الأقباط متحدون - نظرة متأنية ... حول قانون بناء وتعمير الكنائس
أخر تحديث ٠٣:٤٨ | الاثنين ١٢ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٢ | العدد ٤٠٤٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

نظرة متأنية ... حول قانون بناء وتعمير الكنائس

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 بقلم : د . مجدى شحاته
يهدف تشريع أى قانون الى تنظيم وتقنين علاقة معينة بين الشعب و الدولة  ، أو مواجهه مشكلة ما بغرض خلق نوعا من التوافق المجتمعىبين المواطنين أو بين المواطنين والدولة . وبعد التشريع يتطلب الامر ايجاد الضمانات الكافية والاليات الضرورية لتفعيل وتطبيق القانون عمليا على أرض الواقع .

والاهم من تلك الضمانات أو الاليات ، لابد من وجود وتوافر الوعى الجماهيرى والقبول الشعبى عند تنفيذ القانون فعليا على أرض الواقع دون مشاكل أو معوقات . منذ أسابيع قليلة وافق مجلس النواب المصرى بالاغلبية على قانون بناء وترميم الكنائس والذى توافق عليه ممثلى الكنائس الثلاث بعد دراسة شاملة من قبل مستشارى الكنائس تضم خبراء فى القانون وفنيين متخصيصين . ومنذ أيام قليلة ماضية أشاد مركز كنائس الشرق الاوسط بالقانون الجديد ونال تأييد كامل من كل ممثلى الكنائس أثناء انعقاد المجلس فى العاصمة عمان بالاردن .

جاء القانون بديلا عن قانون بناء دور العبادة الموحد كما كان مفترضا من قبل ( سبق أن أيدت وطالبت بقانون دور العبادة الموحد فى مقال سابق نشر فى أكثر من موقع ) حيث أن اصدار قانون خاص ومميز لبناء الكنائس يمكن اعتباره نوعا من أنواع التمييز الطائفى أو الفرز النوعى لا يتوافق مع مفهوم المواطنة الكاملة  والنص الدستورى للمادة 35 من الدستور المصرى والتى تنص على : " المواطنون لدى القانون سواء ، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الاصل أو العرق  أواللون أو اللغة أو الاعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجفرافى أو لاى سبب آخر . التمييز و الحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون . تلزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز . وينظم القانون انشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض . "

واجه القانون موجة من الجدل ، وجملة آراء متباينة مابين مؤيد ومعارض باعتبار أن القانون يحمل بين مواده ايجابيات وسلبيات والتى كانت محور الجدل . وبكل الاحوال لابد الاشادة واحترام كل الاراء والاختلاف فى وجهات النظر من اجل البنيان ، فكلها امور طبيعية وظاهرة صحية وخطوة ايجابية على طريق الديمقراطية .مع العلم ان الطعن على دستورية بعض مواد الدستور أمرا مطروحا ، بشرط تفعيل وتنفيذ ألقانون على أرض الواقع ، وعند ظهور مشكلة محددة واضحة أثناء التطبيق يمكن الاعتراض رسميا وقانونيا واحالة القانون الى المحكمة الدستورية العليا ، والتى يمكن أن تفصل وتصدرحكمها فىهذا الشأن فى حالة ظهور أى خطأ فى التنفيذ على أرض الواقع . ان اقرار قانون بناء وترميم الكنائس بأى شكل من الاشكال ، فهو قانون له طابع خاص نظرا لارتباطه بالناحية الدينية

يحتاج مزيد من الجهد و آليات ومناخ هادئ خاص ،يسودة الشفافية والتسامح  وقبول الاخر فى ظل المواطنة الكاملة حتى يمكن تنفيذه بسهولة  وبدون عقبات . من هذا المنطلق يتطلب الامر ضرورة وحتمية اعداد الظروف وتهيئة المناخ الملائم فى الشارع المصرى حتى يتفهم المواطن البسيط مفهوم القانون وأحقية تطبيقه ، ويكون هناك توافق شعبى على ماجاء فيه ليسهل تفعيله عمليا دون مشاكل أو مضايقات ، من هنا تأتى أهمية بل وضرورة تعميق وترسيخ مبدأ المواطنة الكاملة لكل المواطنين وغرس مبادئ المحبة وقبول الاخر واحترام عقائد وتقاليدالغير وليس بالضرورة الاعتراف بها ، وان الاختلاف هو سنة الحياة ، وذلك تطبيقاللمادة الدستورية رقم 64 والتى جاء فيها : " حرية الاعتقاد مطلقة ، وحرية ممارسة الشعائر الدينية واقامة دور العبادة لاصحاب الديانات السماوية حق ينظمه القانون . "ان تطبيق هذه المادة الدستورية هى مفتاح حل كافة المشاكل المتراكمة عبر عقود طويلة والمتعلقة بموضوع بناء الكنائس  فان الحل لاينحصر فقط فى تشريع القوانين وتفعيلها بالقوة الجبرية ثم فرض حراسات أمنية على أبواب الكنائس المحاطة باسوار لحمايتها كأنك داخل سكنة عسكرية .

الامر يتطلب مزيد من الجهد والعمل الجاد من كل أجهزة الدولة وكافة مؤسساتها العريقة  ، لترسيخ وتكريس مفهوم المواطنة الكاملة لكل ابناء الوطن ، ونبذ الكراهية وقبول الاخر واعلم علم اليقين ان المشوار طويل وشاق لتحقيق ذلك ، ولكن رحلة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة  .... فعلينا أن نخطوا خطوات ايجابية فىرحلة المواطنة الكاملة لصالح وطننا مصر الذى نحبهمن كل القلب ... اولا : لابد من اعادة تنظيم وهيكلة منظومة التعليم بكل مراحله بدءا من الحضانة الى الجامعة، والتى تشمل تأهيل المعلم ، اعداد التلميذ والطالب ، واعادة النظر فى المناهج والمقررات الدراسية وتنقيتها من كل ما يحث على الكراهية وعدم قبول الاخر . ثانيا : الاعلام المصرى بكل أنواعه فى حاجة الى ثورة شاملة لضبط ايقاع هذا الجهاز الحيوى الخطير والذى يلعب دورا فعالا فى وجدان ومشاعر الناس ، مع تخصيص وزارة للاعلام لمراقبة وتنقية كل مايرشح من وسائل الاعلام  ،وليس القصد مصادرة  فكر أو حظر رأى .. ولكن ما وراء القصد ، هو تحريم وتجريم كل ما يحث على الكراهية وعدم قبول الاخر . واحقاقا للحق  ينبغى أن نقر بكل أمانة وصدق ،انه يوجد من الاعلاميين العظام المخلصين للوطن من أصحاب الاقلام الحرة الوطنية ، وآخرون خلف الكاميرات على القنوات الفضائية ، يساهمون بكل الشجاعة والشفافية والصدق والامانة فى دعم وترسيخ المواطنة  الكاملة لهم كل التقدير والاحترام  . ثالثا : ضرورة اتخاذ اجراءات فاعلة ونافذة وحاسمة بغرض تعديل مسار الخطاب الدينى وهو المطلب الذى طالب به السيد الرئيس أكثر من مرة . رابعا : القضاء على البطالة ورفع مستوى المعيشة ، وهذا ماتسعى اليه الدولة بكل الجهد من خلال اقامة المشروعات القومية العملاقة خلال العامين الماضيين ، علما ان الفقروانخفاض مستوى المعيشة ليس بالضرورة سببا من اسباب التطرف الدينى كما يعتقد البعض .

واذا كنا نحترم مبدأ الرأى الحر  ونثمن اختلاف وجهات النظر حول القانون مثار الجدل ، الاأن هذا لا يعطى الحق مطلقا لمن يدعون غيرتهم على الكنيسة والرافضون للقانون أن يتخذوه زريعة للتطاول ومهاجمة القيادات الكنسية الثلاث بصورة غير لائقة وشن حملات من التشكيك فى مصداقية الكنائس ، وكلها ما هى الا محاولات لاثبات الذات أو ومن باب الوجاهه الاجتماعية ،الامر الذى يؤدى الى انقسام وانشقاق فى شعوب الكنائس ، فما الفائدة من المطالبة بكل الحماس لبناء الكنيسة الحجر، فى نفس الوقت الذى نهدم فيه الكنيسة البشر ؟؟؟ ان شعوب الكنائس الثلاث ، والقيادات الدينية طرفين فى المعادلة  ، لايمكن تجاهل أى منهما والكنائس الثلاث لهم المستشرين والخبراء والقانونيين أجرواالتشاور و الدراسات اللازمه والكافية وليس كما روج البعض ان الكنائس كانت قد وافقت من قبل على عدم وجود الصليب والاجراس علىمنارات الكنائس!!  تلك الشائعات التى تزيد من اشعال الفتنة والفرقة بين القيادات الكنسية و الشعب المسيحى . والكل يعلم علم اليقين ، يؤمن كل الايمان أن " ابواب الجحيم لن تقوى عليها " ان قانون بناء وترميم الكنائس تدريب عملى لمدى صلابة الكنيسة من الداخل ووحدة ابنائها،عليناأيها الاحباء  بالرجوع الى صلاة السيد المسيح له كل المجد ليلة آلامه والتى تعبر بقوة عن فكره الطاهر حينما  قال :  " ليكون الجميع واحد كما أنك انت ايها الاب فى وأنا فيك ليكونوا هم أيضا واحد فينا "فلتكن صلاة رب المجد يسوع تدريبا عمليا لنا... " ليكون الجميع واحدا " هذه  هى الدعامة الاساسية لبناء الكنيسة الحجر والبشر .... مبارك شعبى مصر  ... وتحيامصر .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع