الأقباط متحدون - برلمان عبدالعال
أخر تحديث ٢٠:٠٩ | الثلاثاء ١٣ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٣ | العدد ٤٠٥٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

برلمان عبدالعال

برلمان عبدالعال
برلمان عبدالعال

سعيد السني
بأسلوبه اللاذع، تناول الزميل الإعلامي والكاتب الصحفي حمدي رزق في مقاله اليومي (7، و8 سبتمبر الجاري) بصحيفة «المصري اليوم»، بالنقد قضية خطيرة وصفها بأنها تمس نزاهة مجلس النواب، وهي إعفاء أعضائه من ضريبة «كسب العمل».. بدا «رزق» مندهشاً ومذهولاً بشدة من تورط البرلمان في تشريع هذا «الاستثناء الضريبي» لنفسه، وهو ما لخصه في عنوان مقاله بأنه «لم يحدث في تاريخ البرلمانات السابقة»، كما استهجن «رزق» مخالفة هذا الاستثناء الضريبي للدستور والقانون، الذي يضرب مبادئ المساواة والعدالة في مقتل، ولا يجوز أن يصدر عن برلمان يرأسه الدكتور على عبدالعال، «بصفته رجل قانون.. معلوم أن المجلس استغرق شهوراً ثلاثة في إعداد لائحته الداخلية، ثم أصدر بها رئيس الجمهورية القانون رقم 1 لسنة 2016، وصار نافذاً منذ نشره بالجريدة الرسمية في إبريل الماضي.

لم تتوقف مهازل البرلمان على ما ذكره «حمدي رزق».. فقد ارتكب «البرلمان» خطايا دستورية وقانونية أخرى في «اللائحة الداخلية»، بأن خاصم الشفافية وفرض تعتيماً على المبالغ والبدلات المقررة للعضو، وخلت اللائحة كلها من تحديد مبلغ «المكافأة الشهرية»، التي جعلها قانون مجلس النواب خمسة آلاف جنيه بخلاف البدلات (مادة 34).. عبدالعال وبرلمانه لم تعجبهم الآلاف الخمسة، وقرروا رفعها إلى 15 ألف جنيه، وحتى لا تصطدم اللائحة، وتتعارض مع الدستور وقانون مجلس النواب.. فإن صُناعها لجأوا إلى التعمية، والتعتيم سالف الذكر بأن فوضت اللائحة «مكتب المجلس» في تحديد المبالغ التي تصرف للأعضاء كبدلات ولتغطية نفقاتهم (مادة 427)، وربما أن هذا يفسر زيادة المخصصات المالية لـ«المجلس» إلى قرابة المليار جنيه سنويا، وإدراجها في موازنة الدولة «رقماً واحداً» بغير تفاصيل، ودون رقابة جهاز المحاسبات، بالمخالفة مرة أخرى للدستور، الذي لم يستثن مجلس النواب من الرقابة المالية للدولة، مثلما لم يمنحه حق زيادة المكافأة الشهرية إلى 15 ألف جنيه، كما لم يعفِ الأعضاء من الضرائب على الدخل.

لقد لمس الكاتب «رزق» جرحاً غائراً ينال من قيمة وهيبة هذا البرلمان الذي يمكن وصفه بكل ارتياح واطمئنان بأنه «برلمان عبدالعال».. فرغم أن ميلاده جاء من رحم ثورة 30 يونيو التي ناهضت كما ثورة 25 يناير، الاستبداد والظلم والفساد والمحسوبية والتمييز والاستثناءات وغياب العدالة الاجتماعية.. فإن الآمال المعقودة على هذا البرلمان للإصلاح والتغيير، راحت تضمحل وتتبدد وتتلاشى وتصير سراباً.. إذ أبى الدكتور «عبدالعال» أن يكون برلمانه موازياً للشعب.. وفياً للثورة التي أتت به.. يمارس دوره الرقابي على أهل الحكم فينا، ويسن التشريعات اللازمة لتفعيل الأماني وأحلام اليقظة التي عاش فيها أهل مصر، لتجسيدها واقعاً يدفع البلاد للأمام.. لكن عبدالعال اختار لبرلمانه أن يكون مجرد شكل ديكوري يضر أكثر مما ينفع.. حكومياً بأكثر من الحُكام، وملكياً أكثر من الملك نفسه كما يقولون.. لعلنا نتذكر في يوليو الماضي، حين تداخل النائب محمد أنور السادات مستخدماً حقه الدستوري في مناقشة قانون زيادة معاشات العسكريين.. فإن «عبدالعال» انتفض وهاج وماج، وكأن عقرباً قد لدغه، وراح يوبخ السادات، وكاد ينزع عنه قميص الوطنية، مثلما فعل عبدالعال في مواجهة «نائب سوهاجي» أبدى اعترضاً على فرض 10 جنيهات رسوماً على كل ورقة أو شهادة تصدر من المحاكم، لصالح صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية للقضاة، مذكراً النائب بالحذر في الحديث عن «أصحاب المقام الرفيع»، رغم أن رواتب السادة القضاة عالية، ويتقاضى الواحد منهم ثلاثة آلاف جنيه شهرياً «بدل علاج» فقط ناهيك عن بدلات وامتيازات أخرى ومنح في الأعياد والمناسبات، بحيث أن أول راتب مع البدلات لمعاون النيابة فور تعيينه قد يصل إلى 20 ألف جنيه.. بينما تتعالى صرخات عموم المواطنين ألما وقهراً وقلة حيلة من انعدام الخدمات الصحية وغلاء الأسعار بجنون طال حتى الدواء، وكثرة الإتاوات والرسوم الضرائب، وارتفاع فواتير الكهرباء والمياه، وضريبة القيمة المضافة، وغيرها، والقادم أسوأ، وكله بمباركة «عبدالعال» وبرلمانه، بدلاً من أن يكون حائط صد لحماية الشعب من جبروت واستبداد حكومة فاشلة لا تخلو من فاسدين كبار، إلى حد أن هذه الحكومة تتيه فخراً بعجزها الاقتصادي، وتعتبر موافقة «صندوق النقد الدولي» على إقراضنا شهادة ثقة، مع أن هذا «الصندوق» يحمل معه الخراب والاضطرابات الاجتماعية، أينما حلَّ، وحكاية اليونان معه قريبة وليست بعيدة وما زالت ماثلة بالأذهان.

أتمنى لو أن الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، وبرلمانه لزموا حدود الدستور، وعرفوا أنهم يمثلون الشعب وليس الحكومة.. وليتوقف هو عن انتهاك حرمات الدستور، لا سيما أنه لا يكف عن تذكيرنا من آن لآخر بأنه واحد ممن كتبوا الدستور.
نسأل الله السلامة لمصر.

Saidalsonny2@gmail.com


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع