أحسن المستشار مجدى العجاتى، وزير الدولة للشؤون القانونية ومجلس النواب، قولاً تحت قبة البرلمان: «الحكومة تتعشم فى إصدار مجلس النواب لقانون كامل لتكريم أسر الشهداء يتضمن كافة حقوقهم، مؤكدا على أن الحكومة حتى صدور القانون تعمل وفق قدراتها للاهتمام بأسر هؤلاء الشهداء».
أحسنت سيادة المستشار، هذا هو القانون الأولى بالصدور، أسر الشهداء هم الأولى بالرعاية، وتمتيناً لحديث المستشار العجاتى يجب أن تتوفر الحكومة على إنجاز مشروع هذا القانون فى أقرب فرصة، ولا يفوّت البرلمان الفصل التشريعى الجارى دون إصدار هذا القانون الذى يضمن حياة كريمة لمن قدموا أرواحهم للوطن فداء.
سرعان ما ستنفض البكائية، وسيخمد النحيب، ويجف المداد، وكل واحد سيلتفت لحاله، والدنيا تلاهى، وحتى إشعار آخر، وشهداء جدد، أخشى أن تضيع الفكرة المعتبرة التى قال بها المستشار العجاتى فى لجة المشاكل الحياتية والأجندة الحكومية المتلتلة بالصعاب.
ليفعل خيراً المستشار العجاتى ويتبنى هذه الفكرة ويتوفر عليها باعتباره عضواً فى الحكومة ومفوضاً عنها فى البرلمان، ومن موقعه قادر على إنجاز القانون طالما توافرت الإرادة السياسية لتكريم الشهداء، والإرادة السياسية تجسدت فى أسمى معانيها عندما انحنى رئيس الدولة مقبّلاً رأس ويد والدة الشهيد إسلام، ومن بين دموعه لن يتأخر عن الدفع فى ظهر هذا القانون المنتظر.
الظرف مواتٍ، والشهداء يضحون فى معركة التحرير الثانية، والشعب عن بكرة أبيه يخرج مشيعاً الشهداء، مواكب الشهداء تجوب الريف والصعيد وخط القنال، لم يرزق شعب بهذه النخبة العظيمة من الشهداء، يتنافسون على الشهادة.
أقل واجب إكرام أهليهم، واجب وطنى إعالة ذويهم، فرض عين تجليس هذه الفكرة فى قانون يرى النور ليبصر أولاد الشهداء نوراً جديداً بعد أن خطفت الديابة نور أعينهم، وفلذات أكباد الأمهات، ومُنى أمل الزوجات قانون يقول لهم نحن معكم، أنتم فى القلب، وأولادكم فى ننى العيون.
أعلم علم اليقين أن الحكومة لا تقصر فى حق الشهداء، ووزارتا الدفاع والداخلية لا تدخران وسعاً فى رعاية أسر الشهداء، وتكرمهم على مختلف الأصعدة، وتحتفى بهم، وترقيهم إلى رتب أعلى وتمنحهم الأوسمة والأنواط، ولكن كما يقول المستشار العجاتى «وفق قدراتها»، ووفق مواد فى قوانين حاكمة لعمل هذه الوزارات والهيئات والمؤسسات.
ما يحتاجه الشهداء من بعدهم قانون خاص يحفظ لأهليهم وذويهم عيشاً كريماً، قانون يحمل اسم قانون «حق الشهيد»، مواد قانون ترد إليهم جميل صنيعهم، ليس أثمن من الشهادة، وليس أغلى من الروح، وليس أعلى منزلة من الشهداء، يلازمون الأنبياء فى الجنة، فى أعلى عليين.
يجب تنزيل الشهداء فى الحياة الدنيا مثل منزلتهم فى السماء، ولنجتهد فى البذل لهؤلاء، ولا نقتر عليهم، ونكفى أهليهم مؤنة الحياة، الفقد جد عظيم، فقد الولد يحش الوسط، ويكسر الظهر، وفقد الزوج يحيل الحياة بلونين الأبيض والأسود، وفقد الأب يتبعه يُتم، ومن لم يجرب اليتم لا يعى مذاق الحياة، وصبر جميل.
الحرب مستعرة، والديابة عقور، والشهادة صارت طقساً، يلون الأيام، وطابور الشهداء يطول، وكل يوم هناك شهيد يلتحق بالموكب العظيم، ع الحدود هناك شباب يجودون بالأنفس، ويتمنون شهادة، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، أنتم السابقون ونحن اللاحقون، لا تلهيهم تجارة أو بيع، مرابطون فى سبيل الله، فلتبروهم فى أهليهم وذويهم بهذا القانون الذى يكرمهم ويطمئنهم على ما خلفوا وراءهم من ثكالى وأرامل وأيتام.. أرجو أن تتحمس الحكومة لإصدار هذا القانون وليجتهد نواب البرلمان فى إعانة الحكومة على إصداره، هذا حق الشهداء، ودين فى الرقاب.
نقلا عن المصري اليوم