بقلم نسيم عبيد عوض
ونحن نحتفل ببدأ السنة القبطية اليوم الأحد 11 سيتمبر الموافق 1 توت سنة 1733 ش ‘ لا ننسى دم شهداء الأقباط ‘الذى مازال يسيل على تراب أرض مصر حتى يومنا ‘لأنه بهذا اللون الأحمر سطر دم شهداء المصريين – الأقباط – تقويم مصر القبطى.
وبدم شهداء الأقباط بدأ التقويم القبطى عام 284 م يوم 29 أغسطس بحساب التقويم اليوليانى‘ وهو الآن يوافق كل عام يوم 11 سبتمبر ( أو 12 فى السنة الكبيسة) حسب التقويم الغريغورى.
بلون الدم الأحمر هذا اختار الأقباط ان يبدأ تقويمهم ليس من أكثر من ثلاثة الاف سنة قبل الميلاد بل من يوم إعتلاء دقلديانوس عرش القيصرية عام 284 م والذى دام حكمه حتى عام 305م , الذى لما رأى إنتشار المسيحية فى مصر أمر أرخيلاوس الوالى على مصر بقتل كل مصرى يرفض عبادة أوثان روما والسجود لها , ولم يعبأ الأقباط بذلك وتمسكوا أكثر بدينهم ومسيحهم, فحضر هو _دقلديانوس – بنفسه لمصر وهدم الكنائس وأساء الى رؤساء وكهنة الكنيسة , وسبى نساء وأطفال الأقباط , وقتل المئات والألوف بالجلد والذبح والحرق والشنق , ودام الأضطهاد 9 سنوات , استشهد فيها 840 ألف نفس(سنكسار 29 هاتور) امتلأت الشوارع بدمائهم, وعرف عصره بعصر الشهداء , وأصبحت كلمة عذاب الشهداء مثلا يحتذى به , وكان الشهداء وهم يعذبون قبل استشهادهم يهتفون فرحين " من أجل المسيح ولأجل المسيح"
وكان آخر من أستشهد من المؤمنين فى ذلك الوقت القديس بطرس الأول البابا السابع عشر من باباوات الأسكندرية إذ قطع رأسه عام 311م , ودعى خاتم الشهداء ( سنكسار 29 هاتور).
ولكن مازال دم المسيحيين يسيل على أرض مصر يوما بعد يوم ‘ يروى إيمانها فتزداد قوة ورسوخا‘ وقد أفاق العالم على ذبح 21 قبطيا مسيحيا على أيدى الدولة الإسلامية التى أعلنها مايسمون أنفسهم دولة الإسلام الصحيح ‘ الذين هم ولاة الوهابية المنتشرة بدعم المملكة السعودية ‘ ففى يوم 30 ديسمبر 2014 وفى مدينة سرت الليبية تم القبض على 7 عمال أقباط مسيحيين إعترفوا بدينهم أنهم مسيحيون‘ وبعد ذلك بأيام فى 3 يناير 2015 تم القاء القبض على 14 قبطى اعترفوا بمسيحيتهم ولم ينكروا مسيحهم ‘ وأجتمع ال21 معا فى سلسلة عذاب لا يطاق من أجل إنكارهم مسيحيتهم ‘ ولكنهم إعتبروا أنفسهم مصلوبون مع مسيحهم ‘ فتشددوا أمام آلات التعذيب وثبتوا على إيمانهم ‘ وفى صباح يوم 15 فبراير 2015 أذاعت هذه الدولة الإسلامية فيديو بشع وهم يذبحون ويقطعون رؤوس الواحد وعشرين مسيحيا ‘ ورأى العالم دمائهم الحمراء تغطى بحر العالم ‘ ورأى العالم كله قوة ثبات هؤلاء المسيحيين ‘ بل وسلامهم ونداءهم لربهم المسيح وهم مقبلون على الذبح ‘ وهكذا وفى القرن الواحد والعشرين قدم الأقباط المسيحيين للمسكونة كلها قوة إيمان المسيحى بإلاهه ‘ وليثبت حقيقة الإيمان المسيحى ‘ وإن الإيمان بالحياة الأبدية ليس كلاما ولكنه فعل وعمل على هذه الأرض ‘ ومازال دماء شهداء الإيمان المسيحى يسيل على الأرض فى كل مكان حتى يوما هذا.
والقديس يوحنا الرائى عندما صعد الى السماء وفى رؤياه وصف لنا مذبح الشهداء قائلا:" ولما فتح الختم الخامس رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التى كانت عندهم. وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضى وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض. فأعطوا كل واحد ثيابا بيضا وقيل لهم أن يستريحوا زمانا يسيرا أيضا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم وإخوتهم أيضا العتيدون أن يقتلوا مثلهم. " رؤ6: 9-11 ومازال الشهداء حتى وقتنا هذا والى المجئ الثانى يواصلون الصعود الى مذبحهم فى عرش الله.
يسمى رأس السنة القبطية بعيد النيروز وهى تسمية أطلقها الفرس عند دخولهم مصر وفى احتفالهم بالتقويم القبطى أسموه النيروز ومعناه اليوم الجديد ( نى روز )
أول توت هو أول يوم فى السنة القبطيةوجاء فى السنكسار عنه انه فى هذا اليوم استحم أيوب الصديق بالماء فبرئ من أوجاعه فصارت عادة مستمرة مع عيد النيروز ان يستحم الناس ليتباركوا بالماء فى رأس السنة القبطية.
التقويم القبطى كالتقويم اليوليانى ( نسبة الى يوليوس قيصر) قائم على اساس السنة 365 يوما , ولكنها فى الواقع 365 يوم و 5 ساعات و 48 دقيقة و46 ثانية فيكون الفرق 11 دقيقة و14 ثانية كل عام وقد بلغت هذه الزيادة حتى القرن العشرين 13 يوما ( وهذا هو الفرق الذى من اجله تعيد الكنائس الأخرى بعيد الميلاد فى 25
ديسمبر ) ولكن مجمع الكنيسة القبطية قرر فى عام 1959م ان تستمر الأعياد القبطية وفقا للتقويم القبطى ومعها كنائس أرثوذكسية كثيرة مثل كنيسة روسيا وغيرها إختارت التقويم القبطى لتعيد أعيادها وفقا له.
والنيروز عيد قومى أحتفل به فى جميع العصور ولم يرتبط بالدين الا فى العصور الحديثة فقد ظل التقويم القبطى معمولا به منذ مئات السنين وكان يوم عطلة رسمية تتعطل فيه اعمال الحكومة فى يوم النيروز .
لما تولى سعيد باشا حكم مصر سنة 1854م جعل تاريخ الأقباط هو التقويم الرسمى للحكومة ولمصر كلها إعتبارا من 7 يولية 1855م وظل معمولا به 20 عاما حتى أحل اسماعيل باشا التقويم الغربى محله من عام 1875م ومن ذلك اليوم سار الاحتفال بالنيروز مقصورا على الأقباط, ولكن مازالت فلاحة مصر تسير حسب التقويم القبطى حتى يومنا هذا.
ونقدم هنا مطلب رسمى للحكومة المصرية ان يكون يوم رأس السنة القبطية عيدا قوميا للمصريين جميعهم تتعطل فيه الأعمال ويكون إحتفالا قوميا وفاء لشعب مصر وتراب مصر المخلوط بدم الشهداء.
فى هذا اليوم نتذكر بكل فخر أننا أحفاد الشعب الذى قدم أكبر عدد من الشهداء فى العالم كله من أجل المسيح ولأجل المسيح , وأقرأو السنكسار لكى يكون فخركم دائما.
وياأحبائى فى كل مكان كل سنة وأنتم طيبين ونصلى دائما لرب المجد طالبين منه " بارك إكليل السنة بصلاحك" وبارك شعبك مصر الذى سطر للعالم بدمه حقيقة وقوة الإيمان المسيحى دون باقى العالم المسيحى‘ وسطر بدمه الغالى الثمين تاريخ وتقويم مصر.وأذكروا معى ماحدث يوم 14 أغسطس 2013 ‘اليوم الذى لم يشهد له مثيل وأثر قريب فى تاريخنا الحديث ‘ يوم قام الإرهاب الإسلامى على كنائس مصر يحرقها ويدمرها على مرأى من العالم المتمدين ‘ والأقباط فى إيمانهم المستقيم لم يردوا على المعتدين ‘ ولعل لسان حالهم يقول مع ربنا يسوع المسيح "وأبواب الجحيم لن تقوى عليها."
.
وهناك محاولات يبذلها الانبا تواضروس الثانى مع بطاركة العالم لتوحيد تاريخ الأعياد المسيحية وأولها عيد القيامة المجيد ‘ وقد يلحقة عيد الميلاد لاحقا ‘ولابد ان تتوحد الاعياد مهما اختلفت التقاويم ‘ والتقويم القبطى يمكن توافقه مع التقويم الميلادى حتى تتوحد الاعياد‘ وتتوحد القلوب فى كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية. ولإلهنا المجد الدائم .آمين