الأقباط متحدون - فاتورة الغلاء.. وفاتورة الفساد
أخر تحديث ٠٧:٠٩ | السبت ٢٢ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١٢ | العدد ٤٠٩٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

فاتورة الغلاء.. وفاتورة الفساد

د. محمود خليل
د. محمود خليل

خطوة جيدة اتخذتها الحكومة بضغط الإنفاق فى الوزارات والهيئات والجهاز الإدارى للدولة بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20% دون المساس بالأجور والرواتب والاستثمارات، ولعل هذه الخطوة تقلل من حالة الاستفزاز التى يشعر بها الناس نتيجة أحاديث تداولها البعض، وتم دعمها بالصور، عن مواكب الوزراء، والسيارات التى يمتطونها، الخطوة جيدة لكن حبذا لو صحبها تحرك أكثر جدية لفتح ملفات الفساد، ومواجهة أوجه إهدار المال العام داخل بعض المؤسسات، وربما كان المفيد فى هذا السياق الالتفات إلى ما تحدث عنه رئيس مجلس النواب من ضرورة ضم الصناديق الخاصة داخل كل الهيئات والوزارات -دون استثناءات- إلى الموازنة العامة للدولة، ولست أدرى هل سيتعامل مجلس النواب مع هذا الأمر بجدية، أم سيقتصر على مجرد طرح الموضوع عبر جملة شردت على لسان رئيسه؟

من المهم للغاية أن تنقل الحكومة إلى المواطن إحساساً بأنها تتحرك فى ملفات الفساد، وذلك لسببين، أولهما أن الحكومة تجتهد فى إقناع الناس بتقبل الإجراءات الحادة التى تتخذها لخفض العجز فى الموازنة، ويكتوى بها المواطن. وواقع الحال أن ثمة باباً آخر ينبغى أن يطرقه المسئولون، بعد أن طرقوا باب المواطن كثيراً، حتى خرموا جيوبه، وهو باب الفساد. الصناديق الخاصة على سبيل المثال تتراكم بها مليارات الجنيهات، لا يعلم أحد عددها على وجه الدقة، وتستفيد منها القيادات والمحاظيظ داخل بعض مؤسسات الدولة. وقد تحدثت وتحدث غيرى مراراً وتكراراً عن ضرورة فتح ملفها، لكن أحداً لم يستجب. إغلاق حنفية الفساد داخل مؤسسات الدولة سيوفر مليارات الجنيهات، بشكل يرحم المواطن «اللى كل الدق نازل على دماغه». يكفى فى هذا السياق أن نستشهد بالبيانات التى أعلنها الدكتور جابر جاد نصار، وذكر فيها أن جامعة القاهرة لديها وفورات مالية تتجاوز المليار جنيه حالياً، والسر فى ذلك إغلاق حنفية الفساد، فما بالك لو تم ذلك فى مؤسسات الدولة الأخرى؟

السبب الثانى أن بمقدور المواطن أن يتحمل فاتورة الغلاء، لكنه بحال لن يرضى بأن يتحمل فاتورة الفساد، بمعنى أن الناس تجتهد فى تحمل العبء الثقيل الذى يلقى على كتفيها كل يوم جراء الارتفاعات المتوالية فى أسعار السلع والخدمات، وهى لا تجد أن من العدل أن تتحمل فاتورة الفساد. ليس من المعقول أن تطالب الحكومة المواطن بالتقشف دون أن تلزم نفسها به. فرض الضرائب أو تقليل الدعم أو تعويم الدولار مسألة لا تتطلب اجتهاداً، ولا تبذل الحكومة فيها جهداً، إنها مجرد قرارات تتخذها، وتجتهد فى إقناع المواطن بها، الجهد الحقيقى للحكومة يجب أن يظهر فى ملف محاربة الفساد. هذا الملف لا بد أن تكون له الأولوية بشكل عاجل، وظنى أن الاجتهاد فيه هو أقصر الطرق لإقناع المواطن بالتحمل والصبر على الضغوط المعيشية التى أصبحت تحاصره من اتجاهات شتى، أما تحصيل فاتورتى الغلاء والفساد من جيب المواطن، فذلك ما لا يرضى به أحد، وهو أمر يدفع المواطن إلى استبدال فضيلة الصبر، برذيلة اليأس.. ونتيجة اليأس معروفة.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع