تتزايد يوماً بعد آخر حدة الضغوط التى يعانى منها المصريون بفعل ارتفاع الأسعار وأيضاً الخدمات التى تقدمها الدولة من ماء وكهرباء، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأدوية ومن ثم ارتفاع أعباء وتكاليف المعيشة. وفى الوقت الذى تتصاعد فيه معدلات الغلاء وارتفاع أعباء الحياة، تواصل الحكومة عملها بطريقة تقليدية وكأن الأوضاع على ما يرام، وهى ليست كذلك، الرئيس من جانبه يبذل كل جهد ممكن ويحاول تحسين الأحوال فى وقت تتعرض فيه البلاد لمؤامرات إقليمية ودولية لها امتداداتها الداخلية متمثلة فى فلول الجماعة الإرهابية وأنصارها، فضلاً عن بقايا رجال زمن مبارك الذين يرغبون فى العودة بقوة وكأن ثورةً لم تحدث ولا ثمناً باهظاً دفعه الشعب من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
ويبدو واضحاً أن الحكومة الحالية تمثل عبئاً شديداً على الرئيس والشعب أيضاً، فهذه حكومة من رأسها مكونة من تكنوقراط لا علاقة لهم بالرؤية الشاملة ولا مكان للتخطيط الاستراتيجى فى فكرهم، هى حكومة تأدية واجب لا أكثر، ومن ثم فهى حكومة لا تناسب إطلاقاً طبيعة المرحلة التى تمر بها البلاد والتى تشهد مؤامرات وتحالفات ورغبات مشتركة لتركيع مصر وسلبها استقلالية القرار، سواء بفعل الضغوط الدولية من قوى كبرى أو ضغوط الحاجة المالية من قوى إقليمية لا تمتلك من مكونات القدرة الشاملة سوى المال الريعى.
يأتى كل ذلك فى وقت تسعى فيه الجماعة الإرهابية عبر حلفائها الإقليميين وفلولها وخلاياها النائمة فى الداخل إلى استغلال حالة الغضب بفعل ارتفاع أعباء الحياة وتكاليفها من أجل دفع المصريين للخروج مجدداً إلى الشارع فى ثورة جديدة، نعلم ويعلم الجميع أن هذه دعوات وهمية وأن أى حديث اليوم عن خروج إلى الشارع وثورة جديدة إنما هو دعوة للفوضى والتخريب. فالجماعة تتعامل مع فكرة الثورة باعتبارها أداة للقفز على السلطة، ولا يدركون أن الثورة هى حالة شاملة تتفاعل اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وتسعى إلى مواجهة الجور والظلم والفساد والاستبداد كما حدث ذلك فى يناير ٢٠١١ ضد نظام مبارك فكان السقوط المدوى. وتعاملت جماعة الإخوان مع الثورة باعتبارها مطية للوصول إلى السلطة وبدء تطبيق مشروع الجماعة الأممى فكان الخروج الثانى للمصريين فى الثلاثين من يونيو لاسترداد ثورتهم وهويتهم أيضاً، ويقول لنا جون لوك الفليسوف الإنجليزى، أحد آباء نظرية العقد الاجتماعى: «إن الحكم أمانة شعب عند الحاكم ويمكنه استردادها فى أى وقت عند إساءة التصرف»، ويضيف: «الحاكم يتعهد بالحفاظ على حقوق الشعب فى الحرية والحياة والتملك، فإذا لم يلتزم الحاكم بأحكام الوديعة وإذا ما سلب المحكومين حقوقهم، من حق المحكوم أن يثور ضد السلطة دفاعاً عن النظام العام وليس بغرض تحقيق الرغبات الفردية»، ومن ثم فالثورة هدفها تحقيق النظام والأمن وليس العصيان، هدفها تحفيز السلطة الجديدة على مراجعة أخطاء السلف والتفكير فيها لإصلاحها حتى لا تقع الثورة مجدداً، فالثورات تقع نتيجة ظلم النظام ورغبة الشعوب فى تصحيح الموقف. أما الأب الروحى لنظرية العقد الاجتماعى الفرنسى جان جاك روسو فيقول «الشعوب تملك السلطة والسيادة ولها الكلمة الفصل، والمناصب العامة تعين من قبل سلطة الشعب التى تمنح وتحاسب فى نفس الوقت». تثور عليه استرداداً لوديعتها، فمن لا يكون أميناً فى حفظ الوديعة وصيانتها تنزع منه وتمنح لغيره. وقد نزعت الوديعة من مبارك ومن بعده الإخوان لأن أياً منهما لم يكن أميناً على الوديعة فاستردها الشعب فى يناير ٢٠١١ ثم يونيو ٢٠١٣. ونقول إن الرئيس السيسى أمين على الوديعة التى استودعها الشعب بيديه عندما خرج فى الثلاثين من يونيو يطالب بسقوط حكم المرشد والجماعة وفى السادس والعشرين من يونيو عندما خرج ليفوضه فى محاربة الإرهاب، وخرج مرة ثالثة مطالباً إياه بالترشح لرئاسة الجمهورية ومرة رابعة للتصويت له فى الانتخابات، لكن ما نود التشديد عليه هنا هو أن الحكومة الحالية باتت عاجزة تماماً عن التوافق مع رؤية وإيقاع حركة الرئيس وباتت تخصم من رصيده فى الشارع لذلك نطالب الرئيس بحكومة جديدة، «حكومة حرب» تقاتل إلى جواره دفاعاً عن مصر والمصريين، تواجه المؤامرات التى تحاك للبلاد، تضرب بيد من حديد كل فاسد جشع، تمتلك رؤية اقتصادية بعيدة المدى، نريد رئيساً للحكومة الجديدة من نوعية رجل الاقتصاد المصرى العالمى محمد العريان، نأمل أن يقدم الرئيس على هذه الخطوة فى أسرع وقت وأن يكون التغيير شاملاً فسياسة الاستبدال لم تعد تجدى، أرجوك سيادة الرئيس.. من أجل مصر والمصريين، غيّر هذه الحكومة بحكومة جديدة بالكامل، حكومة رجال حرب يقاتلون معك.
نقلا عن الوطن