الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم.. وفاة ملكة مصر السابقة فريده
أخر تحديث ٠٧:٥٨ | السبت ١٥ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ٥ | العدد ٤٠٨٣ الستة التاسعة
إغلاق تصغير

فى مثل هذا اليوم.. وفاة ملكة مصر السابقة فريده

ملكة مصر السابقة فريده
ملكة مصر السابقة فريده

فى مثل هذا اليوم 15 اكتوبر 1988م..
صافيناز ذو الفقار وشهرتها الملكة فريدة (5 سبتمبر 1921 - 15 أكتوبر 1988)، زوجة الملك فاروق الأولى ملك. ولدت في مدينة الأسكندرية بمنطقة جاناكليس، وهي تنتمي لعائلة ذو الفقار المصرية العريقة.

اشتركت في الرحلة الملكية التي قام بها الملك فاروق ووالدته الملكة نازلي وأخواته إلى أوروبا في عام 1937، وخلال تلك الرحلة تعرفت على الملك فاروق، وأعلنت الخطبة الرسمية بعد عودة الأسرة المالكة إلى مصر في صيف عام 1937، وتم الزواج في 20 يناير 1938 وسط احتفالات شعبية لم يسبق لها مثيل. أنجبت من الملك فاروق ثلاثه بنات هن الأميرة فريال والأميرة فوزية والأميرة فادية، وكانت محبوبة من الشعب المصري. طلقها الملك فاروق عام 1948، وكان طلاقهما من أسباب تراجع شعبية الملك بين أبناء الشعب...

بعد ثورة يوليو الذي أطاحت بالملكية في 23 يوليو 1952 غادر بناتها مع والدهم إلى منفاه في إيطاليا، ولم تستطع رؤيتهم مدة طويلة. ولكن بعد انتقالهن إلى سويسرا كانت تسافر كثيرًا لرؤيتهن.

عملت بالفن ورسمت الكثير من اللوحات، وشجعها خالها الفنان الكبير محمود سعيد على تنمية مواهبها في فن الرسم، ولكن واجباتها الملكية صرفتها عن ممارسة الرسم، لكنها عادت لممارسة فن الرسم منذ عام 1954 وذلك لتغطية نفقات معيشتها، وينتمي فنها إلى ما يعرف بالفن الفطري للكبار. كما أنها أقامت العديد من المعارض الفنية في مدريد وجزيرة مايوركا باريس والقاهرة وجنيف وبلغاريا وتكساس وذلك في سنوات السبعينات والثمانينات.

ظلت مقيمة في مصر حتى عام 1963 سافرت بعدها إلى لبنان وسويسرا وباريس وأقامت فيها. وفي عام 1982 عادت إلى مصر وعاشت فيها حياة عادية في إحدى شقق القاهرة، كما أقامت معرضاً فنياً بعنوان ألف رؤية ورؤية. وتوفيت في القاهرة ودفنت فيها، وعند وفاتها حضر بناتها الثلاث لمصاحبة جثمانها. كانت حياتها سلسلة من الصراع المستمر، صراع مع سيدات وبنات يطاردن الملك زوجها أو هو يطاردهن، مكائد حماتها نازلي وشويكار وغيرهن من متصابيات الأسرة المالكة، فساد الحاشية، فتن الأميرات، الطامعات الأجنيبات في أموال الملك. وحياة امتدت أحد عشر عاما زوجة مشاركة لفاروق عرش مصر.

ان كل من يأتي يطالبها بولي العهد ومن كان أكثر أدبًأ يقول «إن شاء الله المرة الجاية تجيبي لنا ولي العهد». واصبحت كل ولادة تشكل لها همًا كبيرًا. وأحست إحساسًأ فظيعًا عند ولادة فوزية في 7 أبريل سنة 1940 فقد كان الجميع يتوقع أن يكون ولدًا وليًا للعهد، لكن شاء الله أن تكون بنتًا.تقول فريدة عن ولادة فادية أخر بناتها:

فريدة ملكة مصر القرينة أمّا فادية فرزقني الله بها في 15 ديسمبر 1943 وكانت آخر ما رزقني الله وكانت أحب بناتي إلىَّ فريدة ملكة مصر القرينة
وقبل ولادة فادية كان ما بينها وبين فاروق قد انقطع وبدأت هوة الخلاف تتسع، وأصبحوا زوجين أسمًا وأصبحت بائسة من أن تلد وليًا للعهد. وأصبحت اتراه في مناسبات مثل عيد ميلاد البنات، وكان فاروق دائم السهر خارج السهر وبدأ كل منهم يتجاهل الآخر، فراحت تعتني بتربية الأولاد.

كان موكب جنازة الملكة فريدة موكبًا مهيبًا، تقدمه الكثير من كبار المسؤلين المصريين. ولكن كثيرًا من أفراد الشعب -خاصة كبار السن- حرصوا على السير في الجنازة حتى مثواها الأخير..!!

والصورة لدى الشعب عن الملكة فريدة (5 سبتمبر أيلول 1921- 16 أكتوبر تشرين أول 1988) انها كانت زوجةٍ مستاءة من غياب وابتعاد الزوج، وقد أصابها الضيق لأنه لا يقابل وفاءها وحبها بمشاعر متبادلة بعد أن انطفأت جذوة مشاعر الحب القديمة، خاصة بعد إنجابها لذريةٍ من البنات
إلا أن هذه صورةٌ ناقصة إن لم تكن خادعة

صحيحٌ أنه عقب طلاق الملكة فريدة من الملك فاروق، خرجت المظاهرات الشعبية وهتفت أمام قصر عابدين: "فريدة خرجت من بيت الدعارة إلى بيت الطهارة"..غير أن فريدة كانت لها أيضاً نزواتها..

فقد تسلل إلى قلب فريدة أكثر من رجل، بينهم البريطاني سيمون إلويز (29 يونيو1902- 6 أغسطس 1975) الذي اشتهر بغرامياته، وبينها علاقته بالليدي بنيلوب أيتكن، وخدم في الجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية برتبة لفتنانت كولونيل

تفاصيل أكثر وحيثيات أهم لتلك الخيانة الزوجية نجدها في كتاب المؤلفة البريطانية أرتميس كوبر وعنوانه "القاهرة: سنوات الحرب 1939-1945". ولعل المهم في ما كتبته المؤلفة البريطانية المشهورة أنها أسست ما قالته على الوثائق الرسمية للحكومة البريطانية سنة 1943، وضمنها تقارير المخابرات العسكرية البريطانية، إلى جانب تقارير اللواء السير توماس راسل (باشا) حكمدار بوليس القاهرة وقتها

وتجيء رواية أرتميس كوبر في كتابها بدءاً من صفحة 229 على النحو التالي:
"في بداية شهر مارس 1943 أبدى الملك فاروق شكوكه من تكرار زيارة زوجته الملكة فريدة لرسامٍ بريطاني جاء إلى مصر ضمن القوات البريطانية في ظروف الحرب اسمه الكابتن سيمون إلويز

"كان هذا الضابط في الأربعينيات المبكرة من عمره، وقد وصل إلى مصر في نوفمبر1941 مع الكتيبة العاشرة للهوسار. وألحق بقسم العلاقات العامة بقيادة القوات البريطانية في مصر. وبعد وصوله بفترة قليلة ظهر إلويز في مجتمعات القاهرة، يرسم لوحات زيتية لعددٍ من الشخصيات ضمنها السفير البريطاني السير مايلز لامبسون، والسيدة كونسويلو رولو الزوجة الجميلة للمليونير اليهودي الأشهر في مجتمع الإسكندرية، وغيره من نجوم المجتمع المصري البريطاني المختلط في تلك الفترة الغريبة. وكان إلويز يعتبر نفسه "دون جوان"، وقد قال لأحد أصدقائه إنه يستمتع عندما يرسم لوحة لامرأة جميلة، لكن الإلهام لا يكتمل عنده إلا إذا عرف صاحبة اللوحة بطريقة حميمة

"كان إلويز طموحاً وقد طلب أن يرسم صورة لملك مصر وملكتها الملكة فريدة. ولم يكن لدى الملك فاروق في ما يبدو وقت، وكذلك فإن الملكة فريدة بدأت جلسات طويلة أمام الرسام الإنكليزي، والتقى الرسام بالملكة فريدة أول مرة في بيت خالتها السيدة ناهد سري (زوجة حسين سري باشا)، وقد سبق الجلسات اتفاق بين إلويز وأحد مسؤولي القصر، على أن يتقاضى إلويز مبلغ ألف جنيه استرليني عن الصورة، وأن يحصل على نصف أتعابه مقدماً مع أمله بأنه إذا وجد الملك فاروق وقتاً فإن نفس العقد يتكرر معه

"وقبل جلسات الرسم تلقى إلويز تحذيرات من أحد مستشاري السفارة بأن يكون حريصاً في تصرفاته مع الملكة، لأنه يتعامل مع مجتمع شرقي له حساسياته وتقاليده، ولذلك يجب أن يكون شديد التحفظ في مسلكه، خصوصاً في حضرة الملكة

"كانت الجلسة الأولى في قصر عابدين وتكررت الجلسات، ثم أبدى إلويز للملكة شكواه من أن حركة الوصيفات من حولها ومقاطعتهن لها تفسد عليه تركيزه، وأبدى أن من الصعب مواصلة العمل في هذا الجو، وسأل الملكة إذا كان في وسعها أن تذهب إليه في مرسمٍ يعمل فيه لأن ذلك سوف يكون أدعى إلى كمال الصورة

"كان اقتراح إلويز حتى وإن كان مألوفاً في مجتمعات غربية صدمة لوصيفات الملكة في البلاط المصري. لكن إلويز أصر على أن مواصلة العمل في قصر عابدين صعبة عليه، وتمكن من إقناع الملكة فريدة بأن تذهب إليه حيث يسكن مع عدد من زملائه الضباط وحيث يعمل أيضاً

"كانت الملكة فريدة في بواكير العشرينيات من عمرها، وقد أنجبت لزوجها ابنتين هما فريال وفوزية، ولم تكن قد نجحت في إنجاب ولي للعهد يكفل استمرار حكم أسرة محمد علي..

وتحكي أرتميس كوبر عن ظروف تلك العلاقة قائلةً: "في تلك الأيام كانت علاقة الملكة فريدة بالملك فاروق قد ساءت إلى درجة أنه لم يعد بين الزوجين خطاب مباشر. وكانت الصلات بينهما عن طريق الوصيفات أو سكرتارية الملك، وكان ذلك هو السبب الذي أبدته فريدة لعدم استئذان أحد حتى زوجها في الذهاب إلى مرسم إلويز حتى يستكمل رسم صورتها، وكانت بذلك تعرّض نفسها ومركزها إلى خطر شديد في مجتمع شرقي متحفظ، خصوصاً أنه كان من الصعب إبقاء زياراتها لإلويز سراً. وكانت تذهب كل مرة وفي صحبتها وصيفة اسمها عقيلة هانم. وكان وصولها كل مرة ملحوظاً، وكان للقصر الملكي شبكة معلوماته. وكان أفراد الشبكة من "السفرجية" السودانيين، ومعظمهم على اتصال بمحمد حسن النوبتجي الخاص القائم على خدمة الملك

"كان سيمون إلويز يعيش في شقة مع اثنين من ضباط سلاح الطيران هما سوني ويتني وويتني ستريب والأخير من أسرة بريطانية أميركية وقد قُتل في ما بعد في فرنسا. وكان شريكا إلويز في شقته يعرفان بزيارات الملكة السرية إلى مسكنهم ويحرصان على التسلل خارجين منها عندما تجيء. ومن سوء حظهم أن الملك فاروق جاء مرة بنفسه إلى الشقة وهم داخلها، ومن سوء الحظ أيضاً أنهم وجدوا أنفسهم مضطرين في نفس اللحظة إلى مساعدة إلويز على تهريب الملكة فريدة ووصيفتها من الباب الخلفي للشقة حتى لا يراهما الملك. وسرت حكايات كثيرة في مجتمعات القاهرة عن علاقة إلويز مع الملكة فريدة. وطلب الملك عن طريق أحمد حسنين باشا إبلاغ السفير البريطاني في القاهرة برغبته في نقل إلويز إلى خارج مصر. (ووجه الملك طلباً آخر إلى الجنرال "باجيت" القائد العام)

ويوم 16 يناير كانون ثانٍ عام 1943 صدر أمر بسفر سيمون إلويز إلى جنوب أفريقيا. وكتب اللورد كيلرن في هذا التاريخ في يومياته ما نصه: "كان لا بد من الخلاص من إلويز وإلا قام الملك فاروق بتطليق زوجته". وثار إلويز عندما عرف أن ذهابه إلى جنوب أفريقيا لم يكن مؤقتاً كما قيل له، وكتب خطاباً ملتهباً إلى الملكة فريدة حجزته الرقابة البريطانية بسبب ما تضمنه وبينه غضب إلويز على السفير البريطاني الذي تدخل بنفسه لدى الماريشال ويفل لنقله من مصر..

وفي الجزء الأول من كتابه "المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" - الذي صدر في ثلاثة أجزاءٍ عن دار الشروق- يستخرج محمد حسنين هيكل من الوثائق البريطانية ما يجعله يؤكد بصورة قاطعة أن الملكة فريدة كانت "زوجة غير مخلصةٍ لزوجها" رغم "محاولات لا لزوم لها لرسم صورة مغايرة"..ونقرأ أيضاً "إن التماثل في السن بينها وبين زوجها خلق ــ على ما يبدو ــ لديها حاجة إلى رجلٍ أكثر نضجاً..وكان أن وقعت في غرام وحيد يسري باشا..

وفي كتاب عادل حمودة "الملك أحمد فؤاد الثاني.. الملك الأخير وعرش مصر" (سفنكس للطباعة والنشر، 1991) يروي له أمين فهيم سكرتير فاروق الخاص في وقتٍ من الأوقات أنه راجع مذكراته الملكية التي أملاها وهو في المنفى على الصحفي الإنجليزي نورمان برايس، وتوقف عند اتهامه لزوجته فريدة بالخيانة..وبالنص قال:

"كنت والحرب العالمية على أشدها أجتمع مع القادة العسكريين لمتابعة سير المعارك ومجريات القتال بينما زوجتي فريدة تخونني مع وحيد سري، وكان من ثمرة هذه الخيانة.. فادية".. ابنته الأخيرة.. لكن أمين فهيم شطب هذه الفقرة من المذكرات

والحاصل أن الوثائق والمراجع البريطانية هي أهم المصادر التي تابعت حياة الملك فاروق الشخصية، وبالذات تفاصيل ما طرأ على علاقة الملكة فريدة والملك فاروق. وكان المخبر الأنشط في المتابعة هو الأمير محمد علي الذي تحدث مبكراً جداً مع السير والتر سمارت (مذكرة بتاريخ 11 ديسمبر كانون أول عام 1941، ملخصها (نقلاً عن ولي العهد) "أن الملك فاروق في حالةٍ سيئة لأنه اكتشف وجود صداقة حميمة بين زوجته وبين وحيد يسري (باشا) (وهو الابن الأكبر لسيف الله يسري (باشا) زوج الأميرة سميحة حسين (ابنة السلطان حسين كامل)، وكان في بداية الأربعينيات من عمره، وجيهاً ناضجاً ومجرباً)..

وفيما قاله الأمير محمد علي أن فاروق طارد زوجته إلى بيت الأميرة سميحة حسين بظن أنها سوف تلتقي بوحي (باشا) هناك، وأنه تهور عليها أمام الجميع وفيهم الخدم ولكن الموقف أمكن تداركه

وبعدها بأسبوعين (24 ديسمبر كانون أول عام 1941) وكان ولي العهد المصري يزور السفير البريطاني يهنئه بعيد الميلاد، سأله السير مايلز لامبسون عن أحوال الزواج الملكي، وقال الأمير محمد علي "إنه لن يكون هناك طلاق"، ثم أضاف: "ليس في الظروف الحالية"!

وطوال عام 1945 ألحت برقيات السفارة البريطانية من القاهرة بشدة على العلاقات بين الملك فاروق والملكة فريدة. وترد بداية الإشارات ذلك العام في صدد الإعداد لمشروع زيارة ملكية يقوم بها ملك مصر وملكتها ضيفين على الملك جورج السادس وزوجته الملكة إليزابيث عام 1946، لكن كبير الأمناء البريطاني اللورد لاسيل بعد أن قرأ العديد من التقارير السرية لدى المخابرات البريطانية بعث يسأل اللورد كيلرن عما إذا كانت علاقة الزوجين الملكيين المصريين قد ساءت إلى هذه الدرجة، وعما إذا كانت فريدة سوف تجيء مع فاروق، وماذا يحدث إذا جاء الملك وحده؟

ولم يكن لدى اللورد كيلرن جواب واضح، لكنه بعد أربعة أيام كتب (155/ 307) يقول بالنص:
"شخصي وسري (وزير الخارجية المكتب الخاص قصر "باكنغهام

"قبل افتتاح البرلمان الجديد يوم 18 يناير تلقينا تقارير مضمونها أن الملك فاروق أرسل لزوجته الملكة فريدة قائمة بأسماء الأميرات والنبيلات اللاتي دُعين معها إلى جلسة افتتاح البرلمان في المقصورة الملكية. وعلى قائمة المدعوات لاحظت الملكة فريدة وجود اسم النبيلة فاطمة طوسون، والأمير ماهواش طوسون. والملكة فريدة تعرف أن النبيلة فاطمة طوسون على علاقة حميمة بالملك فاروق، وأنهما يلتقيان في بيت الأميرة شويكار التى تكرهها الملكة فريدة ولا تطيق سماع اسمها. وقامت كبيرة وصيفات الملكة فريدة بإبلاغ كبير أمناء القصر بأن الملكة لن تحضر الاحتفال بافتتاح البرلمان، وذلك وضع الملك فاروق في مأزق لأنه لم يعد يعرف كيف يبرر غياب زوجته عن المقصورة الملكية

"وعلم فاروق كذلك أن الملكة نازلي (الملكة الأم) لن تحضر الاحتفال هي الأخرى، فقد أبدت أن غياب فريدة وحضور فاطمة طوسون يضعانها في موقف حرج

"وباعتذار الملكة نازلي فإن المقصورة الملكية بقيت فارغة (وهو ما لاحظته زوجات الدبلوماسيين المدعوات للاحتفال وكل حضوره) لأن أميرات الأسرة ونبيلاتها لم يكن في وسعهن الذهاب إلى حفلة افتتاح الدورة البرلمانية في غياب الملكتين"

ويستطرد تقرير اللورد كيلرن (إلى الخارجية وإلى قصر باكنغهام) فيقول بالنص:
"إن الصحافة المحلية نشرت في اليوم التالي أن الملكة فريدة لم تستطع حضور احتفال افتتاح البرلمان بسبب إصابتها بنوبة برد، لكن المفاجأة التى وقعت لنا هي أن مكتب الملكة اتصل بالسفارة يدعو زوجتي (الليدي جاكلين كيلرن) إلى لقاء فوري مع الملكة وعرفنا أن غيرها من سيدات السلك الدبلوماسي في القاهرة دُعين أيضاً. وأثناء اللقاء قالت زوجتي للملكة فريدة بقصد المجاملة "إننا قلقنا جميعا لأن جلالتك لم تحضري احتفال افتتاح البرلمان أمس"، وكانت المفاجأة الأكبر أن فريدة ردت عليها بصوتٍ مرتفع تعمدت أن يسمعه الكل قائلة: "إن كرامتي كملكة لا تسمح لي بأن أحضر هذا الاحتفال"، وهذه الملاحظة من الملكة تؤكد لنا ما سبق أن وصل إلينا من معلومات. والمشكلة في القاهرة أنه لا يمكن الاحتفاظ بسر فيها، وكذلك فإنه يبدو أننا سوف نسمع كثيراً في الأيام المقبلة عن العلاقات بين الزوجين الملكيين"..

بهذه الأزمات الزوجية المتلاحقة انكسر فاروق..فقد كانت فريدة – واسمها الحقيقي صافيناز ذو الفقار- حبه الأول والأخير..تزوجها وعمره 18 سنة في 20 يناير كانون ثانٍ عام 1938، وأنجبت له ثلاث بنات: فريال (17 نوفمبر تشرين ثانٍ 1938) وفوزية (7 أبريل نيسان 1940) وفادية (15 ديسمبر كانون أول 1943).. ولم تنجب ولي العهد، فبدأت المتاعب بينهما في الظهور على السطح بعد أن كانت مقصورة على غرفة النوم

في غرفة النوم، كانت فريدة تدرك أن زوجها "رجل غير طبيعي"..علماً بأنه في اليوم الواحد "كان يتناول كميات كبيرة من اللحوم والعصائر والفطائر والمياه والمحار تكفي عشرة أشخاص، وكان المحار يأتي إليه خصيصاً من كوبنهاغن أسبوعياً" لارتباطه بتوليد قوة جنسية كان في حاجة إليها..والغريب أن فاروق الذي لم يكن يشرب الخمر -على عكس ما هو شائع- دأب على التظاهر بتناولها والتفاخر بالكلام عن أنواعها..مع أنه اقتصر الملك في شرابه على العصائر، وبخاصة عصير البرتقال، وكذلك البيبسي كولا التى فضلها لارتباطه مع شركتها بمصلحة مالية، وأيضا دخَّن سيجار هافانا

والأمر نفسه ينطبق على النساء

فعلى عكس ما هو معروف لم يكن قادراً على تذوق النساء، فعوض ذلك بالتهام الطعام ولعب القمار وسرقة الأشياء الثمينة وخطف النساء من أصدقائه..فقط الخطف

وحين كانت الملكة فريدة تقيم بعض الحفلات تدعو فيها زوجات السفراء وزوجات السفراء وكرائم السيدات المصريات، كان الملك فاروق يقف في النافذة يراقب هؤلاء السيدات، وأحياناً كان يتلصص من ثقب الباب أو يطل من الباب الموارب، وكثيراً ما بدأ علاقاته بهذا الأسلوب

ووفقاً للتحليل النفسي، فإن انعكاسات الضعف الجنسي تكون إما بالإيمان والتسليم بالأمر الواقع، وإما بمحاولة الإثبات للنفس بالمقدرة، وذلك عبر تعدد العلاقات النسائية من ناحية الشكل دون الجوهر، للادعاء أمام الجميع بأنه رمز الرجولة والفحولة

واختار فاروق الأمر الثاني

زد على ذلك تداعيات حادث 4 فبراير 1942 التي دفعته إلى الغوص في الملذات، كنوع من الترفيه عن الصدمة التي تلقاها، بعد أن استقر في أعماقه أن مُلكه لن يدوم، وقد صرح بذلك كثيراً، قائلاً إن عليه أن يستمتع بما يهوى

وقد أحاطت بفاروق أجمل النساء، لكنه اكتفى بذلك المظهر الخادع دون أن يقيم علاقاتٍ جنسية معهن..وكان السبب فسيولوجياً، وأثبتته التقارير الطبية، وسط فشل محاولات علاجه، وتعلق بضعفٍ هرموني وخمول غدد معينة جعلته يفتقد مقومات الفحولة، "حتى إنه كانت هناك فكرةٌ لإجراء عملية تنشيط لهذه الغدد الخاملة"..وهو ما سجلته الوثائق البريطانية التي نشرتها الدكتورة لطيفة سالم في كتابها عنه "فاروق وسقوط الملكية في مصر" الذي أشارت فيه إلى أن الأطباء أرجعوا ذلك الخلل إلى ما قبل زواج فاروق من فريدة واستمر معه

وفي إحدى الوثائق البريطانية نطالع حواراً بين رئيس الوزراء حسين سري والسفير البريطاني سير مايلز لامبسون – الذي أصبح لورد كيلرن- يكشف ذلك بوضوح:

"سري: لقد تأكدت من مصادري الخاصة أن الملك لا يذهب مع النساء إلى آخر المطاف
لامبسون: أعرف ذلك، وأعرف أن زوجته الملكة فريدة أخطرته بعد عيد ميلاد الأميرة الأخيرة أنه إذا اقترب منها كزوج فإنها ستستقبله كمتطفل

سري: وقبل الولادة لفظته لامبسون: ولكن.. كيف أنجب بناته؟
سري: إنه ليس عقيماً ولكنه يفتقد مقومات الشباب

لامبسون: هذا أمرٌ خطير ولا يستبعد أن يؤثر على عقله
سري: والحل؟

لامبسون: سأطلب من حكومتي الاتصال بالدكتور ب. هنري الذي سبق الكشف عليه عندما كان في لندن لنعرف حالته بدقة"
غير أن فاروق واصل حياته العابثة وعمد إلى الإبقاء على "صورته" التي تخالف حقيقة أمره، مما زاد الوضع سوءاً بينه وبين فريدة..!!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter