بقلم: نبيل المقدس
البطالة المقنعة ليست ظاهرة للعيان، لذلك يصعب متابعتها وتقويمها من قبل المسئولين، خصوصا إذا عرفنا ان الكثير من الذين يعانون من البطالة المقنّعة يستحون من الإعلان عن أنفسهم .. فقد يتكلم أحدهم عن عمله الناجح وعن انتاجه الوفير, بينما يعلم في قرارة نفسه أنه ليس لديه عمل محدد في المؤسسة التي يعمل فيها , فهو ثقل عليها وعلي زملائه الذين يعملون . لذلك فالبطالة المُقنعة هي وجود أعداد من العاملين تزيد عن الحاجة الفعلية للمؤسسة وهذا النوع من البطالة أصبح ظاهرة مُنتشرة في مُعظم مؤسسات القطاع العام والأجهزة الحكومية . فقد أعلن منذ سنة تقريبا عند بداية إصلاح الدولاب الحكومي , أن عدد العاملين المعينين في المؤسسات حوالي 7 ونصف مليون عامل وموظف , وأن عدد العاملين الفعلي التي تحتاجهم هذه المؤسسات هو ما يقرب من 2 مليون عامل وموظف .. أي ان هناك حوالي خمسة مليون ونصف عامل عالة حقيقية علي المؤسسات الحكومية , وعلي ميزانية الدولة عموما .
ألآن تُوجد عمالة مستحدثة , أطلق عليها الكثير من المهتمين بهذا الأمر بالعمالة العشوائية وهي عبارة عن عزوف الشباب عن العمل الجدي الشريف والكريم .. فقد هاجر الشباب من القري إلي العاصمة وعواصم المحافظات تاركين زراعاتهم وأهلهم وحالهم , لكي يفترشوا أرصفة الشوارع وميادين المحافظات متخذين هذه الأماكن سكنا وأكل عيش , حيث بدءوا يعملون في التجارة العشوائية مثل تجارة الملابس والأحذية والإكسسورات الحريمي .. حتي أنشأوا سوق تجاري موازي للتجارة الأساسية القائمة علي قوانين وأصول التجارة. هذه الأسواق الموازية هي ما إلا أعمال عشوائية غير طبيعية تفيد اصحاب العصابات المحترفة في إستيراد البالات من الصين وغيرها .. لبيعها لهؤلاء الشباب المنتشرين علي الأرصفة والشوارع بالمزاد العلني في اماكن غير معروفة .. سبق ان أحد هؤلاء البائعين شكي لي أنه إشتري من المزاد بالة أحذية ذات ماركة مشهورة علي انها تحوي جميع المقاسات .. وفوجيء بعد وصوله لمكان الفرش الخاص به أن البالة تحوي فقط مقاس واحد للفردة الشمال .. وعددهم حوالي 200 فردة . وحاول ردها , لكن لم يفلح .. لأنها تم بيعها له بالمزاد , فكان المفروض ان يفتح البالة ليتعرف علي ما تحويه البالة.
حان الأن القضاء علي هذه الظاهرة .. وخصوصا بعد ما تم إعلان توزيع نصف مليون فدان كمرحلة أولي في بعض المحافظات .. أتصور ان هذا المشروع سوف لا يعطي اي مبرر لهؤلاء الشباب الذين إعتادوا المبيت علي الأرصفة أو في ادني الفنادق الموجودة بالقرب من الميادين المشهورة للرجوع إلي بلادهم , مستردين كرامتهم بإمتلاكهم الأراضي .. فهي اكثر المشاريع توافق وتناسب هويتهم الزراعية , كما ان دراستهم وثقافتهم هي الزراعة وتنمية الثروة الحيوانية والسمكية .
مثل هذا المشروع يفتح الفرص للتخصصات الأخري كمهنة الميكانيكي .. فهذه المزارع تحتاج إلي هذه النوعية من التخصصات لإصلاح طلمبات الأبار , وعربيات النقل , كما ان وجود الطاقة المتجددة تهييء أعمالا كثيرة للمهنسين والفنيين المتخصصين في هذا النوع من توليد الطاقة .. كما أن هذا المشروع سوف يُنشيء مناطق عمرانية ومجتماعات جديدة تحتاج إلي وجود مدارس بجميع مراحلها .. ولا ننسي انها سوف تستوعب الكثير من الأطباء البيطريين والبشريين .. ولا ننسي ان هذه المجتماعات ستصبح في اشد الحاجة إلي تخصصات في القانون والمحاسبة وجميع أنواع المهن .. أي سوف نحصل علي مجتماعات جديدة تعمل علي تخفيف الضغط السكاني للوادي .. وخصوصا ان تعداد السكان يزداد يوما بعد يوم .
بعض من الشعب المصري يعارض هذه المشاريع العملاقة .. ربما لهم فكر أخر وهو إطعام الشعب , وزيادة الدعم .. وزيادة المرتبات .. لكن الفكر الصحيح هو البدأ في إقامة مشاريع قومية يتجمع حولها الشعب , لكي يشعر بانه مشارك في التنمية المنشودة والتي تستحقها مصر . كما أن هذه المشاريع العملاقة فرصة لتشغيل أعدادا لا بأس بها من العمال والموظفين .. كما ستوجد وظائف وأعمال أكثر في الدولاب الحكومي حيث نستطيع توزيع هذه الأيادي العاملة علي درجات وظيفية جديدة .. كذلك هذه المشاريع هي سراج لينير لنا الطرق الصحيحة لكي نستطيع بها أن نقضي تماما علي البطالة العشوائية , فتتحول العمالة العشوائية تدريجيا إلي عمالة منظمة ..!! ياتري هل نحن متفقون مع سياسة الدولة .. ونضع ايادينا متشابكة ضد ما يحاك لنا من مؤمرات خارجية وداخلية ... !!
فليعرف العالم والكاره لمصر .. أننا كشعب مصري سوف نعمل بصبر وبجد حتي لا نركع لأحد ...!!