تتوالى الأنباء من العراق وسوريا التى تفيد بتراجع تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش» على أثر الضربات الجوية التى توجهها طائرات التحالف الدولى من ناحية، وبفعل الحيوية التى دبت فى صفوف القوات العراقية والبشمرجة الكردية، وأيضاً قوات النظام السورى. وأكد مسئولون عراقيون أن تنظيم الدولة سوف يتراجع تماماً ويصبح من الماضى بانتهاء عام ٢٠١٦، أما وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى فقال إن هزيمة تنظيم الدولة سوف تستغرق شهوراً معدودة. يأتى هذا فى الوقت الذى أعلن فيه تنظيم الدولة أنه لا صحة لما سبق أن أعلنوا عنه من وجودهم فى «ولاية سيناء»، مؤكدين عدم وجودهم فى أى مكان فى مصر.
فى الوقت نفسه يواصل الجيش الليبى عملياته للقضاء على أخوات داعش على الأراضى الليبية، حيث تواصل قوات الجيش الليبى عملياتها ضد عناصر «فجر ليبيا» وأنصار الشريعة فى طرابلس وبنغازى ودرنة وغيرها من المدن الليبية.
ويبدو واضحاً أن «داعش» هو التنظيم الأكثر نجاحاً من بين التنظيمات الإرهابية، فقد حقق هذا التنظيم تقدماً كبيراً فى العراق وسوريا وبات يسيطر على مساحات شاسعة من أراضى البلدين وحقق تقدماً على حساب القوات العراقية والسورية ووصل إلى درجة من الخطورة، بحيث اقتضى الأمر تحالفاً دولياً لوقف تقدمه أولاً ومواجهته ثانياً. أما التنظيمات الشقيقة، فلم تحقق أى نجاح يذكر فى مصر رغم أن مرسى قدم لها شبه جزيرة سيناء لتكون ملاذاً آمناً لعناصرها وساعدها فى امتلاك كافة أنواع الأسلحة لا سيما الثقيلة، كما تدفق عليها السلاح من السودان وليبيا وقطاع غزة.
يرجع السبب الرئيسى فى الفارق بين حالتى العراق وسوريا من ناحية، ومصر من ناحية ثانية إلى عامل الجيش الوطنى، ففى العراق أقدمت قوات الاحتلال الأمريكى البريطانى على حل الجيش العراقى وتسريح عناصره عقب الاحتلال عام ٢٠٠٣، وصبغت التشكيلات المسلحة التى ظهرت لاحقاً بالصبغة الطائفية على النحو الذى أوجد مظالم هائلة لعبت دوراً كبيراً فى ظهور داعش وحصولها على دعم بعض العشائر السنية نكاية فى السياسات الطائفية، أما فى سوريا فإن الأساس الطائفى للنظام، ومن ثم الجيش السورى أدى إلى انشقاقات داخل صفوف الجيش، ومن ثم وجدت داعش الأرضية ممهدة للسيطرة على مساحات كبيرة من سوريا.
أما فى مصر فقد كانت الحالة مختلفة تماماً نظراً لطبيعة الجيش المصرى الوطنية، فلا يوجد أساس دينى أو طائفى أو عرقى لتكوين القوات المسلحة المصرية، فهو جيش وطنى، جيش الشعب، مكون من كافة فئات وطبقات الشعب، له دور تاريخى فى نشأة الدولة المصرية الحديثة والحفاظ عليها، وتاريخه يقول إنه جيش الشعب، ولم يسبق أن وقف ضد رغبات الشعب وتطلعاته أو ترك الشعب يتعرض للتهديد فى أى وقت. من هنا فإنه رغم وصول التنظيم الأم لكافة الجماعات الإرهابية فى العالم إلى السلطة فى مصر، ورغم محاولات التنظيم استهداف الجيش ومحاولة استنساخ تجربة «الجيش الحر» فإن القوات المسلحة المصرية ظلت متماسكة وخاضت معارك شرسة ضد الجماعات الإرهابية فى سيناء وآمنت مصر والمصريين خلال المواجهات مع الجماعات الإرهابية، وتلعب اليوم دوراً مهماً فى مساعدة الجيش الليبى على هزيمة أخوات داعش على الأراضى الليبية، وهو التحدى الأبرز اليوم للأمن القومى المصرى، حيث تشير تقديرات استخباراتية غربية إلى وجود آلاف الدواعش على الحدود المصرية الليبية يبحثون عن مفر من الضربات الجوية الغربية ويتطلعون إلى دخول الأراضى المصرية مترامية الأطراف، فى نفس الوقت بدا واضحاً أن «داعش» باتت فكرة أكثر منها رابطة تنظيمية، ومن ثم يمكن أن يعتنق أنصار الجماعة والتيار السلفى الفكر الداعشى فى أى لحظة ويرتكبون الجرائم على أرض الوطن وضد الشعب الذين هم جزء منه أو كانوا جزءاً منه وانفصلوا عنه.
نقلا عن الوطن