الأحد ١٨ سبتمبر ٢٠١٦ -
٢٢:
٠٦ م +02:00 EET
علي عبد العال ونوربرت لامرت
د. مينا ملاك عازر
تقول الأسطورة أنه حينما ألتقى الدكتور علي عبد العال رجل القانون الدستوري وواحد ممن كلفوا بصياغة وليس كتابة الدستور المصري، والنائب المعين في مجلس النواب ورئيس مجلس النواب المعين مضموناً المنتخب شكلاً بنوربرت لامرت الذي شغل منصب سكرتير الحكومة البرلماني في تسعينات القرن المنصرم، ونائب البوندستاج في العقد الأول من القرن الحالي، والنائب عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والرئيس المنتخب من عام 2009 للبوندستاج الألماني، أقول أن الأسطورة تقول أنهما حينما التقيا،
سأل الدكتور عبد العال نظيره البرلماني المنتخب وبعد السلامات والتحيات "إنت إزاي تطرد واحدة من أصحاب المقام الرفيع!!" فسأله نوربرت عمن تتحدث يا صديقي؟ فقال المستشارة إنجيلا ميراكل، كيف تطردها من جلسة مجلسكم الموقر وهي من أصحاب المقام الرفيع!!!؟ فاندهش نوربرت لامرت وقال له أي مقام رفيع؟ فدستورنا لا يؤمن بأن ثمة أحد له مقام رفيع، وأن أحد مميز عن الآخر، الكل يطبق عليه القانون، ثم من أين لها بالمقام الرفيع هذا؟ فعاجله عبد العال ألا تعلم يا رجل أن رجال القضاء من أصحاب المقام الرفيع، فابتسم نوربرت ابتسامة لها مغزى لا داعي لشرحها هنا، وقال ولكن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ليست من هؤلاء القضاة، كما أن القضاة عندنا ليسوا من أصحاب المقام الرفيع بل هم الأولى بأن يكونوا في مساواة مع الشعب، وكاد نوربرت أن يسأل سؤال مجرماً، عن سر تمييز رجال القضاء في بلاد عبد العال؟ لكن عبد العال سأله سؤال تبدو فيه اللهفة حين قال إذن لماذا تعطونها لقب مستشارة؟ ألعلها كانت من رجال القضاء ثم أقيلت أو استقالت وفتحت مكتب محاماة!؟
فاتسعت ابتسامة لامرت ذات المغزى التي لن اشرحها، وقال لا يا عزيزي لقب المستشارية نعطيه في المانيا لمن يعادل رئيس الجمهورية عندكم، فنظام الحكم لدينا حكم مستشاري يقلل من سلطات رئيس الجمهورية، فابتلع عبد العال ريقه حين ذكر رئيس الجمهورية في بلاده وأخذ في التراجع للوراء حتى كاد أن يسقط من على المنصة لولا يد غليظة أمسكت به وصوت رخيم أتاه من صاحب اليد الغليظة المربتة على كتفه في تهدئة وتهديد في آن واحد، وقال الصوت الرخيم عد للرجل في هدوء،
ولا تستمر في الحوار، فهو يقل كلام لا يصح أن تسمعه، لكن شغف عبد العال كان أكبر من أن تهدئه أو تثبطه يد غليظة أو أصوات رخيمة ممن ورائه، فعاد يسأل والحشرجة تملا صوته والتلعثم يسبق كلماته، ومن أين لك بأن تطرد رئيسة الجمهورية لديكم!!؟ فاندهش لامرت أكثر وتساءل متعجباً وما المانع في أن أطردها ما دامت لم تلتزم بالقواعد والأطر العامة للمجلس الموقر بجد، فقد قاطعت النائبة المتحدثة وهذا لا يحق لها، قفز لذهن عبد العال مشهد مقاطعته لعدد من النواب وهم يتحدثون ومنعهم من التساؤلات، وحذفه لكلمات البعض الآخر من مضبطة الجلسة لأنها لا توافق هواه وهوى من ورائه، لم يقطع استرساله لتلك المشاهد إلا ذلك الصوت الرخيم المصحوب بنفس اليد الغليظة وهي تهوى على كتفه بثقل واضح وبتهديد بيِّن، وقد كان الصوت يقول في نبرة لا تخلو من حدة، انسى حوارك هذا وإلا حصلت المستشارة الألمانية حينها، وحينها فقط قتل عبد العال شغفه وأنهى الحوار بل المقابلة وعاد أدراجه ليبق رئيساً لأعرق مجلس نواب في الشرق الأوسط للأسف.
المختصر المفيد احترام القانون واللوائح بجد هما الحل.