الأقباط متحدون - المكسب والخَسارة
أخر تحديث ١٥:٥١ | السبت ٢٢ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١٢ | العدد ٤٠٩٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

"المكسب والخَسارة"

الانبا ارميا
الانبا ارميا

"ألقى بنفسه على ذٰلك الكرسى الموضوع أمام نافذته، فطالما جلس عليه ساعات طوال ينظر إلى الأفق البعيد، يفكر فيما يعترض حياته من مشكلات أو اختيارات أو ذكريات أبهجت قلبه أو أحزنته، لمعت أمام عينيه صورة صديقه، الذى طالما عاش معه أبهج لحظات الحياة وأصعبها وأدقها؛ أغلق عينيه ليمر شريط ذكريات لهما، وابتسم قائلا ـ وكأنه يردد تلك الكلمات لشخص يحيا فى أعماقه: نظل ـ كما كنا ـ أنا وأنت صديقان نحتمل معًا عبء الحياة ونتشارك سعادتها. لقد قرر أن يبعد ظلال سحابة سوداء تتهدد عَلاقتهما، واختار ألا يخذل من وثق به.. فنادرًا ما تصادفك الأحجار الكريمة غالية الثمن فى هيئة بشر..".

"المكسب والخَسارة" أحد تحديات الحياة التى يعيشها الإنسان، ففى رحلة الحياة يقيّم كل إنسان نجاحه أو فشله بما حققه من مكاسب أو ما تعرض له من خَسارة، وهو يبنى قراراته ومواقفه بِناء على هذين العاملين، وبذلك تُعد قاعدة "المكسب والخَسارة" من أهم العوامل المؤثرة فى حياة كل شخص.

بداية: أن مفهموم "المكسب والخَسارة" ليس أمرًا يتعلق بالأمور المادية فقط، بل يتعلق بجميع جوانب الحياة وخِياراتها، ولا يُعد أمرًا خاطئًا أن يسعى الإنسان لتحقيق المكسب أو ما يعتقد أنه مكسب له، ففى نهاية الأمر ستتحدد قيمة حياة كل إنسان وأهميتها وصلاحها وَفقًا لاختياراته. ولٰكن: ما هو مفهوم "المكسب والخَسارة"؟ أو بتعبير أدق: ما هو معيار مكسب الإنسان أو خَسارته؟ أن تحديد سُلوكيات أو قواعد ثابتة يمكن تطبيقها على جميع الأشخاص لتوضح مكسب كل منهم أو خَسارته لهُو أمر فى أقصى درجات الصعوبة، بل يصل إلى حد الاستحالة! إلا أن عاملاً يُعد الأهم فى ذٰلك الأمر وهو: "الهدف".

تُعد أهداف الإنسان التى يسعى نحوها فى طريق الحياة من أهم المعايير، التى تحدد مكسبه أو خَسارته، فما يحقق له أهدافه يُعتبر مكسبًا، وما لا يقربه نحو الهدف فهو خَسارة، وحيث إن تلك الأهداف تختلف باختلاف الأشخاص، هٰكذا تختلف نظرة كل إنسان فى المواقف والقرارات بحسب ما يعود عليه بالفائدة.

 وعلى سبيل المثال، إن تحدثنا عن إنسان يهدُف إلى تحقيق بطولة فى مجال رياضى ما، فإنه من أجل ذٰلك يخسِر بعض الأطعمة الشهية التى تؤثر سلبًا فى لياقته، بل يخسِر جانبًا من حياته الاجتماعية من أجل التدرب والارتفاع بمستواه الرياضى، فى حين هو يكسب عوامل الفوز نحو تلك البطولة. وهٰكذا تمضى بنا الحياة فنجد فيها من يهدُف إلى راحة البال فتجده يرفع شعار: "أى شىء ستخسِره ويشترى لك راحة بالك مكسب، وأى شىء ستَكسِبه على حساب راحة بالك خَسارة"، وهناك من يرى أن الخَسارة الحقيقية هى "خَسارة النفس" وهى تحاول إرضاء البشر، أو خَسارة أشخاص أمناء صادقين فى الحياة.

لذٰلك عليك أن تنتبه لأهدافك التى هى محدد كبير لسلوكك وتقييمك لمواقف الحياة وللبشر من حولك، أمّا أن لم تكن لك أهداف فى الحياة، فأنت.. وللحديث بقية.
نقلا عن اليوم السابع


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع