محرر الأقباط متحدون
نعي البروفسور شموئيل سامي موريه – الجامعة العبرية باورشليم-القدس، الحائز على جائزة إسرائيل في الأدب العربي وهي ارقى جائزة في إسرائيل الشاعر الكبير فاروق شوشة قائلا"كنت مولعا بدراسة حركات التحرير من قيود القافية والوزن بتأثير الشعر الأوروبي والامريكي وكان شاعرنا الفقيد احد السائرين في ركاب الشعر الحر المنوّع القافية والمتغيّر في عدد التفاعيل في ابيات القصيدة الواحدة. وعندما زرت القاهرة في أواخر القرن الماضي لم أحاول الاتصال به لانه كان يعمل في دار الإذاعة المصرية، وكان المثقفون المصريون آنذاك مشبعين بعربوية مصر الناصرية ويخشون كلمة التطبيع خشيتهم من جمر الغضا، ولذلك امتنعت عن احراجه بعد ان لاقيت ما لقيت من اعراض امثاله من الموظفين الحكوميين والعربويين والاخوانجية في تقوقعهم الثقافي والعلمي حتى في خدمة الأدب والشعر العربي.
ومع ذلك فقد غفرت لهؤلاء المتعصبين الذين يأبون التعاون العلمي في الأبحاث الأدبية والفنية وفضلت الاهتمام بشعراء الإنسانية الكبار من امثال صلاح عبد الصبور والشاعر عبد المعطي حجازي. فهؤلاء الشعراء فهموا الثورة الكبرى التي قام بها الشاعر العراقي المبدع المرحوم بدر شاكر السياب الذي انتقل من مقومات الشعر العربي الخطابي والحكمي التقليدي بعدد تفاعيل الابيات الثابتة والقافية الرتيبة المنومة، ووحدة البيت بانتهائه بقافية يتشوف اليها المعنى، الى شعر التجربة النفسية في حالة حدوثها متجنبا تحنيطها وإعادة وصفها الخارجي.
ومع ذلك فقد اعجبت بذوق شاعرنا الرفيع في مختاراته لقصائد الحب ومشاعره حول ما آلت اليه الأوضاع السياسة في العالم العربي، وأشجاني بقصيدته عن بغداد حين يقول في مرثيته الرائعة، بغداد يا بغداد:
كيف الرقاد ! وأنت الخوف والخطر
وليل بغداد ليل ماله قمر !
ها أنت فى الأسر : جلاد ومطرقة
تهوي عليك وذئب بات ينتظر
وذابحوك كثير؟ كلهم ظمأ
إلى دماك ؟ كأن قد مسهم سعر
أين المفر؟ وهولاكو الجديد أتى
يهيئون له أرضا فينتشر
أنى التفت فثم الموت ؟ تعزفه
كفان بينهما التاريخ ينشطر
بغداد حلم رف واستدار
كما يزف طائر
نأى به المدار
وحينما قصدت بابها الوصيد ذات يوم
على أضيع في رحابها الفساح
أسلمت نفسى للهوى القديم واستكنت
فتحت هذه الحجارة المهمشة
يرقد
-في شوارع الرشيد والمنصور أو أبى نواس –
جميع من قرأت من نجومها
ومن رجالها الأقمار
ومبدعي ديوانها المملوء بالفتوح
والأفراح والجراح والعمران
والخراب والفنون والجنون
والثورات والثوار !
وليلها المزهر في سماء عنفوانها !
كأنه نهار
وها أنا
أسير بين الكرخ والرصافة
أبحث عن عيون هاته المها
أسأل كيف طاب لابن الجهم
موسم الغرام ؟ والأشعار.