وزع حزب "الدانمركيين" نحو مئة بخاخ من مثبتات الشعر قدمها على أنها "سلاح قانوني فعال" ضد المهاجرين في مدينة هاديرسليف الصغيرة بالجنوب الشرقي للبلد. مراقبتنا شاهدت هذه العملية الصادمة.
جرى توزيع هذه البخاخات يوم السبت 24 أيلول/سبتمبر في شوارع هاديرسليف. وحسب حزب "الدانمركيين"، فقد أخذ هذا البخاخ 137 شخصا. ورغم موجات الانتقادات، فإن مؤسس هذا الحزب اليميني المتطرف لا يرى في ذلك أي "استفزاز"، بل إنه يبرر استخدام هذا السلاح لإبعاد المهاجرين ويصفه بـ"القانوني"، قائلا إنها مادة لتثبيت الشعر وليست بخاخ الفلفل المحظور في الدانمرك.
"في البداية ظننتها مزحة..."
مراقبتنا شارلوت بيخ، طالبة عمرها 22 سنة وقد شاهدت عملية توزيع البخاخات.
كنت أتسوق في الشارع التجاري الرئيسي في هادرسليف، مدينتنا ليست كبيرة، لكنها الأهم في منطقة جنوب الدانمرك [هيئة التحرير: 22000 نسمة]. وهذا الشارع رائج خاصة في نهاية الأسبوع.
كان هناك أربعة ناشطين في الحزب يوزعون البخاخات. في البداية لم أفهم الأمر‘ فنظرت إلى الملصقات وقلت لنفسي إنه مزاح ليستوقفوا الناس. أحد الناشطين عرض علي بخاخا، فسألته عن الأمر فأجابني بجدية أن البخاخ ضد المهاجرين. أصبت بالصدمة وانتابني شعور عميق بالظلم، أنا أعرف العديد من اللاجئين في مدينتي ومنهم من أصبحوا أصدقائي، لا أستطيع أن أقبل التعامل معهم بهذا الشكل. أما الناشطون فكانوا يرون هذا التوزيع أمرا عاديا. وفي الشارع، كان هناك أناس آخرون مصابون بالصدمة ويرون في هذا التوزيع معاملة عنيفة. ومنهم من أخذ البخاخ دون أي اندهاش.
بعض مستخدمي تويتر نشروا تغريدات ساخرة
"لم يختاروا المدينة بالصدفة"
أظن أنهم لم يختاروا هذه المدينة بالصدفة، فهنا يوجد مخيم للمهاجرين [هيئة التحرير: المخيم قائم منذ عام 2014، ويستقبل ما يقارب 140 من طالبي اللجوء، حسب الصليب الأحمر الدانمركي]، وهذا لم يكن يروق لبعض السكان من الذين كانوا يشعرون أن هذا المخيم يؤدي إلى انعدام الأمن. وقد استفحلت هذه الظاهرة منذ بداية 2016 مع ظهور العديد من الجرائم في المدينة، حيث تعرضت العديد من الدانمركيات للاغتصاب، وخاصة في النوادي الليلية، واتهمن مهاجرين بهذه الأعمال.
تهافت الإعلام على هذه الأحداث، وهذا طبيعي، لكن سرعان ما وقع الجميع في نوع من "الكاريكاتير" باتهامهم رأسا للمهاجرين، وتصنيفهم على أنهم مغتصبون محتملون. غير أنه عندما يجري الحديث عن جرائم الاغتصاب، لا يتهم جميع الدانمركيين بأنهم مغتصبون... [هيئة التحرير: بعد الأحداث في كانون الثاني/يناير، قرر العديد من النوادي والملاهي الليلية رفض دخول الرجال الذين لا يتحدثون لا الدانمركية ولا الإنكليزية ولا الألمانية].
"هذه ليست أول حملة صادمة لهذا الحزب"
بخاخات "التعاطف" مقابل البخاخات ضد المهاجرين
مسألة المهاجرين تسبب انقساما في المدينة. مثلا، من الصعب أن تقول لبعض الأشخاص إن توزيع البخاخات صادم لأنهم سيفسرون مباشرة موقفك بأنك غير متعاطف مع ضحايا الاعتداءات الجنسية.
لكن تجدر الإشارة إلى أن العديد من الدانمركيين تحركوا على مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بهذا التصرف! هناك شابان صورا فيديو يظهران فيه وهما يتجولان في الشارع ومعهما "بخاخ للتعاطف مع المهاجرين" يوزعانه على المارة.
وهذه ليست أول حملة صادمة لهذا الحزب. فقد أطلق مثلا حملة ملصقات على الحافلات كتب عليها "طفلكم يستحق أن تكون الدانمرك دانمركية". ثم نشروا على صفحتهم عبر فيسبوك خلال منافسات بطولة الأمم الأوروبية ملصقا يسخرون فيه من منتخب فرنسا ويقولون بأنه فريق "أفريقي".
منشور الحزب في تموز/يوليو 2016 يصف المنتخب الفرنسي لكرة القدم بأنه فريق "أفريقي".
أدانت وكالة الأمم المتحدة للاجئين [OA1] يوم الأربعاء 28 أيلول/سبتمبر توزيع هذه البخاخات، موضحة أنها مجموعة صغيرة "لا تمثل سوى جزء صغير من الشعب الدنماركي".
هذه الحملة تجسد مرة أخرى تصاعد ظاهرة معاداة الأجانب في البلاد. وفي الانتخابات التشريعية في حزيران/يونيو 2015، حصل حزب آخر معاد للهجرة على المرتبة الثانية بنسبة 21% من الأصوات، وهو الحزب الشعبي الدانمركي.
وهذا الحزب الذي يندد بما يسميه "الهجرة غير الغربية" ويود سحب الجنسية الدانمركية من الأشخاص ذوي الأصول غير الدانمركية، لا يشكل سوى الأقلية. وقد شارك عام 2013 في الانتخابات البلدية، إلا أنه لم يفز بأي بلدية. ويوضح هذا الحزب على موقعه الرسمي بأن عليه الحصول على 20130 توقيع لكي يستطيع أن يكون ممثلا في الانتخابات التشريعية.
وحسب قائده دانيال كارلسن بعد توزيع البخاخات، فإن الحزب جمع نحو 700 توقيع. فريق "مراقبون" في فرانس24 لم يستطع التحقق من هذا الرقم، وقد اتصلنا في هذا الشأن بالسيد دانيال كارلسن لكنه لم يرد على اتصالاتنا، وسننشر رده إذا وصلنا.