الأقباط متحدون - حلم الملك سُليمان
أخر تحديث ١٠:٥٠ | الاربعاء ٢١ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ١١ | العدد ٤٠٥٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

حلم الملك سُليمان

الملك سُليمان
الملك سُليمان

بقلم: ليديا يؤانس
كثير مِنْ الآباء والأمهات تكون شهوة قلوبهم،  ومُنتهي سعادتهُم،  أن يطلُب مِنهُم الأبناء شيئًا يُريدونه.

كثير من الآباء والأمهات يحُثُون أبنائهم،  علي أن يطلبُوا ما يُريدون،  حتي ولو كان أكبر من إمكانياتهم عملياً أو ماديًا.

أيضًا .. الرب شهوة قلبُه أن نسأل ونطلُب،  لإن ذلك مُنتهي الحُب،  فالأحباء يسألون،  والمُحِب يمنح محبته بسخاء في شكل تحقيق رغبات أحبائه.

قد يتبادر إلي الذهن أنه حينما نسأل الله يجب أن تكون طلباتنا طلبات روحية فقط،   هذا ليس صحيحًا،  لأن الله يعلم أننا مازلنا نحيا في العالم،   ولذِا مُمكن أن تكون طِلباتنا مُرتبطة بحياتنا في هذا العالم.

قد يقول البعض،  أن بعض الناس سوف يطلُبون طلبات لا تتناسب أبداً مع وصايا الله،  وهنا أقول أن الله يستجيب لِما يراه صالحًا للشخص وللمُجتمع وفي نفس الوقت يتفق مع قانون الله وناموسه.

وعلي هذا الأساس يحثُنا السيد المسيح علي أن نسأل،  ونطلُب،  بل ونقرع أيضُا،  بدون أي شرط فيقول في (متي 7:7)
إسألوا ..  تُعطوا
إطلبوا .. تجدوا
إقرعوا .. يُفتح لكُم.

أنه مِنْ محبته لنا يُريدنا أن نتشجع ولا نهاب أن نسأل الله لإحتياجاتنا،  بل أعطي لنا كُل السُبل والوسائل المُمكنة لكي نشِدْ إنتباه الله،  بأننا نُريد هذا الطلب،  ولدينا الإصرار،  في أن يستجيب لنا.

فنحن نسأل مُجرد سؤال عن تحقيق رغبتنا،   وإذا لم يُظهِر الرب إستجابة،  يجب علينا الإلحاح في الطلب،  وإذا تباطأ في الإستجابة،  وجب علينا القرع،  علي باب أذنيه صارخين يارب أمل أذنك وأستجب لطلباتنا،  وفي النهاية عملية الإستجابة أو عدم الإستجابة تخضع لمشيئته!

من محبة المسيح لنا أنهُ يسير معنا،  مُمسكًا أيادينا المُرتعشة،  ناظرًا إلي خطواتنا المُتوجسة،  وشكوكنا وعدم ثقتنا،  بأنه رُبما لا يليق أن نسأل الرب هذا السؤال،   أو رُبما أنه لا يستجيب،  ولكننا نجدهُ يُشجعنا ويطرد التوجُس من نفوسنا ويُعاتبنا قائلاً: الي الآن لم تطلبوا شيئا باسمي أطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملًا (يوحنا 24:16).

في بعض الأحيان قد يكون الرب أكثر كرمًا مع شخص مُعين يُحبه،  فيأتي إليه بنفسه ويسأله أن يطلب مايُريد وسيُنفذ له ما يُريد!

لقد أحب الرب داود النبي،  الرب ليس عنده مُحاباة الوجوه،   ولا تحيز لإنسان عن آخر،  ولكن الله فاحص القلوب والكُلي وليس كلمات اللسان،  الله قادر علي فحص محبة الإنسان له،  حتي ولو لم يذهب لدور عبادة،  حتي ولو لم يرفع يديه مُهللاً مُكبرًا،  حتي ولو لم يرشِمْ نفسُه بعلامة الصليب،  وحتي ولو لم يُلون جسده بالتتو حافرًا  الكلمات أو الرسومات أو الصلبان علي جسده!

قد تُضلل الناس وتضحك عليهُم،  بمظهرك الخارجي،  ولكنك سوف لا تخدع الله لأنه يفحص قلب الإنسان وليس مظهره.

بالرغم من خطايا داود النبي العديدة،  إلا أن الله كان يفحص قلبه ويعرف مدي محبته لله وللناس،  ولذا شهد له الرب في (أعمال 22:13)  قائلاً:  وجدت داود بن يسي رجلًا حسب قلبي الذي سيصنع كل مشيئتي.

أيضًا الرب أحب سُليمان ابن داود،  فيقول الكتاب في (صموئيل الثاني 12: 24-25): عندما ولدت بتشبع إبنًا لداود،  دعا اسمه سُليمان والرب أحبه وأرسل  بيد ناثان النبي ودعا اسمه يديديا من أجل الرب.

سُليمان معناه "سالم"  أو  "صانع سلام".
الرب قد أحب سُليمان،  ولكنه أعطاه إسمًا آخر،  فدعا اسمه "يديديا"  أي "محبوب الله"،  وبعدما أصبح سليمان ملكًا علي بني إسرائيل،  ظهر له الرب في حلم ليلًا،  ليُقدم له محبته،  بأنه سيستجيب لكل طلباته،  المُهِم أن يطلب كل ما تشتهيه نفسه والرب سيستجيب!

تعالوا نشوف مدي تواضع ومحبة الله حينما جاء لسُليمان في الحلم .. وماذا طلب سليمان؟   وماذا قدم الرب لسُليمان؟

قال الله لسُليمان:  إسأل ماذا أُعطيك؟
رد سُليمان: انك قد فعلت مع عبدك داود أبي رحمة عظيمة حسبما سار أمامك بأمانة واستقامة قلب معك،  فحفظت له هذه الرحمة العظيمة وأعطيته ابنًا يجلس علي كُرسيه كهذا اليوم،

والآن أيها الرب إلهي،  أنت ملكت عبدك مكان داود أبي،  وأنا مُنذ صغير لا أعلم الخروج والدخول،   وعبدك في وسط شعبك الذي إخترته،   شعب كبير لا يُحصي ولا يُعد من الكثرة،  فإعط عبدك قلبًا فهيمًا،  لأحكُم علي شعبك،  وأُميز بين الخير والشر،  لأنه من يقدر أن يحكُم علي شعبك العظيم هذا.

فحسن الكلام في عيني الرب،

وقال له الله:  مِنْ أجل أنك سألت هذا الأمر،  ولم تسأل لنفسك أيامًا كثيرة،  ولا سألت لنفسك غِنى،  ولا سألت أنفُس أعداءك،  بل سألت لنفسك تمييزًا لتفهم الحُكم،

هوذا قد فعلت حسب كلامك،

هوذا أعطيتك قلبًا حكيمًا ومُميزًا حتي أنه لا يُكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك،

وقد أعطيتك أيضًا ما لم تسأله،  غِنى وكرامة حتي أنه لا يكون مِثلك في الملوك كل أيامك.

كانت هذه الزيارة الإلهية لسُليمان النبي الملك، لتُبين لنا مدي تواضع ومحبة الله نحو خليقته،   الله ليس ذلك الإله الذي يسير ينفُث دُخان غضبه وتكبُره علي مخلوقاته الضعيفة،   الله قد يكون في وقت من الأوقات،  نارًا آكلة،  تأكل الأشرار لكي يحمي الإنسان مِنْ ظُلم الأشرار.

الله يُحب أن يُقدم لنا محبته في شكل إستجابة لطلباتنا، فيقول لنا إسألوا ..  أطلبوا .. إقرعوا،  بل قد يضطر أن يأتي بنفسه ليقول لك شُبيك لبيك أطلب ما تُريد،   فأنا الإله المُحب الذي يتفاني في محبة خليقته، ويُعطي بسخاء،  ويستجيب لأحبائه.  


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع