الأقباط متحدون - العلم بين الطريق «اليوشينورى» و«الزغلولى»
أخر تحديث ٠٤:٤٢ | الثلاثاء ٤ اكتوبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٢٤ | العدد ٤٠٧٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

العلم بين الطريق «اليوشينورى» و«الزغلولى»

خالد منتصر
خالد منتصر

 جائزة نوبل فى الطب هذا العام لها طعم خاص، ونستخلص منها دروساً مهمة، فالجائزة نظراً لضخامة وروعة الإنجاز وأهمية الاكتشاف فاز بها اليابانى «يوشينورى أوسومى» منفرداً، وهذا قلّما يحدث فى جائزة الطب بالذات، خاصة فى السنوات الأخيرة، أن يفوز بهذا المجد ومعه السبعمائة ألف يورو شخص واحد!! لكن هذا العبقرى اليابانى يمنحنا دروساً: ما هو العلم؟ كيف تسلك طريقه الصحيح. أولاً لا يخجلون هناك فى اليابان من كلمة معهد مثلنا وينزلون فى مظاهرات لتحويله لكلية! «يوشينورى» مكتوب فى كل المانشيتات أستاذ بمعهد طوكيو للتكنولوجيا، ثانياً قرر الرجل منذ أول لحظة أن يتخصص فى دراسة بيولوجيا الخلية، وفى كلية العلوم التى يخجل طلبتها من الانتماء إليها ويصاب طالب الثانوية بجلطة حين تأتى له فى التنسيق وتمنحها الدولة أقل الميزانيات، ثالثاً «يوشينورى» لم يملّ من خمسين سنة بحث وعيشه مع الخميرة لدراسة الخلية واكتشاف ظاهرة «الأوتوفاجى» التى أحدثت ثورة فى عالم الطب، ولكنه الجهد والمثابرة، رابعاً التقييم لا يأتى إلا بعد التأكد من نتائج الاكتشاف. يعنى خمسين سنة بحث ودراسة من «يوشينورى» ولم يتم تقييم إنجازه إلا بعد ظهور الأدوية التى تعتمد على اكتشافه العبقرى. هذا هو العلم باختصار، وهذا هو طريقه المتعب اللذيذ وهذا هو حصاده، وهذا ما يجب أن نتعلمه لكى نتقدم، ولكن ما هو «الأوتوفاجى» أو الالتهام الذاتى للخلايا باختصار؟ كان د. هشام الخياط، أستاذ الكبد الشهير، قد أجابنى عن هذا السؤال عندما كنا نتحدث عن الثورة فى أدوية وعلاجات فيروس «بى»، والتى تعتمد على اكتشافات «يوشينورى»، «الأوتوفاجى» هى طريقة من طرق التدمير الذاتى التى تلجأ لها الخلايا فى الجسم للتخلص من الخلايا المصابة بالعدوى أو الخلايا السرطانية، وهذا يعنى أنها طريقة طبيعية يلجأ إليها العضو المصاب للقضاء على الخلايا الهرمة أو المصابة بالعدوى أو السرطان، وذلك عن طريق التهام الخلية الذاتى لنفسها عن طريق تحفيز الجينات التى تساعد على تحلل الخلايا وابتلاعها لذاتها للقضاء على الخلايا المسنة والهرمة، وبذا تفتح الباب لتجديد العضو لخلاياه واكتساب خلايا شابة جديدة، وكذلك للقضاء على الخلايا المصابة بالعدوى لكيلا تعدى الخلايا السليمة فى العضو، بالإضافة إلى التخلص من الخلايا السرطانية أولاً بأول، وذلك لمنع استفحال وانتشار السرطان. الالتهام الذاتى للخلية هو طريقة من طرق الموت المبرمج للخلية والتى اكتشفها العالم اليابانى «يوشينورى أوسومى» بعد مجهود مضنٍ استكمل به ما توصل إليه العلماء فى بداية الستينات فى القرن الماضى.. وهى طريقة من طرق التحلل الذاتى للخلية عن طريق الإنزيمات الخلوية التى تُستخدم فى تحلل الأعضاء المصغرة من الخلية واحداً تلو الآخر، وقد اكتشف أيضاً أن بعض الخلايا السرطانية والفيروسات تمنع التحلل الذاتى للخلية عن طريق تحفيز بروتين يساعد على إحباط الموت المبرمج للخلية، ومن هنا لجأ العلماء حديثاً إلى طرق مبتكرة لعلاج السرطان والفيروسات عن طريق إحباط هذا البروتين الذى يمنع تحلل الخلية ذاتياً فى حالة الإصابة بالسرطان أو الفيروسات، وبالتالى يؤدى إلى تحلل الخلية المصابة وموتها، وبذلك بمهد الطريق للشفاء.

 
ومن هذه الأدوية التى تم طرحها فى أسواق الدواء مؤخراً بعد إجازتها من قبَل منظمة الأدوية والأغذية الأمريكية دواءان هامان، الدواء الأول هو «تروفادا» ويُستخدم فى علاج العديد من السرطانات مثل سرطان الجلد.
 
ودواء «بريبرانت» أو «تترالوجيك» الذى يُستخدم فى علاج السرطان وعلاج مرضى فيروس «بى»، وذلك بإحباط البروتين المانع للتحلل الذاتى للخلية المصابة وتحفيز على الجانب الآخر الجين أو البروتين المساعد على التحلل الذاتى والالتهام الذاتى للخلية أو الموت المبرمج للخلية، وبالتالى يساعد على الشفاء من كل من السرطان وفيروس «بى».
 
وعلى الهامش سأحكى لكم حكاية من نوعية الكوميديا السوداء، فقد أرسل لى البعض أمس بعد ظهور نتيجة نوبل مقالات عن أن زغلول النجار سبق «يوشينورى» فى اكتشافه عندما تحدّث عن الإعجاز العلمى للصيام وعلاقته بالأوتوفاجى!! تخيلوا العبث وتزييف الوعى وصل إلى أى مدى!!، أخيراً إذا أردنا التقدم ليس هناك إلا طريق واحد هو طريق السلامة، طريق «يوشينورى»، أما طريق الندامة «الزغلولى» فنهايته حيطة سد!!.
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع