الأقباط متحدون - زيارة نيويورك.. بين أقباط المهجر.. وإخوان المهجر
أخر تحديث ٠١:٤٢ | السبت ٢٤ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ١٤ | العدد ٤٠٦١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

زيارة نيويورك.. بين أقباط المهجر.. وإخوان المهجر

صلاح عيسي
صلاح عيسي

هذا حديث أتمنى أن يقرأه المصريون المسيحيون، فينسوه أو يتناسوه، وأن يقرأه المصريون المسلمون، خاصة المنتمين منهم لجماعة الإخوان المسلمين، فيذكروه ويتذاكروه، حتى لا يقع الطرفان فى الفخ الذى يسعى لاستدراجهما إليه المصابون بسرطان الكراهية، والمرضى بداء التعصب من إخوان المهجر، فيشتبكوا فى حرب أهلية طائفية بين المصريين، تهلك الحرث والنسل، وتحيل مصر إلى خرابة ينعق فيها البوم والغربان والخرفان، لتحقيق هدف تافه لن يتحقق مهما طال الزمن، هو أن يعود الرئيس المعزول محمد مرسى إلى سدة الحكم، وهو رجل طيب وابن حلال، لكن تجربة العام الذى حكم فيه، أثبتت أنه كالمنزل الخالى من كل النواحى، لا يملك أى موهبة إلا موهبة الانقياد لأعضاء مكتب إرشاد الجماعة، الذين لا يملكون بدورهم إلا القدرة على إدارة أمثاله، لذلك كانوا يشيلونه فينشال ويحطونه فينحط، وهو ما اضطر الشعب المصرى لأن يقوم بثورته فى 30 يونيو، لكى يشيله ويحطه فى السجن!

ما يدفعنى لكتابة هذا الحديث، هو الحملة الضارية التى شنتها المنصات الإعلامية والسياسية، لإخوان المهجر، على امتداد الأسبوع الماضى، تنديداً بما سموه «الحشد القبطى»، الذى ضم مجموعة من أقباط المهجر، كانوا فى استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى عند وصوله إلى نيويورك للمشاركة فى الدورة 71 لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واحتشدوا أمام مقر الأمم المتحدة لتحيته أثناء إلقاء خطابه، وهى حملة شملت الهجوم على الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، وقياداتها بألفاظ سوقية لا تليق بمقام من وجهت إليهم، ولا تليق بإسلام الذين وجهوها، كما شملت التنديد بكل المسيحيين على اختلاف كنائسهم، انطلاقاً من الزعم بأن هذا الحشد كان بتخطيط هذه الكنائس، وأنه لا ينطوى فحسب على خلط بين الدين والسياسة، بل يؤكد كذلك أن المسيحيين يواصلون تنفيذ المخطط القديم، الذى تزعم أدبيات إخوان المهجر وحلفائهم أن البابا شنودة الثالث وضعه فى سبعينيات القرن الماضى لتنصير مصر، وإعادتها إلى المسيحية، وطرد المسلمين منها، وأن تنفيذ هذا المخطط - كما زعمت هذه الحملة - يتم هذه المرة تحت رعاية وتشجيع الرئيس عبدالفتاح السيسى.

وكان الدليل الوحيد الذى استند إليه إخوان المهجر، لكى يشيعوا هذه الأكاذيب، هو أن اثنين من مطارنة الكنيسة الأرثوذكسية، هما الأنبا يوأنس والأنبا بيمن قد وصلا إلى نيويورك قبل أيام من وصول الرئيس السيسى إليها، وعقدا اجتماعاً مع عدد من ممثلى جمعيات أقباط المهجر، ولو أن الإنصاف والصدق كانا من الفضائل الإسلامية التى يتبعها إخوان المهجر، لأدركوا أن هؤلاء أرادوا أن يخففوا حالة الاحتقان التى سادت بين أقباط المهجر، خلال الشهور الأربعة الماضية، بسبب تتالى حوادث العدوان على الأقباط فى بعض قرى محافظة المنيا، شملت - كالعادة - حرق منازل ونهب متاجر، والاعتداء بأسلحة بيضاء، وسحل امرأة مسنة بعد تعريتها من ملابسها، على خلفية مشاجرات بين أطفال أو شائعات عن علاقات بين رجل وامرأة، أو تحويل منزل إلى كنيسة.. وكرد فعل على هذه الوقائع التى لا يمكن تبرئة المتشددين الإسلاميين من تهمة إشعالها أو النفخ فى نيرانها، تظاهر فريق من أقباط المهجر أمام البيت الأبيض واتهموا الإدارة المصرية بالتقاعس عن إيقاف هذه العمليات التى تقاطرت بشكل يثير الريب.. وتطاول بعضهم على شخص الرئيس السيسى.

وعلى طريقة الهبلة التى أعطوها طبلة، أسرعت المنصات الإعلامية لإخوان المهجر تكرر إذاعة أنباء وصور هذه المظاهرات، وتعلق عليها بأسلوب يوحى بأنها حريصة على حقوق الأقباط، وأن ما يتعرضون له هو مؤامرة دبرتها أجهزة النظام لكى تؤدب الأقباط، ولم يفتح أحد منهم فمه بكلمة واحدة عن أن ذلك خلط للدين بالسياسة، وأن وجودهم فى ذاته هو إقرار منهم بأن من حق أتباع الأديان الأخرى أن يخلطوا بينهما.

كل ما فعله الأنبا يوأنس والأنبا بيمن، هو أنهما ذهبا لكى يؤكدا لأقباط المهجر، أن الإجراءات التى تتخذها الإدارة المصرية للحيلولة دون تكرار هذه الأحداث، وأنه لا يوجد اضطهاد ممنهج تمارسه الدولة ضدهم، وأن خطط إعادة بناء وترميم الكنائس التى دمرها المتشددون الإسلاميون فى اللحظة الأولى لفض اعتصام رابعة، على نفقة الدولة يجرى تنفيذها، وليس فى ذلك خلط بين الدين والسياسة، أو تدخل من الكنيسة فى الشؤون السياسية، ولو كانت الكنيسة تتجه إلى ذلك لما قال البابا تواضروس تعليقاً على قيام المتشددين من أعضاء الإخوان والجماعة الإسلامية، فى أعقاب حرق الكناس بمجرد فض اعتصام رابعة: «نستطيع أن نصلى فى أى مكان.. والأفضل لنا أن نعيش فى وطن بلا كنائس من أن تكون لنا كنائس وليس لنا وطن»، ولا صلة لما حدث فى نيويورك، بما وصفته المنصات الإعلامية لإخوان المهجر، بأنه خطة البابا شنودة لتنصير مصر، التى استندت لكتاب للشيخ محمد الغزالى فى إعادة ترويجها ونشرها، لأن الوثيقة - التى كانت من بين أسباب مسلسل الفتن الطائفية الذى بدأ عام 1972 - مصطنعة ومزورة، كما جزم بذلك تقرير لجنة جمال العطيفى.

أما المهم فهو أن حملة إعلام إخوان المهجر ضد زيارة السيسى الناجحة إلى نيويورك، لم تكشف فحسب عن أنه لم يبق أمامهم من طريق للعودة للسلطة إلا إثارة الفتنة الطائفية، بل فضحتهم كذلك، أمام حلفائهم الأمريكيين، الذين لابد أنهم قد تأكدوا أخيراً أنها جماعة دينية طائفية فاشية، لم يكن - ولن يكون - لها صلة فى أى يوم بالديمقراطية!
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع