى أن فكرة «السبوبة» تكاد تطل من خلف قرار الميد تيرم تشجيعاً ودفعاً بالطلاب لـ«مجموعات التقوية» بالمدارس، مع تخصيص «25% من عوائدها» لتوزيعها على إدارة المدرسة، وهنا مربط الفرس كما يقولون بالبلدي، إذ ربما تزيد هذه النسبة كي يمتد التوزيع ليشمل الكبار بالإدارات والمديريات التعليمية وديوان الوزارة، وقد يتبقى الفُتات لمُدرس المجموعة.. نفس الفكرة (السبوبة) بادية وراء القرار «المُجمد»، بتخصيص 10 درجات للسلوك في العام الماضي لطلاب الثانوية العامة، والحرب الشرسة الحالية التي يخوضها الشربيني، لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية، وكأن الوزارة لا تخجل من كون مدارسها طاردة للطلاب.. بل تتعامل بمنطق «يا فيها يا أخفيها» مع «كعكة الدروس»، فإما أن تتقاسمها، أو تهدم المعبد على رؤوس المتعلمين وأولياء أمورهم، والمعلمين.. واضح أن أصحاب هذه الأفكار التي يتبناها الوزير، هداهم الله، لا يدركون حجم نفور الطلاب من المدارس، وأن مجموعاتهم للتقوية لن تكون بديلاً للدروس الخصوصية ومراكزها.. فليهدأوا.. بافتراض حسن النية، لا يجوز أن يتحول أبناؤنا إلى «فئران تجارب»، ليس في يد علماء يسعون إلى اكتشافات علمية، بل مجرد وزراء هواة وفشلة بينهم البليد إملائياً.

نسأل الله السلامة لمصر.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع