مستشارة ترفض التفتيش فى المطار، أستاذ جامعة يرفض إعطاء رخصة القيادة للضابط فى الكمين، طبيب مشهور يتشاجر مع موظف أمن النادى لأنه طلب منه إبراز الكارنيه، إعلامى بارز يصر على دخول سيارته الفندق دون تفتيش على البوابة، ممثل نجم يستنكر مروره من بوابة المول الإلكترونية.. إلى آخر تلك الأخبار العجيبة والتصرفات المشينة والسلوكيات الغريبة التى تندرج كلها تحت باب الاستعراض والمظهرية وثقافة «انت مش عارف انت بتكلم مين؟!»، السؤال لماذا نحن دوناً عن باقى العالم والكون والمجرة الذين نعتبر أن تطبيق القانون واحترام الإجراءات الأمنية إهانة؟!، ما هى الإهانة فى خلع الحذاء عند التفتيش فى المطار؟!، ما هى المهانة فى خلع الساعة والجاكيت والحزام؟!،
لماذا تكرار انت مش عارف أنا مين، والتهديد هرفدك وأقطع عيشك.. إلخ، لماذا نتلذذ بالخروج عن القانون؟، من اخترع عبارة «انت مش عارف بتكلم مين» دمر وخرب عقل ووجدان وروح مصر مع سبق الإصرار والترصد، إذا كانت هذه هى ثقافة النخبة فلا لوم على البسطاء والأميين إذا ساروا بالميكروباص عكس الاتجاه أو إذا لم يحترموا الطابور أو زوغوا من تذكرة المترو!!،
لا بد أن تكون نخبتنا قدوة ولا نعتبر خيبتنا قدرة!!، من يرفض التفتيش فى مطار القاهرة ويعتبرها جرسة وفضيحة كلها ساعتين ويقلع عريان فى مطار هيثرو ويتفتش ذاتياً وهو مبتسم وفى منتهى السعادة!!، هى حرام فى القاهرة وشرم حلال فى هيثرو ونيويورك!!، لماذا هذا الفصام المصرى فى التعامل مع إجراءات الأمن؟، الشخص الرافض لإبراز كارنيه النادى بحجة أنه شخصية مشهورة ومايصحش، اللى مايصحش إنه مايحترمش إنه شخصية عامة ويكسر القواعد، المفروض أن تكون قدوة للآخرين، المفروض أن تفعل ما لا يفعله الآخرون ويستثقلونه لأن عليك دور القدوة والنموذج كشخصية عامة، إذا زوغت من إبراز الرخصة فأنت تطالب العسكرى والضابط على الكمين بأن يغض الطرف عن الإرهابى ويجعله يزوغ مثلك!!،
وبعدها تبكى وتصرخ عندما تحدث حادثة إرهابية سببها متفجرات فى سيارة أو شخص مفخخ نفسه، لا تلوموا روسيا إذاً على وسوستها فى إجراءات أمن مطاراتنا لأنها تعرف جيداً إلى أى قاع قد انزلقنا فى الطناش والإهمال والكسل واللامبالاة والتفويت، يعرفون ثقافة شعبنا الذى بات يعشق المظهرية والتفاخر أكثر من الجدية والعمل والجهد واحترام القانون، لماذا حين نسافر إلى الخارج نكون فى قمة الالتزام والامتثال لقواعد المرور وطلبات رجال الأمن وشروط ركن السيارة وعبور الشارع وركوب المترو واحترام حارات الدراجات وعدم التدخين فى الأماكن العامة ووسائل المواصلات وتقديم كبار السن فى الطوابير.. إلخ، وما إن نعود حتى يركبنا عفريت الفوضى وفيروس اختراق القانون، السؤال متى تنتهى ثقافة اتكلم على أدك وبص انت بتكلم مين؟!!.
نقلا عن الوطن