وزير النقل الدكتور جلال السعيد، خرج بـ«تصريح تمهيدى» يتحدّث فيه عن زيادة سعر تذكرة المترو، قال فيه إن سعر التذكرة لم يطرأ عليه تغيير منذ عام 2002، بينما تضاعفت مصروفات التشغيل والتأمين والنظافة والمرتبات والكهرباء أكثر من 500% خلال هذه الفترة، لافتاً إلى أن السعر الحالى للتذكرة لا يُغطى سوى 8% فقط من التكلفة الكلية، ونظراً إلى أهمية الدور الذى يؤديه مرفق المترو، فإن الحفاظ على استمرارية الخدمة وتوفير متطلبات الصيانة وقطع الغيار يتطلب النظر فى تحريك السعر بنسبة محدودة. كلام الوزير صحيح، فلست أستبعد أن يكون السعر الحالى للتذكرة لا يُغطى سوى 8% فقط من التكلفة الكلية، لكن هذا الكلام ينطبق عليه من ناحية أخرى قول الشاعر «حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء».
حساب سعر التذكرة للمترو بناءً على التكلفة الكلية يؤدى بنا إلى نتيجة مضللة، شأن حساب سعر أى سلعة أو خدمة فى التجربة المصرية، طبقاً لهذه المعادلة. التكلفة الكلية لأى سلعة أو خدمة فى مصر يدخل فيها الكثير من الأموال المتسرّبة عبر الفساد، وسوء الإنفاق، والعمليات التى تتم «من تحت الترابيزة»، فى مسائل الصيانة والتشغيل. على سبيل المثال نشرت عدة مواقع صحفية وإعلامية -خلال شهر أبريل الماضى- خبر القبض على رئيس القطاع المالى بمترو الأنفاق، أثناء تلقيه رشوة داخل مكتبه برمسيس. وقيل إن المتهم تم ضبطه بعد تسجيل الواقعة بالصوت والصورة، وأثناء طلبه رشوة من إحدى الشركات الخاصة العاملة بمشروعات خطوط المترو الجديدة، ليس معنى ذلك بالطبع أن نتهم كل القيادات المسئولة عن المترو، لأنه من المؤكد أن بينهم شرفاء، لكن ذلك لا يمنع أيضاً من وجود خبيث أو أكثر فى ما بينهم، يُهدر المال أحياناً، ويستولى عليه بغير حق فى أحيان أخرى، ويستفيد من منصبه فى التربُّح، بإرساء المناقصات على شركات معينة، تتولى القيام بمهام خاصة لصالح مرفق المترو.
من هنا، أجد أن حساب سعر التذكرة بناءً على التكلفة الكلية التى يدخل فيها الرشوة والإهدار وأنواع الفساد المختلفة فيه ظلم للمواطن، فليس من العدل أن يتحمّل الراكب تكلفة فساد المرفق، ضمن سعر تذكرة الركوب. مؤكد أنك استمعت إلى التقديرات السماوية للسعر الحقيقى لتذكرة المترو، فبعض المسئولين يقولون إن السعر الحقيقى للتذكرة 10 جنيهات، وطبقاً لحسبة وزير النقل فإن السعر يقترب من 13 جنيهاً، والأعجب أنه طبقاً لدراسة أعدتها وزارة النقل، وسبق أن نشرها موقع «المصرى اليوم»، يبلغ سعر التذكرة 25 جنيهاً.. تصور!. الحسبة بهذه الطريقة تعنى تحميل المواطن فاتورة الفساد والعمالة الزائدة وغير ذلك من مشكلات ترتبط بأداء الوزارة. وهو أمر غير عادل بالمرة، لذلك أتوقع أن تكون نسبة الزيادة فى سعر تذكر المترو محدودة، كما قال الوزير، لكن هذا الارتفاع المحدود يعنى أن الوزارة أخذت حقها أو الجزء الأكبر من حقها من المواطن، وعليها ألا تعايره بعد ذلك بالكلام عن دعم التذكرة، وخير لها أن تلتفت إلى محاربة وطاويط الفساد التى تمسك بخناقها، وتفهم أنها بصدد الحديث عن تذكرة المترو وليس تذكرة داود..!.
نقلا عن الوطن