فى مثل هذا اليوم 28 سبتمبر 1882..
مكافأة هزيمة عرابى..
ذهب الخديو توفيق الى سراى الجيزة يوم الثلاثاء 26 سبتمبر 1882..يعد يوم واحد من وصوله الى القاهرة مقبلا من الاسكندرية..
فى السرايا استقبل "توفيق"المهنئين بهزيمة الجيش المصرى بقيادة احمد عرابى واحتلال الانجليزلمصر..وحدث ذلك فى الوقت الذى زينت فيه الحكومة مدينة القاهرة ابتهاجا بقدوم الخديوى ..
وفى مذكراته يرصد عرابى الوقائع التى حدثت فى سرايا الجيزة مع الخديوى.."توجه الخديوى الى سراى الجيزة لاجراء رسوم التشريفات فيها..فبتدأ اجراؤها فى الساعة الثالثة ...وكان اول المهنئين شقيقه محمود بك ومنصور باشا يكن ..ثم تلاهم الرؤساء الروحانيين ..ثم الدوق اوف كنوت ..والدوق دونك..والضباط الانجليز ماعدا الجنرال ولسلى..ثم التجار الاوروبيون ..ثم تظاهر المستبدون بعمل الزينة فى حديقة الازبكية وفى منازلهم ثلاثة ليلى ..وحضر رياض باشا الزينة فى الحديقة فى احدى لياليها ..وكل من خيرى باشا ناظر المعارف وعلى باشا مبارك ناظر النافعة(الاشغال)..وزكى باشا ناظر الاوقاف وغيرهم من المتملقين وانصار الظلم والاستبداد والمخدوعين من اعضاء مجلس النواب الذين ساعدوا الاعداءفى التغلب على بلادهم"..
ويصف عرابى الجوقة التى التفت حول الخديوى ب"انصار الظلم والمخدوعين"..ويرى عبد الرحمن الرافعى فى كتابه "الثورة العرابية والاحتلال الانجليزى "..الصادر عن دار المعارف القاهرة
"استعادة الخديوى سلطانه بواسطة الجيش الانجليزى واستقراره على العرش برعايتهم قد اوجد جوا نفسيا يتنافى والاخلاق الوطنية او بعبارة اخرى ان جوا من الانحلال الاخلاقى قد بدأ يخيم على البلاد..وبدأت فى افقها مظاهر غير وطنية فبينما كان وجود حيش اجنبى يحتل العاصمة مما يستثير روح السخط فى نفوس الشعب ..اذ ببعض ذووى الشخصيات البارزة فى المجتمع وقتئذ يتقدمون بهدايا الى قواد الجيش الانجليزى لقاء انتصارهم فى القتال"..
على هذا النحو كانت "الخيانة"..تعبر عن نفسها بوضوح وبدون اى مواربة ..وحسب كتاب "احمد عرابى الزعيم المفترى عليه "المركز العربى للنشر القاهرة فانه فى مثل هذا اليوم 28 سبتمبر 1882 ..
"ذهب سلطان باشا الى رياض باشا ومعه وفدا من عمد البلاد واعيانها وابلغ الوزير رياض ان هؤلاء الاعيان يريدون تقديم هدايا من سلاح فاخر الى سيمور ولسلى ولو شكرا لهم على انقاذ البلاد من غوائل الفتنة العاصية"..
ويذكر الرافعى تفاصيل هذه القصة وماحدث فى مثل هذا اليوم بشأنها قائلا:
"وفد على وزارة الداخلية رهط من الاعيان والعمد يتقدمهم محمد سلطان باشا رئيس مجلس النواب واحمد بك السويفى باشا من اعيان القاهرة وقابلوا رياض باشا ناظر الداخلية وابلغوه عزمهم على تقديم هدية سلاح فاخرة لكل من الاميرال سيمور قائد الاسطول الانجليزى والنرال دوروى لو ..والذى كان اول من دخل العاصمة..بعد سقوط التل الكبير ..شكرا لهم على انقاذ مصر من غوائل الفتنة العاصية..فاذن لهم بذلك..
الافت فى هذه القصة ان هؤلاء اعتزموا على ان يجمعوا اموالا من الشعب المصرى لهذا الغرض ..اى تصوروا ان بمقدورهم اقناع الشعب بالمساهمة المالية فى مكافأة المختل..غير انهم فشلوا فى ذلك ..
واكتفوا بشراء هدية من مالهم الخاص ..فاعطوا الجنرال ولسلى سيفا مرصعا بالجواهر ..وللجنرال دوروى لو سيفا فضيا ..وللجنرال سيمور طبنجة مجوهرة بالماس مكافأة لهم على احتقارهم للامة المصرية..!!