الأقباط متحدون - حمير العالم فى خطر
أخر تحديث ١٠:٥٢ | الاثنين ٣ اكتوبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٢٣ | العدد ٤٠٧١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

حمير العالم فى خطر

فهمي هويدي
فهمي هويدي

فى آخر الزمان تهاوت أسعار النفط وتضاعفت أسعار الحمير. وهو مؤشر أغلب الظن أنه يحزن دول النفط الغنية، وقد يسر المجتمعات الزراعية الفقيرة، فضلا عن أن من شأنه أن يعزز مؤقتا مكانة الحمير ويدعو الجميع إلى إعادة النظر فى تقييمها ورد الاعتبار إليها. كنا نعرف أن الفنان زكى طليمات أسس فى مصر «جمعية الحمير» فى عام ١٩٣٠ للاهتمام بها. وتضامن معه عدد من الفنانين بعد إغلاق الاحتلال البريطانى لمعهد الفنون المسرحية آنذاك. ثم أعيد تأسيس الجمعية فى عام ٢٠٠٤ ضمن جهود حماية الحيوان، فى حين تراوحت أعداد الحمير فى مصر بين نصف مليون ومليونين ونصف المليون، لكن مقام الحمير عند الأكراد كان أكبر بكثير، لأنه ظل وسيلة الانتقال المثلى للبشر والسلاح والعتاد طوال سنوات نضال الأكراد فى جبال العراق وإيران وتركيا.

وحين استقرت الأوضاع فى كردستان العراق تأسس حزب الحمير هناك (عام ٢٠٠٥) وحمل أمينه العام عمر كلول لقب «الحمار الأعظم»، ورعى الحزب الذى ضم عشرة آلاف شخص إقامة تمثال للحمار مرتديا بدلة وربطة عنق فى أحد أهم شوارع السليمانية، باعتباره أحد أهم العوامل التى خدمت النضال الكردى وصبرت عليه بلا مقابل. وكان «الحمار الأعظم» قد ظل طوال ٣٥ عاما يدافع عن ثقافة الخدمة العامة دون مقابل، مع التحلى بالوفاء والصبر والعرفان. وهى الشمائل التى لم يجدها وفيرة وشائعة إلا بين الحمير. وقرأت أنه تم تأسيس جمعية للحمير فى سوريا، أسسها الدكتور على منصور كيالى، ولكن الحكومة أمرت بحلها. فى حين انطفأت فكرة حزب الحمير فى العراق وأصبحت محل سخرية وتندر بعد استقرار الأوضاع فى كردستان، الأمر الذى دفع مؤسسة عمر كلول إلى الاستقالة من «منصبه» والتفرغ لحياته العائلية. وإن ظلت للحمير مكانتهم العزيزة فى الذاكرة الكردية.

ما سبق كله فى كفة، والتطورات التى استجدت على أهمية الحمير فى كفة أخرى. ذلك أن صحيفة «الإندبندنت» البريطانية نشرت يوم الجمعة ٣٠/٩ الماضى تقريرا مثيرا عن سعى الصين لشراء جميع الحمير المنتشرين فى دول العالم، بعد ظهور دلائل قوية على احتمال استخدامها فى الأغراض الطبية. وذكرت الصحيفة أن بعض الدول الإفريقية انتبهت إلى ذلك، حتى حظرت بيع الحمير للصين، بعدما قالت النيجر أن معدلات تصدير الحمير زادت ٣ أضعاف فى العام الماضى، خصوصا للدول الآسيوية، كما أن بوركينا فاسو أوقفت تصدير جلود الحمير، بعدما تبين أن جلد الحمار المغلى ينتج عنه مادة مطاطة تشبه الجيلاتين وتعرف باسم «ejiao» التى تدخل فى علاج العديد من المنشطات والأدوية الصينية التى يعتقد أن لها دورا فى تحسين الدورة الدموية وعلاج الدوار والإرهاق.

الإندبندنت أوضحت أن طلب الصين زيادة وارداتها من جلود الحمير أثار الانتباه بعد انخفاض فى أعداد الحمير فى الداخل من ١١ مليون حمار فى تسعينيات القرن الماضى إلى ٦ ملايين فى الوقت الحاضر. ونقلت عن مسئول فى حكومة النيجر قوله إن عدد الحمير التى خرجت من الدولة فى العام الحالى وصل إلى ٨٠ ألف حمار فى حين أن عددها كان ٢٧ ألفا فقط فى العام الماضى، وإزاء مضاعفة المصدَّر منها بذلك المعدل (ثلاث مرات) فإن الأمر قد ينتهى بانقراض الحمير وفنائها فى البلاد. وعبر المسئول عن قلقه لأن تجارة الحمير ازدهرت فى البلاد بحيث تضاعف سعر الحمار ثلاث مرات الأمر الذى يغرى المزارعين ويشجعهم على التمادى فى عملية البيع.

لا أعرف مدى دقة المعلومات التى نشرتها صحيفة «الإندبندنت» وتناقلتها بعض المواقع، لكنها تفتح الباب لتكهنات كثيرة فى المستقبل. مع ذلك فإننى أشك فى أن مظلومية الحمار ستنتهى بتحوله إلى مصدر للثراء عند البعض، حيث أزعم أن المظلومية سوف تستمر، لأن الحمار المحتفى به سيكون وحده المذبوح الذى يؤخذ جلده كى يوظف فى الأغراض الطبية، لذلك ربما كان من الأفضل أن يظل دابة حية بلا كرامة، عن أن يحتفى به فقط حتى يتحول إلى جثة هامدة يغتنى من ورائها البعض.

نقلا عن الشروق


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع