بمرور الوقت، تتضح أبعاد الدعوات المطلقة للخروج فى الحادى عشر من نوفمبر المقبل تحت دعوى الثورة، وهى فى الحقيقة دعوات للفوضى والخراب تقف وراءها جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها فى المنطقة. هذه الدعوات التخريبية تستغل الصعوبات التى يعانى منها المواطن المصرى اليوم، كى تطلب منه النزول إلى الشارع وإشعال ثورة جديدة.
يستسهل قادة وكوادر الجماعة والتنظيمات القريبة منها فكرياً، الحديث عن «الثورة». يتحدثون وكأنهم يقبضون على أدوات «تفجير» الثورة، يتحدثون دون خبرة ولا دراية، يتعاملون مع الثورة. وكأنها وليدة خطة قابلة للتكرار فى أى وقت، وكأن الشعوب تثور كلما طلب منها فصيل ذلك، دون اعتبار للحقائق القائمة على الأرض وعلاقة مؤسسات الدولة بعضها بعضاً. يتحدثون وكأنهم «ثوار». يعملون من أجل «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية»، وهم فى الأصل قوى رجعية محافظة لديهم مشروع أممى، يرون أن الوطن ما هو إلا حفنة من التراب العفن والوطنية فكرة بالية لا علاقة لهم بها، الرابطة لديهم دينية لا وطنية، ومن ثم لا مانع لديهم فى أن يحكم البلاد ماليزى أو إندونيسى أو تركى.
اختبر الشعب مواقفهم الحقيقية عندما لم يشاركوا فى ثورة الخامس والعشرين من يناير خشية على مصالحهم مع نظام مبارك، وعندما لاح لهم فى الأفق ترنح مبارك ونظامه حشدوا أنصارهم فى الميادين وأتوا بعناصر مسلحة من قطاع غزة، اقتحموا السجون وأقسام الشرطة ونكلوا بالضباط والجنود، ارتفعت نبرة الثورة لديهم وما إن لوح لهم الراحل عمر سليمان بالتفاوض حتى هرولوا إليه طالبين حصة فى «كعكة السلطة»، ثم قفزوا عليها محاولين التهامها بالكامل. نافقوا المجلس العسكرى ودفعوا بأنصارهم للخروج فى مسيرات تهتف: «دقن، جلابية، العسكر ميه ميه» و«يا مشير يا مشير إنت اليوم الأمير» وغيرها من الهتافات التى تعالت أصوات عناصرهم بها نفاقاً ورياء للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وذلك بهدف طمأنة المجلس استعداداً للانقضاض على السلطة، قالوا لن ننافس على أكثرية مقاعد البرلمان، كذبوا وحصدوا الأكثرية فى مشاهد لم تخل من العنف والتزوير المنظم وخلط الدين بالسياسة، تعهدوا بعدم ترشيح رئيس جمهورية، نقضوا العهد ورشحوا الشاطر، ثم محمد مرسى، ضربوا كل القوى التى وثقت فيهم وساندتهم وتخلصت الجماعة من كل من ساندها ووقف معها وانفردوا بالحكم. نشروا الفوضى والخراب فى البلاد وأتوا بالمجاهدين من مختلف أنحاء العالم، جهزوا «جيش مصر الحر» على غرار الجيش السورى الحر، لقتال القوات المسلحة المصرية فى حال وقوفها ضد مشروعهم الذى يبدأ من مصر، أجرى مرسى وهو فى موقع رئيس الجمهورية اتصالات هاتفية مع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى وأبرم معه اتفاقات لتقسيم العمل. نشروا العنف والخراب فى البلاد التى دفعوها إلى حافة الحرب الأهلية وعندما ثار الشعب المصرى ضدهم فى الثلاثين من يونيو كانوا على استعداد لاستخدام السلاح دفاعاً عن مشروعهم الأممى وهو ما تحقق لاحقاً بموجات العنف والإرهاب التى أطلقوها على البلاد والعباد والإرهاب الذى وطّنوه فى شمال سيناء ولا يزال حتى يومنا هذا ينثر الدماء هناك.
اليوم تقف الجماعة وراء دعوات الخروج فى الحادى عشر من نوفمبر مستخدمة من حاصل جمع كل الرقم من الرقمين ١١/١١ ليكون علامة رابعة، يكمنون وراء هذه الدعوة، واهمين أن الشعب سوف يتجاوب معهم ويخرج فى ثورة جديدة كى يعودوا إلى السلطة مجدداً، وهى عملية خداع لن تنطلى على المصريين الذين خرجوا بالملايين لإسقاط حكم المرشد والجماعة فى الثلاثين من يونيو، ثم الثالث من يوليو، ثم السادس والعشرين من الشهر نفسه. صحيح هناك صعوبات ومعاناة، لكن الصحيح أيضاً أنها ضريبة دفعتها كل شعوب العالم التى انتقلت من نظم سلطوية إلى وضع أساس لتطور اقتصادى يفتح المجال لديمقراطية حقيقية.
نقلا عن الوطن