بقلم: عـادل عطيـة
كانت أوراق الروزنامة، تتساقط يوماً بعد يوم، معلنة عن قرب عيد الذبح العظيم!
والرجل المسكين، يفكر في كيفية استقباله بما يليق به؛ فهو لا يملك سوى الستر والغطا، ولا يملك سوى حنجرته، التي استطاع توظيفها بغبغائياً، بتقليد صوت الخروف العزيز، لزوم مسامع الجيران، ولم يجد حرجاً في ذلك أمام ذاته المتضائلة، معتبراً أن يكون صوتاً للخروف، أفضل بكثير من أن يصبح هو خروف إنساني، تذبحه داعش كما في أماكن كثيرة من العالم!
لكن التقليد الأعمى، لا يخلو من المعصية والأذية، ويكون كمن جاء يكحلها فعماها، عمى الدبب!
فمنذ المأمأة الأولى، والجيران يطرقون على بابه، الواحد تلو الآخر، يباركون ويهنأون الرجل على الخروف الذي يملأ حسه المكان والخيال، والكل يغمز ويلمز مرتجياً ـ عند ذبحه ـ أن ينال منه قسمة ونصيباً، طالما رآها عند الجزار، ولم يقدر على دفع مهرها، وتذوقها!
مصيبة، قالها الرجل، مخاطباً نفسه المتورطة في ذات الكذب، ومتسائلاً: ماذا أنا فاعل عند مجيء موعد الذبح؟.. فهو يعرف أنه لا بد وأن يظهر على حقيقته: من زمرة المنكسرين، والمهانين!
قبل ساعات من اكتشاف الحقيقة، ذهبت السكرة، وجاءت الفكرة ـ ومجبر أخاك لا بطل ـ، وأتى الرجل بشوال يناسب حجم الخروف، وحشاه بالنفايات، ونزل به على السلم؛ ليرميه إلى حيث مثواه الأخير، تودعه زوجته بتعديدات كتاب الموتى، وتزفه بالصوت الحياني: يا لهوتي!
والجيران يتابعون المشهد المأسوي، ويذرفون كلمات المواساة على نفوق الخروف المفاجيء، الذي فاجأته المنية، قبل أن يحضر حفل زفافه إلى السكين، ويفرحون به!