الاسكندرية – ايهاب رشدى
محطة الرمل هى قلب الاسكندرية النابض ، وواحدة من أهم مناطقها فى العصر الحديث ، تظل حتى الآن شاهدة على أن الاسكندرية مدينة كوزموبوليتانية فتحت ذراعيها لجاليات وجنسيات متعددة ( يونانيون وايطاليون ويهود ) عاشوا معا فى سلام ورقى ، ولعل الصور والأفلام السينمائية المصرية قد وثقت لتلك العقود التى حملت لنا مظاهر حضارية استمرت حتى ستينات القرن الماضى قبل أن تشهد الاسكندرية المظاهر السلفية و العشوائيات والاهمال و التوك توك والبناء المخالف والتى ساهمت كلها فى دغدغة الرقى والجمال اللذين كانت تتمتع بهم المدينة العريقة .
بدأت الحياة فى محطة الرمل مع مد أول قضبان حديدية للترام فى الاسكندرية عام 1863 فى تلك المنطقة التى كانت عبارة عن كثبان رملية قبل ذلك ، وكانت محطة الترام فى البداية تحمل اسم « مسلة كليوباترا « وهى الترام التى كانت تقل المواطنين من هناك إلى محطة بولكلى الحالية .
محطة الرمل هى منطقة وسط البلد ، وكما أن هناك عمارة يعقوبيان فى القاهرة ، فان عمارة « فينسيا الصغيرة « التى صممها المعمارى الايطالى « اليسندور لوريا « فى عشرينات القرن الماضى تقع فى مواجهة محطة ترام الرمل ، حيث لوكاندة فؤاد « حاليا « وهى المكان الذى استوحى منه نجيب محفوظ أديب نوبل ، روايته الشهيرة « ميرامار « والتى تحولت إلى فيلم سينمائى لعبت بطولته الفنانة شادية دلوعة السينما المصرية عام 1969 .
وعلى بعد عدة أمتار من محطة الترام يقف مسجد القائد إبراهيم، أحد أِشهر مساجد الإسكندرية وترجع تسميته إلى إبراهيم باشا بن محمد علي باشا و قد تم بنائه عام 1948 حيث قام بتصميمه مهندس إيطالي يدعى " ماريو روسي " ويشتهر الجامع بمئذنة طويلة ذات طابع مميز ، بينما يقف فى مواجهته مبنى أنيق فخم كان المقر الاقليمى لمنظمة اليونيسيف وهو الان مركز الإسكندرية الإقليمي لصحة المرأة .
ومن أقدم الأبنية فى ميدان محطة الرمل « مبنى القنصلية الايطالية « أحد أبرز ما تركته العمارة الايطالية بالاسكندرية وهو حاليا مقر لاحد البنوك ، بناه انريكو بوفيو، عام 1880 ليقدم خدماته للجالية الإيطالية وللمصريين ، ليطل من احدى جهتيه على طريق الكورنيش ومن الجهة الاخرى على خط الترام.
ويقابل مبنى القنصلية من الجهة الجانبية حديقة محطة الرمل حيث يقف فى شموخ تمثال الزعيم الشعبى سعد زغلول الذى نحته المبدع المصرى محمود مختار ، وقام الملك فاروق بافتتاحه فى عام 1937 .
وعلى بعد أمتار من تمثال سعد زغلول يقع واحد من أشهر وأعرق فنادق الإسكندرية وهو فندق سيسيل بطرازه المعمارى الفلورنسى وقد بنى عام 1929 بتصميم المعماري الإيطالي «أليساندرو لوريا» مصمم عمارة « فينسيا الصغيرة « ويحوي الفندق مجموعة من الأثاث الكلاسيكي والتحف القديمة والأسقف ذات التصاميم المذهبة ، ومن أشهر نزلائه رئيس مصر الأسبق محمد نجيب ، ونستون تشرشل ، مونتجمري، الملك فيصل بن عبد العزيز ، أجاثا كريستي ، هنري مور ، ألفيس بريسلي ، نجيب محفوظ، ، عمر الشريف ، محمد علي كلاي ، طه حسين ، أم كلثوم ،فاتن حمامة .
وتضم محطة الرمل أيضا الكنيسة المرقسية وهى أول كنيسة تم تأسيسها فى مصر وافريقيا ، بنيت عام 1870 على الطراز البيزنطى ، فى نفس المكان الذى تأسست به الكنيسة الاولى فى القرن الاول الميلادى ، ثم أعيد تجديدها فى عام 1952 ، وتتميز بمجموعة من الايقونات النادرة ، كما ان بها مدفن لبطاركة الاسكندرية الذين جلسوا على كرسى مارمرقس الرسول .
ولا تخلو محطة الرمل حتى الآن من الاماكن ذات الطابع اليونانى بالاضافة إلى الايطالى ، حيث مقهى»أتينيوس»، الذي تأسس عام 1900، و إيليت ، وسانتا لوتشيا فى شارع صفية زغلول و حلواني بودرو فى شارع سعد زغلول و تريانون الذى تأسس عام 1935 ويقع أسفل فندق متروبول العريق بميدان محطة الرمل وكذلك ديليس فى مواجهة تمثال سعد زغلول .
وعلى بعد امتار من ديليس تقع الغرفة التجارية بالإسكندرية بشكلها المعمارى المميز وأعمدتها الدالة على الفخامة وتعد أول غرفة وطنية أنشئت في مصر لمواجهة الغرف الأجنبية ، ويعود مبناها الحالى لعام 1935 الذى تكلف 10 آلاف جنيه فى ذلك الوقت .