فى مثل هذا اليوم 7اكتوبر 775م..
سامح جميل
ثاني خلفاء بني العباس في بغداد أبو جعفر المنصور (ولد عام 712م) ، بنى بغداد وجعلها عاصمة للخلافة عام 762م. تعرض حكمه لعدة ثورات مضادة، منها تمرد قاده عمه عبد الله بن علي الذي رأى أنه أحق بالخلافة منه، غير أنه نجح في هزيمته واعتقاله إلى أن توفي. ومن ثم قضى على قائد جيشه أبو مسلم الخراساني بسبب ما كان يشكله من خطر على استقرار سلطانه، ثم واجه ثورة العلويين بقيادة محمد بن عبد الله بن الحسن، الذي امتنع عن مبايعة الخليفة، غير أنه اعتقله أيضا وقتله في المدينة المنورة بعد أن أرسل إليه جيشاً بقيادة عمه عيسى بن موسى.
ثم قضى على حركة ثانية للعلويين كان يقودها إبراهيم شقيق محمد. رغب أبو جعفر في بناء عاصمة جديدة لدولته بعيدة عن المدن التي يكثر فيها التمرد على الخلافة مثل الكوفة والبصرة، وتتمتع باعتدال المناخ وحسن الموقع، فاختار "بغداد" على شاطئ دجلة، ووضع بيده أول حجر في بنائها عام 762، واستخدم عددا من كبار المهندسين للإشراف على بنائها، وجلب إليها أعدادا هائلة من البنائين والصناع، وأصبحت في حينه عاصمة الدولة العباسية، ثم عمل على توسيعها عام 768 بإقامة مدينة أخرى على الجانب الشرقي سماها الرصافة، جعلها مقرا لابنه وولي عهده "المهدي" وشيد لها سورا وخندقا ومسجدا وقصرا. ومن أعماله عنايته بنشر العلوم المختلفة، ورعايته للعلماء من المسلمين وغيرهم، وقيامه بإنشاء "بيت الحكمة" في قصر الخلافة ببغداد،
وإشرافه عليه بنفسه، ليكون مركزا للترجمة إلى اللغة العربية. وقد أرسل إلى إمبراطور الروم يطلب منه بعض كتب اليونان فبعث إليه بكتب في الطب والهندسة والحساب والفلك، فقام نفر من المترجمين بنقلها إلى العربية. وقد بلغ نشاط بيت الحكمة ذروته في عهد الخليفة المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرا من ماله ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة قيّم يدير شؤونه،
ويُختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات. وضم بيت الحكمة إلى جانب المترجمين النسّاخين والخازنين الذين يتولون تخزين الكتب، والمجلدين وغيرهم من العاملين. وظل بيت الحكمة قائما حتى دهم المغول بغداد عام 1258...!!