الأقباط متحدون - قوات مكافحة التشاؤم والتلفيق السياسي
أخر تحديث ١٢:٠٩ | الثلاثاء ٢٧ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ١٧ | العدد ٤٠٦٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

قوات مكافحة التشاؤم والتلفيق السياسي

وزارة الداخلية
وزارة الداخلية

 بقلم : سعد السني

على الصفحة الرسمية لها بموقع «فيس بوك»، زفت إلينا «وزارة الداخلية» نبأ النصر العظيم الذي أحرزته قواتها المتخصصة في «مكافحة التشاؤم»، بإحباط مخطط إخواني ل«خلق مناخ تشاؤمي» بطول البلاد وعرضها.. الوزارة في بيان منشور على الصفحة مساء السبت الماضي، أعلنت عن سقوط «خلية خوانية» تضم 16 عنصر، وبحوزتهم آلاف الدولارات والجنيهات، وفرد خرطوش وعدة طلقات، وأن «الخلية» مكلفة بإصطناع وتصعيد الأزمات لهذا الغرض التشاؤمي، وبثت «الداخلية» فيديو لاعترافات المتهمين.. الزميل محمود عبدالراضي، استناداً لمصادر أمنية مُطّلِعة زاد الأمر تفصيلاً، في تقرير له نشرته «اليوم السابع»، بأن التنظيم الإرهابى تلقى تكليفات لإشعال أزمة الدولار، وخلق أزمات في الوقود، وكروت الشحن، والتشكيك في مشروعات قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية، واستغلال غرق مركب رشيد ترويجاً لفكرة هروب الضحايا من الفقر والبطالة، ونشر الشائعات عن إلغاء الدعم نهائياً عن السلع، لدفع المواطنين للوقوف ضد الإصلاح الاقتصادي، وبالجملة إشاعة وتصدير مشاهد التشاؤم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

المؤكد أن «الإخوان المسلمين» جماعة شريرة لا تُضمر خيراً للبلاد، ولن ترضى عن النظام، ولا الشعب الذي أسقطهم، تتملكهم روح الانتقام، يتخذون الدين مطية لأغراضهم التسلطية.. لكن هذا لايمنع من التنبيه إلى أن «قانون العقوبات» لم يرد فيه مطلقاً جريمة اسمها «خلق مناخ تشاؤمي» المنسوبة لهذه العناصر الإخوانية، والمعلوم أن «لا جريمة ولا عقاب بغير نص»، بمعنى أنه لايمكن اتهام ومحاسبة شخص على «جريمة خيالية» غير موصوفة في القانون، تماماً مثلما اتهمت شرطة العامرية بالأسكندرية، مواطنين اقباط قبل اسابيع، ب «الصلاة بدون ترخيص»، فهذه التهمة الأخيرة، من بنات أفكار «ضابط شرطة»، على غير دراية قانونية كافية.. ليس في الأمر مشكلة، فعند مثول المتهمين في مثل هذه الحالات أمام «النيابة العامة»، فإنها تعيد تكييف الاتهامات بشكل قانوني على أساس «الأفعال» إن كانت تشكل جرائم من عدمه.. المشكلة أن تهمة «خلق مناخ تشاؤمي»، وردت في «بيان إعلامي رسمي» صادر عن وزارة الداخلية ذاتها، والمفترض أنها غنية بالكفاءات.. فكيف يتم تمرير هذا «التلفيق السياسي» الذي لايجوز ولا يليق، بل هو دليل إفلاس وخواء مهني ومُسئ إلى «الداخلية» المثقلة بحمولة زائدة من «الأخطاء الفردية»، ولا ينقصها مثل هذه السقطات.. فقد تحول «المناخ التشاؤمي» إلى مادة ثرية للسخرية والاستهزاء من الجهاز الشرطي، والتندر والتنكيت عليه بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما كانت «الداخلية» في غني عنه، لو أن رجالها بالديوان العام اهتموا بتدقيق البيان ومضمونه وضبط عباراته، ومن ثم توصيف الاتهام بشكل صحيح قانوناً..

نقطة أخرى جديرة بالتوقف عندها.. فمن الإنصاف، أنه لا الإخوان ولا غيرهم يستطيعون خلق «مناخ تشاؤمي» من العدم.. فهذا المناخ هو صناعة حكومية بالأساس، إذ إن كل هذه المشكلات التي وردت حصراً في بيان الداخلية وتقرير اليوم السابع، هي «أزمات حقيقية» يعاني منها المواطن، وهي تثير السخط والغضب، وتبعث على التشاؤم دون أدنى جدال، نتاجاً لفشل حكومي صارخ، وتخبط ممتد إلى كافة المجالات تقريباً.. فقد كنا ننتظر أن «تكون مصر أد الدنيا» بعد عامين من انتخاب الرئيس.. فإذا بها مجرد «شبه دولة».. ثم هل الإخوان هم الذين ذهبوا لصندوق النقد الدولي ومنحوه حق الوصاية وإملاء شروط قاسية علينا، مثل إلغاء الدعم وفرض ضريبة القيمة المضافة وتعويم الجنيه، وغيرها من الشروط، بما ترتب عليها من انفلات للأسعار.. أم هي الحكومة..إننا نتآمر على أنفسنا، ولا يحتاج الإخوان لخلق «مناخ تشاؤمي».. فهذا المناخ مصنوع بأياد حكومية تواصل يومياً فرض الرسوم والضرائب بالقانون، وبدونه، وتترك المواطن فريسة سهلة وغنيمة للمحتكرين والفاسدين والغلاء المتوحش.. ألا يكفي أن هناك حديث عن مئات الملايين مسروقه من توريدات القمح الوهمية ومع ذلك اخترعوا لوزير التموين حكاية فاتورة الإقامة بالفندق لتكون مبرراً للإقالة، ثم يذهب إلى حال سبيله مصحوباً بالشكر والتقدير من مجلس الوزراء، دون حساب أو مساءلة عن ملايين إن لم يكن مليارات القمح المسروقة، لبيان مدى مسؤليتة عما حدث؟.. منطقياً.. فإن الإخوان، والكون كله المشغول ب «التآمر علينا»، لا يلزمهم اصطناع أزمات يخلقون منها مناخاً تشاؤمياً، فلدينا منها الكثير جداً جاهز، يكفي وزيادة، والبركة في حكومتنا.. ولا لوم على الإخوان والأعداء إن هم استغلوا أزمات صنعناها بإيادينا.

نسأل الله السلامة لمصر.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع