فاروق عطية
كل شهر من شهور السنة له أعياد وحكايات فيها الفرح وفيها الترح. علي سبيل المثال شهر يناير: يبدأ بعيد رأس السنة، وعيد الميلاد المجيد (7 يناير)، وعيد ثورة اللوتس (25 يناير). أما شهر فقراير فحكايته حكاية كتبت عنه مقالين ( فقراير وذبح الطواير) و (فقراير بدم الشهداء يكشف الضماير)، أحداث 4 فبراير 1942 بين الملك فاروق والانجليز ومحاصرة القصر، وموقعة الجمل (2 فبراير 2011) وتنحي الغير مبارك في 11 فقراير 2011. شهر
مارس: حدثت الأزمة بين محمد نجيب وجمال عبد الناص 1954، في مارس 1957 أعادت مصر فتح قناة السويس بعد العدوان الثلاثي، الاحتفال بتحويل مجري النيل عند السد العالي في مارس 1964، وقعت كل من أثيوبيا وتنزانيا ورواندا وأوغندا بالأحرف الأولي علي التفاقية إطارية لتفسيم مياه نهر النيل وكينيا تصدر بيانا تأييديا دون التوقيع في مارس 2010. شهر أبريل: صباحه كدب، هلاري كلينتون تعلن عن دخولها سباق الرياسة بالولايات المتحدة (12 أبريل 2016). شهر مايو: عيد العمال في مصر (أول مايو)، تم التوقيع علي اتفاقية سايكس بيكو لتقسيم تركة الرجل المريض (16 مايو 1916)، قيام دولة إسرائيل 15 مايو 1948، ثورة التصحيح (ثورة 15 مايو) 1971، رئاسة مصر لاجتماعات مجلس الأمن ابتداء من أول مايو 2016. شهر يونيو: بداية فصل الصيف (21 يونيو)، خروج أكثر من 33 مليون مصري في مظاهرات تأييد للجيش للتخلص من عصابة الإخوان والحكم الديني وعودة مصر دولة مدنية علمانية في 30 يونيو 2013. شهر يوليو: حركة ضباط 23 يوليو1952، تنازل الملك فاروق الأول عن العرش لإبنه الأمير أحمد فؤاد 26 يوليو 1952 ومغادرته البلاد، تأميم قناة اليويس 1956. شهر أغسطس: بداية الحرب العالمية الأولي 3 أغسطس 1914، انفجار المفاعل الذري تشيرنويل 20 أغسطس 1986، حل حزب الحرية والعدالة أغسطس 2013، إفتتاح تفريعة قناة السويس الجديدة 5 أعسطس 2015. شهر سبتمبر: توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل (11 سبتمبر 1979)، اصطدام طائرتين مختطفتين ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وانهيارهما مخلغة أكثر من 3000 قتيل.
نأتي لبيت القصيد وهو شهر اكتوبرالمليئ بالأفراح والأتراح، الأعياد المصرية والعالمية بداية من انتصار قواتنا المصرية الباسلة في حرب السادس من أكتوبر 1973 ونهاية بالهلوين في نهايتة، وتخلله مأساة دهس المتظاهرين بمسبيرو:
ـ حرب السادس من أكتوبر: الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة، شنتها كل من مصر وسوريا علي إسرائيل عام 1973 بهجوم مفاجئ علي القوات الإسرائيلية المرابطة في سيناء وهضبة الجولان، وساهمت فيها بعض الدول العربية سواء عسكريا أو اقتصاديا. حقق الجيشان الأهداف الإستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل. كانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى للحرب، حيث توغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس. وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا ولكنها خرجت خارج مظلة الصواريخ المضادة للطائرات، ولأسباب غير معروفة حتي الآن جاءت الأوامر للقوات المتقدمة بالانسحاب والتراجع وهي مكشوفة وبدون غطاء جوي، مما مكن الطيران الإسرائيلي من إلحاق خسائر جسيمة بالقوات المنسحبة. وفي نهاية الحرب انتعش الجيش الإسرائيلي بفضل الإمدادات الأمريكية العاجلة وتمكن علي الجبهة المصرية من فتح ثغرة الدفرسوار وعبر إلي الضفة الغربية للقناة وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني، ولكنه فشل في تحقيق اي مكاسب استراتيجية سواء بالسيطرة علي مدينة السويس أو تدميرالجيش الثالث الميداني. وعلى الجبهة السورية تمكن من رد القوات السورية عن هضبة الجولان. وفي نهاية الحرب عمل وزير الخارجية الأمريكي وسيطا بين الجانبين ووصل لاتفاقية هدنة لا تزال سارية المفعول بين سوريا وإسرائيل، واستبدلت بين مصر وإسرائيل باتفاقية السلام الشامل بكامب ديفيد 1979. ومن أهم نتائج الحرب استرداد السيادة الكاملة علي سيناء وقناة السويس وعودة الملاحة بها، وتحطيم اسطورة أن جيش إسرائيلي لا يقهر، ومهدت الطريق لاتفاقية السلام (كامب ديفيد) بين مصر وإسرائيل.
أظهرت النكسة (قبل حرب أكتوبر) إبان حرب الاستنذاف والاستعداد للثأر، مدي تفاعل الدول العربية فمنها من ساهم بالسلاح والتأييد ومنها من تقاعس وكان شوكة في ظهر مصر والعروبة. وتمثل تأييد الدول العربية الصديقة في الدعوة لحظر تصدير البترول للدول الحليفة لإسرائيل. وعرضت العراق وليبيا دعوة الحظر في مؤتمر الخرطوم في 29 أغسطس عام 1967، لكن الملك فيصل رفض رافعًا الشعار أن النفط ليس سلاحًا بل هو مورد اقتصادي يتعين استخدامه في حدود المصالح الاقتصادية والتجارية. اتخذت العراق قرارها بمنع تصدير النفط للدول المتحالفة مع إسرائيل وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا، والذي طبقته فعليًّا بدءًا من يوم 6 يونيو، وكانت الدولة الوحيدة المعارضة لهذا الحظر هي المملكة السعودية. استاء الملك فيصل و وأعلن أمام أصدقائه الأمريكان عبثية المعركة، وعارض الحظر، ثم قبله في يوم 19 أكتوبر وماطل في تطبيقه علي أرض الواقع حتي لا يضر بالمصالح الأمريكية الحيوية، حتى أنه استجاب أثناء الحظر لطلب أمريكي بتموين السفن الحربية الأمريكية بالبحر المتوسط التي عانت من نقص الوقود. وبالرغم من هذه الخيانة الواضحة وتعمد الإضرار بمصر وجيشها يأتي النظام المصري اليوم وبكل سذاجلة ويكافئ السعودية علي خيانتها وإهدائها جزيرتين مصريتين (تيران وصنافير) استشهد أبناء الوطن وجاد بدمائه الذكية للدفاع عنهما.
ـ عيد الشكر (ثانكس جفينج داي): تقام الاحتفالات بأعياد الشكر في أماكن مختلفة من العالم، لها جذور دينية وثقافية، وإن كان الاحتفال به هذه الأيام يتم بطريقة علمانية. كان الاحتفال بعيد الشكر يتم في فصل الخريف، يقوم به المزارعون بعد موسم الحصاد لكي يشكروا الرب على ما منحهم من خيرات. وفي عام 1620 وصل بعض الإنجليز إلى مدينة بليموث في ولاية ماساتشوستس، وبعد رحلة طويلة وبسبب قلة خبرة المهاجرين في الزراعة والطقس البارد توفي البعض منهم. وبعد شهور تدخّل رئيس قبيلة الهنود الحمر المسيطرة في المدينة فتقرّب من المهاجرين الإنجليز لإنقاذهم من المعاناة والخسائر التي تواجههم، وعلمهم صيد الدجاج الرومي (التركي) وزراعة الذرة. و للاحتفال باول موسم حصاد أقام الإنجليز احتفالا لثلاثة أيام دعوا الهنود إليه ليشكروهم على المساعدة وللصلاة. ومنذ ذلك التاريخ بات الاحتفال بعيد الشكر من التراث الاميركي مناسبة اجتماع ولقاء. وفي عام 1941 أقر الكونجرس الأمريكي الاحتفال بهذا العيد الخميس الذي يأتي قبل السبت الأخير من شهر نوفمبر من كل عام. من الطريف أن يتم طبخ الآلاف من الديوك الرومية ولا يترك إلا ديك واحد يهدي لرئيس الجمهوؤية ليصدر قرارا جمهوريا بالعفو عنه ويمنع من الذبح.
أما في كندا ترجع أصول الاحتفال به إلي عدة حوادث تاريخية: 1ـ في عام 1578 قدِم الملاّح الإنكليزي مارتن فروبشر إلى مقاطعة نيوفوندلاند. ولمناسبة وصوله بالسلامة بعد أن واجهت سفنه الخمسة عشر مصاعب عديدة لإعاقة الثلوج لها، أُقيمت عِدَّة إحتفالات فيها. وبعده واصل المستوطنون القادمون إليها هذا التقليد. 2ـ وصول المهاجرين الفرنسيين إلي كندا عام 1604 مع المستكشف صمويل دي شمبلين وأقاموا احتفالات الشكر شاركهم فيها السكان الأصليون. 3ـ في عام 1750 قدِم المستوطنون الأمريكيون من الجنوب إلى مقاطعة نوفاسكوشيا وأقاموا فيها إحتفالات الشكر. 4ـ أثناء إعلان كونفدرالية كندا عام 1872 تم اعتماد عيد الشكر في الخامس من أبريل من كل عام لذكري شفاء أمير ويلز من مرض خطير (أصبح الملك إدوارد الثامن). في عام 1879 أعلن البرلمان الكندي 6 نوفمبرعطلةً رسمية. لكن مع السنين تغيَّر عيد الشكر عدة مرات، وفي 31 ينايرعام 1957 تم إعلان الإثنين الثاني من أكتوبر ليكون عطلة رسمية للإحتفال بعيد الشكر. 5ـ بعد حرب الاستقلال الأمريكية لجأ إلي كندا بعض الجنود الأمريكيون الذين كانوا يدينون بالولاء لبريطانيا، وجلبوا معهم بعض عادات عيد الشكر الأمريكي مثل الديك الرومي والقرع العسلي.
ـ أحداث ماسبيرو 2011: مذبحة ماسبيرو أوكما يطلق عليها البعض بيوم الأحد الدامي، بدأت بمظاهرة انطلقت من شبرا إلي مبني الإذاعة والتلفزيزن المعروف باسم مبني ماسبيرو، ضمن فعاليات يوم الغضب القبطي، ردا علي قيام سلفيي قرية المريناب بمحافظة أسوان بهدم كنيسة إدعوا علي غير الحقيقة أنها غير مرخصة، علما بأن الكنيسة مقامة منذ منتصف الثمانينات وتقام بها الصلوات ولم تقم السلطات المصريّة بهدمها، وتصريحات المحافظ الكاذبة والمسيئة للأقباط المسيحيين، وتحولت إلي مواجهات بين المتظاهرين العزّل وقوات من الشرطة العسكرية والأمن المركزي المدججة بالأسلحة المحمولة علي المدرعات، وأفضت إلي دهس أكثر من 35 مسيحيا، وكان ضمن المتظاهرين عدد من الأقباط المسلمين. في مساء 4 أكتوبر 2011 قامت قوات الشرطة العسكرية بفض المظاهرة بالقوة المفرطة عقب قيام قوات من الأمن المركزي بضرب المتظاهرين وتعقبهم حتي ميدان التحرير، ثم انسحبت لتحل محلها قوات الشرطة العسكرية التي طالبت الأقباط بإنهاء اعتصامهم وعندما رفض المتظاهرون قامت بإطلاق الأعيرة النارية وأصابت 6 معتصمين، كما قام جنود الشرطة العسكرية بالضرب المبرح لأحد المتظاهرين وهو الشاب رائف فهيم. والغريب أن الإعلام المصري صور الموقف علي أن الأقباط قد تعدوا علي قوات الجيش والشرطة العسكرية بالسيوف والخناجر والأسلحة النارية، في حين أن الحقيقة التي نشرتها وسائل الإعلام المستقلة أن المحتجّين كانوا يسيرون سلميا لا يحملون سوا الصلبان الخشبية، وحين وصلوا لماسبيروا أطلق الجيش النار عليهم وقامت المدرعات بتعقبهم مما أدي لعمليات دهس العشرات منهم. وحتي يومنا هذا (الذكري الخامسة للمذبحة) لم يتم إماطة اللثام أومحاكمة االرؤوس المدبرة لهذه المذبحة.
ـ عيدالهلويين: يعتبر الكثير من المؤرخين عيد " السمهاين " الذي كان يحتفل به أقوام الـ " السيلتك " القدامى ( من أيرلنديين واسكوتلانديين وويلزيين ) هو الأصل الذي تحول فيما بعد إلى عيد الهالوين. كان شعب السليتك يعتمد تقويماً قمرياً ولهذا لم يكن عيد إلههم سمهاين ثابتاً، لكن بعد اعتماد التقويم اليولياني الروماني صار عيدهم ثابتا في نهاية يوم 31 أكنوبر أي الليلة السابقة لعيد القديسين المسيحي. كان يوم السمهاين أول يوم من أيام السنة لدى السيلتك، كما أنه كان يوم الموتى، حيث كان الناس يعتقدون أن أرواح الموتى الذين ماتوا في تلك السنة يسمح لهم بالعودة والتجول على أرض الأحياء ويجب استرضاؤها لكي لا تصنع شراً. ولتمثيل هذا الطقس كان الناس يزورون البيوت كما تفعل الأرواح ويطالبون باسترضائهم " يجمعون مالاً " كما كانت تُقدّم التضحيات البشرية في تلك الليلة الرهيبة. ولا تزال الكثير من المعتقدات التقليدية والعادات التي كانت تصاحب الاحتفال بعيد سمهاين تصاحب الاحتفال الذي يقوم به الناس في الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر. ولعل أهم ما بقي من تلك العادات عادة تقديم بعضا من الحلويات والشراب للمحتفلين الذين يضعون الأقنعة ويرتدون أزياء خاصا بتلك الاحتفالات، ويطوف الأطفال من بيت لآخر ومعهم أكياس وسلال لتملأها بالشوكولاته، يطرقون أبواب البيوت قائلين (تريك أو تريت) بمعني (يا تقب يانلب) إذا حصلوا علي الحلوي ينصرفون فرحين وإن لم يعطوا قد يرشقون البيت بالبيض الفاسد. إضافة إلى عادة إشعال الحرائق في الهواء الطلق لطرد الأرواح الشريرة. قامت الكنيسة في بريطانيا بمحاربة هذه العبادات الشيطانية وممارساتها الدموية. مما دفع بأتباع تلك الديانة إلى المقاومة والمبالغة في احتفالاتهم، كتهديد كل من لا يعطيهم المال، والسخرية من الممارسات المسيحية كتزيين الهياكل العظمية ووضع اليقطينة المنحوتة وبداخلها شمعة موقدة للسخرية من تكريم المسيحيين لجماجم القديسين وبقاياهم.
بعد انتقال العيد من ايرلندا مع المهاجرين الاولين الى الولايات المتحدة الاميركية اصبح شعاره القرع بدلا من البطاطس الشعار القديم في بلاد السيلتك، وعملوا على استثمار (الهالوين) تجاريا، فكان أول الرابحين منه صناعة الافلام في هوليوود، ففي العام الواحد تنتج عشرات الأفلام عن عيد الهالوين كأفلام الرعب والكرتون للأطفال. أما مصانع الألعاب و الحلويات والملابس تستعد لهذه المناسبة بصناعة وتسويق كميات كبيرة من المنتجات الخاصة بهذا العيد والألعاب والملابس باشكال هياكل عظمية ونماذج اليقطين والوطاويط ومصاصي الدماء والأشباح لتحقق بذلك مكاسب وارباح خيالية كل عام من جراء الاحتفال بعيد الهالوين.
ـ الهلوين في المسيحية: هو الليلة السابقة لعيد جميع القديسين الذي يأتي في الأول نوفمبر حسب التقويم الغربي ( حسب التقويم الشرقي تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية في الأحد التالي لعيد العنصرة بعيد جميع القديسين ). ويحتفل المسيحيون بالهلوين والذي كان يعرف بـ " هالوز إيف " ومعناه: ليلة القديسين، وهي الليلة التي تسبق يوم القديسين الذي كان يعرف باسم " هالوز داي ". وقد اشتق اسم هالوين من عبارة " هلوز إيف"
ـ الهلوين في الفلبين: في 21 أكتوبر 2014 زرت الفلبين وقضيت بها 25 يوما، جاء عيد الهلوين خلالها ولاحظت أن الفلبينيون يحتفلون بعيد الهلوين ليلة 31 أكتور بوضع 7 شمعات موقدة في مداخل بيوتهم ويجوب الأطفال بعد صبغ وجوههم باللأوان المختلفة ولبس ملابس غريبة طالبين العطايا كما يفعل أطفال كندا والولايات المتحدة. وفي اليوم التالي (أول نوفمبر) مساء يحتشد الناس لزيارة المقابر للإحتفال مع موتاهم. في هذا المساء يكون الوصول للمقابر التي تبعد عن مترو مانيلا بما لا يزيد عن عشر كيلومترات، لكن للازدحام الشديد والأعداد الغفيرة من السيارات المتجهة جميعها لنفس المكان (المقابر) تستغرق الرحلة بالسيارة ما لا يقل عن ثلات ساعات وربما أكثر. وحين يصل الركب إلي المقابر تنتشر كل عائلة حول مقبرة زويهم يتناولون الطعام ويضعون صحنا من الطعام الذين يأكلوه فوق مقبرة المرحوم ..!!