الأقباط متحدون - التجربة الفرنسية فى التسعيرة الجبرية!
أخر تحديث ٠٢:٤٨ | الجمعة ٢٣ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ١٣ | العدد ٤٠٦٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

التجربة الفرنسية فى التسعيرة الجبرية!

حمدي رزق
حمدي رزق

وكأن التسعيرة الجبرية على السلع الغذائية الأساسية عيب ولّا حرام، اللواء محمد على مصيلحى، وزير التموين، وبعد اجتماع الحكومة يرسل برسالة إلى تجار الأقوات الذين يمصون دماء المستهلكين، نصاً: «لا يمكن للحكومة فرض تسعيرة جبرية على التجار». لماذا.. لا أعرف، ولم يقدم تفسيراً!!

لوزير التموين المحترم وللسيد رئيس الحكومة الموقر، أعرض التجربة الفرنسية فى تطبيق التسعيرة الجبرية كما أرسلها الدكتور «محمود عمارة» من باريس، على طريقة «فى أوروبا والدول المتقدمة» يفعلون كذا.. وأترك لكم التقدير.. الحكومة أدرى بأسواقها.

فى فرنسا نهاية السبعينيات وبعد موجة غلاء السلع الغذائية (ماتجيش واحد على عشرة مما جرى فى مصر) قرر «ريمون بار»، رئيس الحكومة، فرض تسعيرة جبرية على كل السلع الغذائية من الخضروات، أما الفاكهة فتركها خارج التسعيرة، ترك الكيوى والأناناس والأفوكات فقط ليربح منها التاجر ما شاء (للعلم التفاح كان فى التسعيرة الجبرية)!!!!

وظلت التسعيرة الجبرية مطبقة طوال عصر «ميتران»، وفى عصر «شيراك» ألغيت تماشياً مع السوق الحر (بضوابط طبعاً) وظل الخبز واللبن وتذكرة المترو داخل التسعيرة، ولكن أجبروا التجار والسلاسل التجارية على تعليق سعر شرائهم للسلعة من الفلاح بجوار سعر البيع لكل سلعة حتى يعرف المستهلكون وجمعيات حمايتهم مدى استغلال التجار أو السلاسل لتجريسهم ومقاطعة كل من يغالى ليتربح من فارق السعر!

وفى عهد «ساركوزى» أجبروا السلاسل التجارية على أن يعرضوا (70% من المنتجات المحلية) و(30% بحد أقصى للمنتجات الغذائية المستوردة)، واتفقت جمعيات حماية المستهلك مع السلاسل التجارية على أن يبقى سعر الألبان دون زيادة سنوية، وألا تزيد نسبة أرباحهم فى كل سلعة على (20 % فوق سعر شرائهم من المنتجين والمزارعين)!

ويبقى السؤال لوزير التموين: هل أنت قادر على إجبار التجار لتعليق سعر البيع لأى سلعة معروضة؟ فالرقابة على الأسواق بدايتها إجبار التجار على تعليق الأسعار ليقارن الزبون بين التاجر والتاجر اللى جنبه.. ألف بااااء السوق!!!!

وأكرر: إنهم فى أوروبا عندهم أسواق من المنتجين للمستهلكين مباشرة تجدها فى كل حى مرتين أسبوعيا بعيداً عن الوسطاء والسماسرة والقومسيونجية (يعنى قطعوا الأيادى اللى فى النص) وأخيراً لا أبالغ إذا قلت إن أسعار الأكل فى مصر أصبحت زى باريس مع فارق الجودة والضمانات من شروط صحية وبيئية.. يرضى مين؟

بالمناسبة عند انتقال فرنسا من الفرنك لليورو وخوفاً من استغلال أصحاب المطاعم ليرفعوا الأسعار (بداية التسعينيات) أجبروا أصحاب المطاعم على إيداع «نسختين» من قوائم الطعام (المنيو فيها كل طبق وسعره بالفرنك) نسخة فى عمودية كل قرية ومدينة، ونسخة فى الشرطة المتخصصة بمراقبة الأسعار، وبهذا أخافوا أصحاب المطاعم من رفع الأسعار.

وأستطيع أن أدلل بعشرات الأمثلة على أن السوق الحر وحجة (العرض والطلب) عليها فى الغرب عشرات الضوابط المانعة للاحتكارات أولاً، وثانياً لفرض الانضباط على كل من يبيع سلعة بحماية المنافسة المشروعة، وقبل كل هذا وذاك إن الدول هناك تشجع وتدعم الإنتاج وتضرب تعظيم سلام لكل من ينتج لأنها تعتبرهم شموع المجتمع ورواده.

فالدولة هناك تعى جيداً وتفهم أن حل مشكلة الأسعار ليس بالرقابة ولا بالتهديد ولكن بالإنتاج، وأكرر وأعيد وأزيد أن الحل الحقيقى أساسه وبدايته من الإنتاج، والإنتاح عايز استثمار والاستثمار عايز مناخ والمناخ بدايته التشريعات ونهايته فى يد الجهاز الحكومى!!!

الخلاصة: قلنا ألف مرة لكل مشكلة ألف حل، وأى مشكلة تواجهنا اليوم واجهت آخرين وحلُّوها، ويبقى السؤال: عايزين نحل مشاكلنا ولا عايزين نقعد نتكلم عنها؟

طيب نعمل إيه؟ نقرأ تجارب الناجحين وننقل نقل مسطرة تشريعاتهم اللى عملت لهم النقلة والقفزة اللى طارت بيهم لسماء العالمية.. فى كلمتين نقدر نحصلهم، والإجابة: لما نعوز.. نقدر ونص، لما نجيب أهل الخبرة والكفاءة والخيال وننسى أهل الثقة والمقربين!!!!
نقلا عن المصرى اليوم
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع