الأقباط متحدون - القديسين سرجيوس وواخس وكنيستهما الأثرية بمصر القديمة المعروفة بأبو سرجة
أخر تحديث ٠٩:٥٠ | الاربعاء ١٩ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ٩ | العدد ٤٠٨٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

القديسين سرجيوس وواخس وكنيستهما الأثرية بمصر القديمة المعروفة بأبو سرجة

القديسين سرجيوس وواخس
القديسين سرجيوس وواخس

إعداد/ماجد كامل
تحتفل الكنيسة القبطية الارثوذكسية يوم 10 بابة الموافق 20 اكتوبر بتذكار استشهاد الشهيد العظيم سرجيوس ؛والذي تسمي كنيسة ابو سرجة بمصر القديمة علي أسمه تخليدا لذكراه . وقصة حياته باختصار انه كان هو وصديقه واخس قائدين في الجيش الروماني في ولاية جالريوس ومكسيمانوس . ولما دعيا ذات يوم لحضور أحدي الاحتفالات الخاصة بالآلهة الوثنية رفضا بثبات ؛ فحمي غضب القيصر عليهما وأمر بتجريدهم من ملابسهم وتعذيبهم ؛ وإمعانا في التحقير من شأنهما أمر إن يرتديا ملابس النساء ؛وأن يوضع قيد حديدي في عنقيهما ؛ولقد أحتملا القديسان كل هذه الإهانات بشجاعة نادرة ؛فأمر الوالي بأحالتهما إلي أنطيوخوس حاكم سوريا الذي أمر أن يضرب واخس بأعصاب البقر ؛فنال أكليل الشهادة يوم 4 بابة من الشهر القبطي الموافق 14 أكتوبر من الشهر الميلادي . ولقد أمر الوالي بإلقاء جسده الطاهر في نهر الفرات فقذفته المياه إلي الشاطيء ؛ فشاهده مجموعة من الرهبان المتوحدين ودفنوه بإكرام شديد ؛ بعدها أمر الوالي بتعذيب صديقه سرجيوس تعذيبا شديدا ؛ ثم أرسله الي ولاية تعرف بأسم الرصافة ( أحدي مدن العراق في الجانب الشرقي من بغداد ؛ ولقد أزيلت في العصر العباسي ) ولقد كان والي الرصافة صديقا لسرجيوس ؛فحاول بكل الطرق أن يقنعه أن يعدل عن رأيه وينكر إيمانه حفاظا علي حياته ؛فرفض بكل إصرار ؛ وعندما يأس من إقناعه أمر بقطع رأسه فنال أكليل الشهادة في يوم 10 بابة الموافق 20 أكتوبر ( أي بعد أسبوع واحد من استشهاد صديقه واخس ) فقامت أحدي العذاري وأحتفظت بجسده حتي أنتهاء عصور الاستشهاد ؛بعدها تم بناء كنيسة كبري علي أسمه في مدينة الرصافة بالعراق ؛قام خمسة عشر أسقفا بتدشينها ؛ وتحتفل الكنيسة بتذكار تدشين هذه الكنيسة في 19 هاتور من التقويم القبطي الموافق 28 نوفمبر من التقويم الميلادي . أما تذكار تكريس كنيستهم في مصر القديمة فيقع في يوم 10 أبيب الموافق من التقويم القبطي الموافق 17 يوليو من التقويم الميلادي .

أما عن كنيسة أبو سرجة ؛ وتعرف أيضا بكنيسة المغارة ؛ فيؤكد المؤرخون أنها أقدم كنيسة في مصر القديمة بل وفي القاهرة كلها ؛ ولقد شيدت في نفس الموقع الذي مرت به العائلة المقدسة ؛ وفيها توجد المغارة التي أستراحت فيها العائلة المقدسة أثناء هروبها إلي أرض مصر ؛ وتقع المغارة أسفل الهيكل الرئيسي الذي علي أسم سرجيوس وواخس ؛ طولها حوالي 6 متر وعرضها 5 متر وارتفاعها 2 ونصف متر تقريبا .
ولقد ورد ذكرها في كتاب "تاريخ الأقباط " للعلامة المقريزي حيث قال عنها "كنيسة بو سرجة بالقرب من بربارة بجوار زاوية النعمان ؛فيها مغارة يقال أن المسيح وأمه مريم عليهما السلام جلسا بها " . ولقد كتب عنها أيضا الرحالة فانسليب (1635- 1679 ) في كتابه "تقرير الحالة في مصر حيث قال عنها "ثم رأيت بعد ذلك كنيسة أبو سرجة التي بناها الكاتب القبطي لعبد العزيز بن مروان خليفة مصر في ذلك الوقت . وتحت هذه الكنيسة مغارة صغيرة يقول الأقباط أن مخلصنا والعذراء مريم سكنوا بها فترة من الوقت بها ثلاث أجنحة بأعمدة صغيرة : وفي مدخل الجناح الأول حوض المعمودية وفي الجناح الثاني تجويف في الحائط تطهر بوجود مخلصنا بها ". كما ذكرها علماء الحملة الفرنسية في موسوعتهم الشهيرة " وصف مصر " حيث قالوا عنها عند وصفهم لحصن بابليون " في أحد الكنائس القبطية يشير القساوسة إلي مغارة يقولون عنها أن العذراء مريم أحتمت فيها مع الطفل يسوع عندما جاء إلي مصر هربا من هيرودس " .

كما ورد ذكرها أيضا في العديد من المراجع الحديثة ؛لعل من أشهرها موسوعة "الكنائس القبطية القديمة في مصر" للمؤرخ الانجليزي الشهير "ألفريد بتلر" ( 1850- 1936 ) حيث قال عنها "أن كنيسة أبي سرجة أو القديس سرجيوس هي الكنيسة الوحيدة التي تعتبر ملتقي سنويا ما بين السياح الذين يبحثون عن المناظر الجميلة والمرشدين الذين في غاية الجهل . ويعود سبب هذا التميز إلي القصة التي تتعلق بالمغارة التي بالكنيسة بوصفها المكان الذي استراحت فيه العائلة المقدسة عند وصولها إلي مصر .......... كما كتب عن المغارة الأثرية الشهيرة فقال عنها ( تعتبر مغارة أبي سرجة كنيسة صغيرة تحت الأرض ؛ وتنخفض أرضية المغارة بمقدار 8 اقدام و9 بوصات عن |أرضية الخورس ؛ ويبلغ أقصي طول المغارة حوالي 20 قدما ؛ بينما يبلغ عرضها 15 قدما ؛ وهي مقوسة السقف في شكل ثلاث قناطر ؛ ويمكن القول بأنها تتكون من صحن له جناح شمالي وجناح جنوبي ؛والجناحان منفصلان بأعمدة رفيعة عددها تسعة أعمدة ؛ وهناك علي خط هذه الأعمدة حائطان يبرزان لمسافة 6 أقدام علي الحائط الشرقي للمغارة ويحصران بينهما ما يشبه الهيكل ....... ومن غير الممكن تماما التثبت من تاريخ هذه المغارة ؛ولا شك أنها سابقة علي الكنيسة الرئيسية بعدة قرون . ولذلك بنيت كنيسة فوق هذه البفعة في حوالي القرن الثاني أو الثالث . أما المغارة الحالية فربما حلت محل المزار الأصلي؛ ومن الطبيعي أنه مع مرور الزمن يتم بناء صرح أكبر وأعظم في نفس البقعة" ( الكنائس القبطية القديمة في مصر ؛الفريد . ج .بتلر ؛ترجمة إبراهيم سلامة إبراهيم ؛مراجعة وتقديم نيافة الانبا غريغوريوس ؛الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ 1993 ؛ سلسلة الألف كتاب الثاني ؛الكتاب رقم 130 ؛الصفحات من 175: 178 ) .

ومن المراجع الحديثة أيضا التي كتبت عنها كتاب "الكنائس القبطية القديمة بالقاهرة " للدكتور رؤوف حبيبب(1902- 1979 ) المدير السابق للمتحف القبطي . وفي فصل بعنوان "كنيسة أبو سرجة " جاء فيه "تقع هذه الكنيسة في سط قصر الشمع ؛ولقد ذكر العالم الفرنسي الاب فانسليب أنه زارها من قبل وقيل له وقتئذ أنه بنيت حسب رواية سعيد بن بطريق علي يد أحد كتاب القبط في عهد الخليفة عبد العزيز بن مروان ؛ ولقد اختلف المؤرخون في الزمن التي تم فيه أنشاؤها ؛فمنهم من يرجعها إلي القرن الخامس أو السادس الميلادي والبعض يؤيد لها القرن الثامن الميلادي . والوصول إليها عن طريق ممر ضيق و|أمامها وحولها عدة بيوت صغيرة خربة ......................ويحتفظ المتحف القبطي ببعض آثار هامة من كنيسة ـبو سرجة ومنها أقدم مذبح خشبي من الجوز في تاريخ الكنائس القديمة ؛ويعتبر قدعة فريدة من نوعها ورائعة في فن النجارة لما تحويه من نقوش وزخارف وأعمدة ذات تيجان كورنثية ويرجع تاريخ غالبها إلي القرن السادس المسلادي أي من عهد إنشاء الكنيسة " ( الكتب السابق ذكره ؛د رؤوف حبيب ؛مكتبة المحبة ؛أبريل 1979 مقتطفات من صفحات 25 : 31 ).
كما ذكرها أيضا المتنيح الأنبا صموئيل( 1937- 2003 ) أسقف شبين القناطر الراحل في كتابه "دليل الكنائس والأديرة في مصر حيث قال عنها " تعتبر من أقدم كنائس مصر القديمة وحسب التقليد أنه يوجد أسفل هيكلها مغارة العائلة المقدسة عند هروبها إلي أرض مصر . بنيت الكنيسة علي أسم الشهيدين سرجيوس وواخس الذان استشهاد في عصر مكسيمانوس .... الخ " ( الكتاب السابق ذكره ؛الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر والمهندس بديع حبيب جورجي ؛غير مذكور الناشر ؛ 2002 ؛ ص 85 ) .


وجاء ذكرها أيضا في كتاب "المتحف القبطي وكنائس القاهرة القديمة "للدكتور جودت جبرة المدير الأسبق للمتحف القبطي ؛وأستاذ الدراسات القبطية بجامعة كليرمونت بالولايات المتحدة حاليا ؛ حيث قال عنها "هي أقدم كنائس القاهرة ؛وفد شيدت في موضع باركته العائلة المقدسة ........ وتحتوي كنيسة القديس سرجيوس علي أيقونات قديمة نسبيا ؛يمكن إرجاع البعض منها إلي القرن السابع عشر ؛وقد عثر علي مذبح خشبي مسيحي في مصر في هذه الكنيسة ؛وهو معروض حاليا في المتحف القبطي ".(المرجع السابق ذكره ؛د جودت جبرة ؛دار لونجمان للنشر ؛1999 ؛ص 118 : 120 ).
ومن أحدث المراجع التي كتبت عن هذه الكنيسة ؛موسوعة"الكنائس في مصر منذ رحلة العائلة المقدسة إلي اليوم " للدكتور جودت جبرة وأخرين ؛ والتي صدرت عن المركز القومي للترجمة ؛ وفي الفصل الخاص بكنيسة ابو سرجة قال عنها " بني أثناسيوس الذي كان يشغل منصب كاتب والي مصر في عهد عبد العزيز بن مروان (685-705م )كنيسة القديسين سرجيوس وباكوس (ـأبو سرجة)في نهايةالقرن السابع الميلادي ........ وبني أثناسيوس كنيسة علي الطراز البازليكي بها ممر غربي وحنية هيكل تفضي إلي حجرتين جانبتين ؛وشرفات تعلو الممرات الجانبية والأعمدة الرخامية التي تفصل بين صحن الكنيسة والممرات الجانبية ذات تيجان أعيد إستخدامها ترجع إلي نهاية الحقبة الأثرية المتأخرة .وأحتاجت الكنيسة علي مر العصور الي ترميم وإعادة بناء ....... ويذكر التقليد أن سرداب الكنيسة كان أحد الأماكن التي أحتمت بها العائلة المقدسة قبل أن ترحل إلي صعيد مصر ؛ويذكر الزوار الغربيون أنهم زاروا هذا المكان المقدس ..... وكثيرا ما دعيت الكنيسة ببساطة بأسم كنيسة المغارة ......" ( المرجع السابق ذكره ؛تأليف جودت جبرة وجيرتود ج .م فان لوون وكارولين لودفيج ؛ ترجمة أمل راغب ؛ الناشر المركز القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم 1844 ؛ مقتطفات من صفحة 110 ) .

ومن أهم الأحداث التاريخية التي حدثت في هذه الكنيسة ؛أنه في عام 859م تم تنصيب البابا شنودة الأول البطريرك رقم 55 فيها . كذلك أيضا في عام 977م ؛تم تنصيب البابا آبرام بن زرعة البطريرك رقم 62 فيها ؛وهو البطريرك الذي تم في عهده معجزة نقل جبل المقطم .

ولقد تم تجديد وإعادة افتتاح الكنيسة في 1 يونية 2016 بحضور كل من السيد حلمي النمنم وزير الثقافة ؛ والدكتور خالد العناني وزير الآثار ؛والسيدة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة والتعاون الدولي . ولقد صرح القس أنجيليوس جرجس كاهن الكنيسة أنه أثناء عملية الترميم تم إكتشاف مجموعة كبية من الكنوز الأثرية نذكر منها :-

1-جرن للمعمودية مغطي بمباني من الطوب وطبقة من الرخام ومنقوش عليه صليب من المغارة ؛ ولقد تم اكتشافه بالمغارة ويرجع للقرن الرابع الميلادي .

2-شرقية مذبح المغارة وهي عبارة عن تجويف في شرقية مذبح المغارة ؛حيث أكتشفت خلف الحائط الشرقي للمغارة .

3-مذبح الكنيسة وهو نسخة مطابقة للمذبح الأصلي الموجود بالمتحف القبطي ؛ بنفس النقوش البيزنطية ونفس نوع الخشب .

4- الحائط الأصلي للكنيسة ؛ وهو مماثل لطرق بناء الحوائط الموجودة في روما خلال الفترة من القرن الثاني الميلادي حتي القرن الرابع الميلادي .

5- معمودية من العصر الرسولي وهو مصنوع من الحجر ويرجع تاريخه لعصر الآباء الرسل .

6-أيقونة فريسكا لثلاثة أشخاص هم :- القديس مارمرقس في المنتصف ؛ وعن يساره البابا ديسقوروس البابا رقم 25 من باباوات كنيسة الإسكندرية ؛أما الشخص الذي عن يمينه فلم نتمكن من معرفته .

7 جزء من الحجر الأصلي لرصيف الميناء القديم لقناة سيزوستريس التي ترجع إلي 600 سنة قبل الميلاد ؛والذي أستخدمه تراجان فيما بعد في القرن الثاني الميلادي ؛ ولقد تم عرضه تحت أرضية من الزجاج ووضع جزء منه في مكان للعرض خارج كنيسة المغارة .

كما قام قداسة البابا تاوضروس الثاني بتدشين مذابح الكنيسة الجديدة في يوم الأثنين 10 أكتوبر 2016 بحضور 14 أسقف من أساقفة الكنيسة القبطية ؛كما قام قداسته بترقية ثلاثة من الآباء الكهنة إلي رتبة القمصية .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter