الأقباط متحدون - قدوم القديس ساويرس الأنطاكي إلي مصر
أخر تحديث ٠٧:٠٥ | الثلاثاء ١١ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١ | العدد ٤٠٧٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

قدوم القديس ساويرس الأنطاكي إلي مصر

القديس ساويرس الأنطاكي
القديس ساويرس الأنطاكي
القمص: أثناسيوس جورج
الروح طلب ساويرس كما طلب قديمآ بولس وبرنابا للتبشير بالأنجيل نورا للمسكونة وملح لا يفسد ، فأنتخب ساويرس بطريركا للكرسي الانطاكي الرسولي في مجمع صور سنه ٥١٢ م حيث أقتبل رتبة البطريركية السامية ، ليكون خليفة للقديس بطرس الرسول ،عندها حدث عجبآ في رسامته ، إذ كانت رائحة الطيب تفوح في كل مكان بحضور السمائيين لصلاة التكريس والرسامة ، وأستعاد هذا الكرسي التليد مكانته ، بدحض آراء نسطور وأوطخيا وطومس لاون الروماني .
 
كتب الانبا ساويرس فور رسامته عهدآ لرؤساء الأديرة أكد فيه الأمانة الأرثوذكسية المستقيمة وقانون إيمان المجامع المسكونية ( نيقية والقسطنطنية وأفسس ) ، مع حرمه للقائلين بالطبيعتين بعد الأتحاد ... كذلك كتب الأشعار ( المعانيث) والتراتيل المتضمنة للحقائق الإيمانية والمزامير والتفاسير . أشتهر الانبا ساويرس بموهبة اخراج الشياطين والأرواح الشريرة ، كذلك تميز بأفتقاده للبلاد في زيارات رسولية تقليدية قانونية ضرورية ، يبشر ويعظ ويصلي ويطهر من برص الهرطقات ///عقد مجمعي أنطاكية" وصور سنة ٥١٣-٥١٤م بمؤازرة مار فليكسنيوس المنبجي ///، كذلك عزز الأخوة والشركة ما بين الكرسيين الأنطاكي والسكندري ، وحرم الأساقفة المنغمسين في حمأة البدعة النسطورية ، معتبرآ انهم ذئاب ومشحونين بالمخالفة للأسفار المقدسة والقوانين الكنسية . أشتهر بعظاته علي مدي سنوات بطريركيته ، وبمديحه الآباء أغناطيوس وأثناسيوس وباسيليوس واغريغوريوس وأنطونيوس الكبير في تذكارات أعيادهم ، وقد أقتدي بهم وأخذ عنهم المعرفة والغيرة الرسولية والعيشة النسكية ، وتمني ان يموت شهيدآ كالذين سبقوه ، وكان شغوفآ بالقديسين والشهداء حريصآ علي تذكاراتهم ، فمهما كانت انشغالاته إلا انه واظب علي إلقاء الخطب في المناسبات الطقسية والتعييد للآباء القديسين ، معتبرآ ان التأمل في حياتهم ينزل علينا إشعاعات نورانية تجعل سيرتهم كعسل حلو في أفواهنا ، وكأقراص العسل في نفوسنا .
 
تسمي أنبا ساويرس بفم الذهب ، وسماه يعقوب السروجي بالطوباوي وقويم الإيمان المتسلح بالحق ، ووصفه بأنه غير مغرق بحب الرئاسة ، وغير متشبث بشهوة السلطة.. لانه وجد أن الحياة المسيحية تسلق لجبل الفلسفة الإلهية ، وبلوغها يشبه قمة الجبل لان ناموسنا لا نقبله في ألواح حجرية بل ناموس الروح وألواح القلوب ، لنلهج به كل حين ونطبقه بالعمل ، وقد صرنا شريعة لمن يروننا ، في شريعة السيرة التي تقود للحياة العتيدة ، والتي نبدأها ونعيشها منذ الان ، متشبهين بالاجناد العقلية في التسبيح والسجود والهذيذ بالأسفار القدسية التي منها نجني ثمار الفردوس ونجمع الأزهار ... ففيما نحن هنا علي الارض بالجسد ، نسكن عقليآ في السماء ، أغنياء بالفضيلة ، نضبط الغضب والشر والشهوة ونرفض حياكة المؤمرات والوشايات والفتن وعبادة الفضة ، ونتحلي بالكلام الموزون لنعيش حياتنا الحاضرة والعتيدة في آن واحد .
 
كذلك رعي رعيته الناطقة بالمعرفة العقلية والروحية والرعوية بكل ما فيهامن معاني... وقادها الي المرعي الصالح ، يوردها الي مياة الراحة الصافية ، وهو لم يكرز لهم بيسوع آخر ولم ينادي ببشارة أخري ، ولم يضع اساسآ غير الموضوع ، لكنه بني كمهندس وبناء حكيم ... وشرح الاعتقاد بتجسد الكلمة من العذراء القديسة مريم ومن الروح القدس ، اتخذ ناسوتآ مساويآ لنا في الجوهر ، بنفس عاقلة وبدون امتزاج ولا اختلاط ولا تغيير ، فهو واحد من طبيعتين مسيح واحد ورب واحد وطبيعة متجسدة .
 
وقد كتب اعتراف الايمان علي أبواب الأديرة مع حرم للمجمع الخلقيدوني . كان أنبا ساويرس ينصت اولا للهمسات الإلهية كي يقتني خبرة الروح لا ليرضي الناس بخدمة العين ، بل لينبه وينذر ويكرز ، معتبرآ ان واجبات الإكليروس ورسالتهم ، بأن يوكل اليهم ان يكونوا رعاة من اجل العمل والسهر والتفتيش كل حين ، كقدوة وكمثل وكرامة وسيرة معاشة أمثلة للرعية باستقامه الحياة ... لان الكاهن كرقيب للرعية هو اول من يراقب حياته ويلاحظها كعلامة للحياة المستقيمة ، كذلك السهام تصوب للرعاة من بعض الرماة الذين يصوبون سهامهم ويعتبرونهم مرمي ، فينصبون قوسهم ويثبتوه نحوهم كهدف وعلامة يرسلون عليها السهام . فالشعب ناظرا نحو الكاهن كما نحو هدف أو علامه ( سلوكه ، أعماله، سيرته) ، لذلك الكلمات التي ترسم وجه الكاهن هي كونه رقيب ينظر ويشرف ويتطلع ويرصد قدوم العدو ، ليفتقد ويفتش ويبحث وينقب ويلاحظ ويمتحن ويفحص ويبحر كالغاطس الي الأعماق نحو خلاص نفسه والذين يسمعونه شاخصين نحو مخلصنا الوحيد ، مدبر ومنجي كل احد ، والذي لايشاء موت خاطي مثلما يريد ان يرجع وان يحيا بإرادة حرة وتجاوب الاستجابة لعمل النعمة ألمجانية .وراي ان الراعي لابد ان يكون.....ساهرا حارسا حراسات الليل ليشرق عليه مجد قوة الأعالي .
 
( كله عين ) يبقي واقفآ لا يجلس ولا ينام كراعي ماهر صالح ، لا يميل يمنه ولا يسره ، يسير في مقدمة القطيع كراية وعلامة وحامل للعلم ، يراه القطيع من بعد ليوجه مسيرة الرعية ( كعلامة مميزة) ، وصوت صارخ ينفخ بالبوق ولا يسكت ... وهو في كل دوره ( سنه ليتورچيه) يأتي الي نفس الموضوعات حسب القطمارس ، غير حاسبآ انه تكرار وان التعليم مزمع ان يكون الشئ عينه ، لكنه اعتبر ذلك بإرشاد وهدير ودنين لا يتوقف عن قول الشئ عينه مرات ومرات من اجل التكميل . وعندما أتي الانبا ساويرس الي مصر سنه ٥١٨م ، عاش بها عشرين عامًا بعيدآ عن كرسيه بالجسد لكنه لم يكن بعيدآ عنه روحيآ ، وكان يضع علي رأسه غطاء الفلسفة ( القلنسوة) ، وقد نظم احد فلاسفة السريان أنشودة تقول ( يا مصر يا مصر قومي رحبي بساويرس الآتي إليك وافتحي له ابوابك وزيني شوارعك ليدخل إليك ويطرد منك كل تعليم نسطوري وقح ) ، لكنه بشده اتضاعه كان يجول متنكرآ من مكان الي مكان ومن دير الي دير ، وقد اجري الله علي يديه آيات وعجائب كثيرة ولانه احب حياة الوحدة كما عاشها بالدير الذي شيدة في غزة ، كذلك عندما أتي الي مصر سكن في دير الزجاج ( غرب الاسكندرية) ، وكتب مصنفاته في شكل مدارش منظومة تنشد، او في شكل ميامر منظومة تقرأ ولا تنشد -كتابات جدلية ودفاعية وطقسية وتفسيرية وخطب منابر - وعظات ورسائل يعسر احصائها ، وقصائد وأشعار وسير في التزهيد والوصف والأبحاث والشرح والمديح ، كذلك كتب نوافير عديدة ( انافورا) اتسمت بنصاعة الألفاظ ودقة المعاني وحلاوة البلاغة والخشوع ، وقد جمع بين الفكر اللاهوتي الأنطاكي والسكندري في كل كتاباته وفي دفاعه الكريستولوچي اللاخلقيدوني ، إن سيرته الطاهرة وسيفه القاطع للهرطقات كان كالأسد ، عجيبآ في قوة محبته وحفظه للأمانة الأرثوذكسية ، باسطآ يديه كموسي فأهلك اصحاب البدع ، وصعد علي الجبل كارزآ بالإنجيل صبورآ محتملآ كخلية العسل والرحيق والعصارة الروحية ، فليكن ذكراه مؤبدآ .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter