الأقباط متحدون - ماذا تفعل لو كنت مكاني ؟!!
أخر تحديث ٠٧:٣٤ | الأحد ٢ اكتوبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٢٢ | العدد ٤٠٧٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

ماذا تفعل لو كنت مكاني ؟!!

الأنبا بولا أسقف طنطا
الأنبا بولا أسقف طنطا
كتب: مدحت بشاي
Medhatbe9@gmail.com
 
عبر حديث مطول لجريدة الوطن قال الأنبا بولا أسقف طنطا والممثل العام لكل أقباط العالم من المصريين ماداموا أرثوذكس ، هو ممثلهم في لجان وضع الدستور ووضع قانون بناء الكنائس والأحوال الشخصية وأى قانون يستجد مالناش في الدنيا غيره الحقيقة ، ماعلينا .. قال نيافته حزيناً على الماضي الذي كان بيد الكنيسة كل أمر المواطن المسيحي " أريد أن أوضح نقطة مهمة، وهى أنه قبل عام 1956 كانت الكنيسة هى من تصدر الأحكام عبر ما يعرف باسم المحاكم الملية، ثم انتقلت إلى المحاكم العادية ثم إلى دوائر الأسرة وأصبح للكنيسة فقط حق التصريح بالزواج الثانى من عدمة كحق مطلق، خلافاً لما يحدث فى المنطقة العربية التى يوجد فيها مسيحيون، فحتى الآن فى سوريا ولبنان والأردن الكنيسة هى من تزوج وتطلق، فطبعاً الكنيسة تتمنى أن يعود الأمر إلى ما كان عليه لأن الكنيسة قادرة بنظرتها على الوصول إلى الحقائق وتستطيع أن تصدر القرار المنصف وبسرعة، وإنما الأمر يعود فى النهاية للدولة فى إمكانية هذا من عدمه "... وعليه فالكنيسة ترشحه دائماً ليمثلها ويمثل أتباعها بالمرة في كل المعتركات السياسية لعظيم دعمه في مواجهة أي انفلات من أي علماني يحلم بحق التفكير والمشاركة في وضع القوانين والأحكام التي تنظم حياته هو ، فقالها نيافته لجريدة " الوطن " في أسى وحسرة أنه يتمنى عودة الأمور إلى زمن الكنيسة المسيطرة !!! 
رغم أنني أكره مُعلقات الشكوى والنحيب ، و أبغض من يرفعها في ذلة ومهانة ، أكره الوقوف على أرصفة الأنين لعرض مظلوميات الضعف والاستكانة طلباً لرفع الظلم الواقع على أفراد أو جماعات لأسباب مهنية فئوية أو التي تتعلق بطلب الحصول على حقوق حياتية للعمل والسكن والغذاء والعلاج والتعليم وغيرها ، أو حتى من يُظلمون على أساس الجنس أو الإعاقة أو الهوية الدينية أوالمكانة الاجتماعية عبر ممارسات تمييزية جائرة .. 
أكره تلك البكائيات لأنها ــ وبحكم العادة ــ تظل مجرد بكائيات لا تحرك ساكناً لدى متخذ القرار على أرض المحروسة ، وحتى بعد خروج الجماهير بالملايين ليسقطوا أنظمة قامعة ديكتاتورية طلباً للحرية والكرامة الإنسانية والعيش والعدالة الاجتماعية ، فلازال أمر حقوق المُعاق والمرأة والفقير ومن لا ظهر لهم في دنيا الأكابر والطبقات العليوي والمسيحي معلقاً ولم يبارح مكانه للأفضل مع الأسف !!!
وهذه المقدمة ليست دعوة انهزامية تدعو لليأس والإحباط والسكون المؤلم ، ولكنها دعوة لأن تحتشد الأحزاب وفي مقدمتها حزب الوفد العريق ( وبالمناسبة أرى أن ممثلي الحزب في البرلمان وماقدموه من مشاريع قوانين رائعة وبشكل خاص مشروع قانون ترميم الكنائس أمر يستحق الإشادة ) ، وكذلك منظمات المجتمع المدني بمافيها النقابات والمراكز الفكرية والإعلامية والثقافية في عمل دؤوب جماعي لتجاوز تلك المظالم ودمج كل هؤلاء في حالة " اندماج وطني " مستحقة..
إلا أن أمر المواطن المسيحي كان دوما مختلفاً وأكثر تعقيداً عن كل أقرانه من أصحاب معلقات المظالم المبكية ، فقد بات هناك أنه يواجه ما يشبه التحالف ضد الحصول على أبسط حقوقه ، فالكنيسة والبرلمان والحكومة والمحليات ونظم التعليم ونوافذ الإعلام والتشريعات وكل قوى التطرف والشارع الذي بات طائفياً في كثير من الأحوال ، جميعهم يعملون في الاتجاه المعاكس لكل مصالحه الوطنية أحياناً ، وتعويقاً لوجوده بشكل إنساني لائق في أحيان أخرى ، بل والمغيب له تماماً في مناهج التعليم وبرامج الميديا الخاصة والعامة والاختفاء القسري من على كراسي الإدارة العليا في الجامعات والمحليات والجهات السيادية الخ... 
لقد كان أمر تمرير قانون بناء الكنائس عبر جولات تلبيس مشروع المواد ما يجعلها محل رضا السلفيين أمراً مخيباً للآمال ، وما رضوا وما اقتنعوا أن على الأرض بشر لهم حق العبادة مثلهم ، فامتنعوا عن التصويت على القانون ، وخرج كبيرهم ورمزهم الديني " عبد المنعم الشحات " عبر شاشات الميديا ليعلن تحريمه أن يشارك المسلم في عملية بناء الكنائس في دعوة كراهية ونبذ وازدراء وتحقير للأخر ، ولم يجد أمامه المذيع أو الضيف المسيحي الذي كان ينبغي أن يكشف للمشاهد الأمر الأخطر في كلام الداعية  الذي يكشف أن أمر تحريمه المشاركة في بناء الكنائس  على هذا النحو يعني بالتالي وبالأساس أمر تحريم  الموافقة على البناء من جانب المسلم صاحب القرار وهو مابرر خروج رجاله من البرلمان عند التصويت على القرار باعتبار الموافقة هو إثم مبين ، وهو الأمر الأخطر !!! 
أما عن الكنيسة ، فقد لعب ممثلها السياسي الدور المعاكس والمحبط لكل أحلام المواطن المصري المستنير بشكل عام والمسيحي بشكل خاص في الفترة الأخيرة بداية من المشاركة في وضع الدستور أكثر من مرة  ، فيخرج الزعيم الروحي السلفي " البرهامي " ضاحكاً مزهواً معلنا انتصاره الرائع على العلمانيين والأقباط على حد قوله ، و وصولاً إلى  المشاركة في وضع مواد قانون بناء الكنائس للأسف وتمرير قانون يعيدنا إلى ماقبل 160 سنة ياهووووووووه !!!
وعليه أرى المواطن المسيحي وهو يعاني من تراجع دور كل مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الأجهزة التنفيذية الحكومية وبرلمان ما بعد الثورة ، والكنيسة والمؤسسات الدينية ، وهو يتوجه إليهم جميعاً بسؤال " ماذا تفعل لو كنت مكاني ؟ً! " على طريقة البرنامج الإذاعي الشهير في الستينات من القرن الماضي !!

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter