أذهلنى تحقيق صحفى في جريدة أخبار اليوم يوم 8 أكتوبر وكان على صفحتين حيث الصفحة اليمين مديح وغزل في مستشفى 57 بينما الصفحة المقابلة شتيمة في سلسفيل جدود المعهد القومى للأورام!.. ولأن معهد الأورام بيتى ومقر عملى فوسع بقى يا حمادة واجرى استخبى لأننى سأنطلق بالرافال والإف 16 وحالا بالا هانزل بالباراشوت فارشة الملاية.. الدافع لهذا التحقيق هو ما تداولته مواقع التواصل من تسجيل فيديو للأمن الخاص بمستشفى 57 أثناء ضربهم لأهل طفل مريض بالسرطان رفض المستشفى استقباله لأن حالته متقدمة.. ولأن معهد الأورام يقبل جميع الحالات دون تمييز أو شروط فتفتق ذهن القائمين على مستشفى 57 في الهجوم على معهد الأورام حتى لا تذهب التبرعات إليه!.. شايف الفلوس بتبوظ النفوس إزاى يا حمادة؟ّ.. طيب عندما تكون عكاكا لدرجة أننا نستقبل الحالات التي تتدهور عندك أو التي ترفض استقبالها، فلماذا لا تدعنا في حالنا طالما إننا بنمشى ننظف وراك؟!.. ما لا تعرفه يا حمادة هو أن معهد الأورام القومى هو المرجعية التي يستند عليها تأسيس جميع مراكز الأورام بالجمهورية،
لذلك فعميد المعهد د. محمد لُطيِف عضو في العديد من اللجان التي تحدد السياسة العلاجية لمرضى الأورام في مصر والشرق الأوسط.. لكنك لو سألتنى لماذا نار الغيرة شعللت هكذا فجأة من معهد الأورام، سأجيبك بأنه في العام والنصف الأخيرين شهد المعهد نقلة حضارية جامدة، ففى بداية العام الماضى تسلم الدكتور محمد لطيِف عمادة المعهد وكان المعهد مديونا دينا تراكميا بـ62 مليون جنيه لشركات الأدوية، لكنه تمكن بدون أي سحر أو شعوذة من سداد المديونية كاملة على مدى العام والنصف.. برضه بتفرق يا حمادة لما تكون اتعلمت برة وصنفروا دماغك، والدكتور لطيِف أصله حاصل على الدكتوراة من لندن، هذا بالإضافة لحصوله على دبلومة إدارة المستشفيات من الجامعة الأمريكية، لذلك استطاع في فترة وجيزة أن يجدد العيادات الخارجية لتصبح أرقى عيادات بالشرق الأوسط فتستوعب ما لا يقل عن 1000 مريض يوميا، بالإضافة لحرصه على شراء أحدث الأدوية العلاجية، وبدلا من وجود جهاز واحد معطل منذ 7 سنوات للعلاج الإشعاعى اشترى 4 أجهزة كبشة واحدة فقضى على ظاهرة قوائم الانتظار التي كانت تمتد لشهور طويلة لا يتحملها المريض.. مشكلة معهد الأورام الرئيسية هي ضيق الموارد لأن المعهد يقدم العلاج مجانا، كما أن ميزانيته ضئيلة للغاية ولا تتناسب مع زيادة أسعار أدوية الأورام، لكن لأن الشاطرة تغزل برجل حمار فقد قام الدكتور لطيف باستحداث مبدأ طلب علاج على نفقة الدولة للمرضى ليتم العمل به لتعويض ضعف الميزانية ونقص التبرعات.. ولأن المعهد هو صرح علاجى وبحثى أيضا فقد اهتم د. لطيف أيضا بالتحفيز على البحث العلمى مما نتج عنه زيادة النشر الدولى وما يتبعه من تقدم مكانة المعهد عالميا، بالإضافة لنجاحه في الحصول على شهادة الجودة، وهوما فشلت فيه مستشفيات أخرى عريقة.. للأسف إن من يقرأ تحقيق جريدة أخبار اليوم سيلتقط على الفور أن الغرض من التحقيق هو تشويه معهد الأورام لصالح مستشفى 57،
لكنى تعجبت بشدة لأن جميع العاملين بالمستشفى منتدبون من معهد الأورام لذلك المستشفى، ورغم هذا فالعميد لم يفكر في الرد على الهجوم بإلغاء انتدابهم أو تخييرهم بين العودة للمعهد أو الاستقالة منه وبالتالى الاستقالة من الجامعة.. هذا الهجوم الساذج على المعهد يذكرنى بالمشهد الشهير لمحمد صبحى في إحدى مسرحياته عندما كان يقف أمامه قزم ويكرر له كلمة «ما تقدرش»!.. لا خلاف على أن مشهد ضرب طفل السرطان وأهله على بوابة مستشفى 57 سيؤثر على تدفق التبرعات للمستشفى لكن الغريب بأن يكون رد الفعل هو الهجوم على معهد الأورام لمنع توجه التبرعات إليه، وفى النص تضيع مصلحة المريض من أجل طمع مستشفى 57 في التبرعات.. وخلى بالك بقى يا حمادة إن مستشفى 57 لا يعالج إلا السرطان في مرحلته البدائية جدا، يعنى العيال دى لو زغزغتها هتخف لوحدها، لذلك فمعظم التبرعات تتوجه للمرتبات الخيالية التي يتقاضاها الأطباء والعاملون هناك.. اللى بيشتغل في 57 يبقى كأنه حصل على عقد عمل في الكويت!.. عموما يا حمادة ربنا يزيدك من نعيمه لكن عيب أن تنسى أنك أصلا تربية معهد الأورام ولولاه لما أصبحت بعد الضنا لابس حرير في حرير ولا داعى أن أذكرك بقول الشاعر: «كنت فين يا كباب أيام الشبشب والقبقاب»!
نقلا عن المصري اليوم