قال اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، إن المظاهرات التى خرجت اعتراضاً على شروط توزيع وحدات الإسكان الاجتماعى، كان وراءها جهات أرادت تسخين الأمور، واصفاً المحرضين بأنهم «أهل الشر».. دعونا نصدق ونقول مع المحافظ إن أهل الشر هم الذين حركوا مظاهرات بورسعيد، وليس حالة الغضب التى انتابت حاجزى وحدات الإسكان الاجتماعى بسبب رفع قيمة مقدم التعاقد من 10 آلاف إلى 47 ألفاً كحد أدنى، و71 ألفاً كحد أقصى وفقاً للدخل الشهرى للمتقدم، مع تحويل المشروع لصندوق التمويل العقارى، لكنّ ثمة سؤالاً يطرح نفسه فى هذا السياق: من الذى مكّن أهل الشر من التحرك، والنجاح فى تحريك المئات من حاجزى الوحدات من مواطنى بورسعيد للاحتجاج؟. الإجابة ببساطة هى: المسئولون داخل المحافظة الذين أثاروا حفيظة المواطنين بالقرارات التى اتخذوها لرفع أسعار الوحدات. أهل الهوى من المسئولين هم الذين يمكّنون أهل الشر من التحرك!.
المواطن المصرى، وخصوصاً محدود الدخل، يعانى من ضغوط معيشية غير مسبوقة، وبالبلدى كده «معدش مستحمل حد يحك له مناخير». والقرار الذى اتخذه المحافظ ينتمى إلى فصيلة «قرارات حك المناخير». فقد سبق وتظاهر الحاجزون لهذه الشقق بأعداد محدودة عدة مرات، وكان المحافظ يعدهم فى كل مرة بعدم زيادة أسعار الوحدات، حتى فوجئ الحاجزون بالقرارات الجديدة فاندفعوا إلى الاحتجاج بالمئات بعد أن أصبحوا أمام أحد خيارين، إما الدفع أو التنازل عن الوحدة.
ربما كان للحكومة عذرها فى رفع الأسعار، جرياً وراء قاعدة «كل حاجة بتزيد»، وربما كان لدى بعض المسئولين حق فيما ألمحوا إليه من أن بعض الحاجزين لهذه الشقق ليسوا من مستحقيها، لكن يبقى أن الاعتذار بارتفاع أسعار مواد البناء وخلافه، هو أمر ناتج عن إجراءات وسياسات جلدت الحكومة المواطن بها فى سياقات عدة، بحيث لم يعد قادراً على احتمال المزيد من الجلد، أما الحديث عن وجود أفراد غير مستحقين، فهو يدين المحافظة، ويطرح سؤالاً حول الكيفية التى وصلت بها استمارات الحجز إلى أناس لا تنطبق عليهم الشروط، وكيف مر هؤلاء من مرحلة الاستعلام التى تقوم بها وزارة الإسكان. قد يقول قائل الفساد الموجود فى العديد من المؤسسات. إجابة صحيحة، لكن يبقى أن تحميل المستحقين لشقق الإسكان الاجتماعى لفاتورة الفساد مسألة غير عادلة. وقد حدثتك بالأمس عن خطورة تحميل المواطن أعباء فاتورة الغلاء من ناحية، وفاتورة الفساد من ناحية أخرى، خصوصاً أنه كما ذكرت لم يعد يحتمل من يحك له «مناخيره»!.
حديث محافظ بورسعيد عن حكاية أهل الشر الذين حركوا مظاهرات حاجزى الإسكان الاجتماعى جانبه التوفيق، وأخشى أن يفهم منه أنه لا يريد التعامل بجدية مع هذا الملف، حيث تصبح عبارة «أهل الشر» أسهل حل فى مواجهة أى مشكلة، لما توفره للمسئول من حماية وقدرة على التفلت من المساءلة حول مستوى الأداء. واستمرار هذا النهج يعنى توسيع الطريق أمام من يريد استغلال غضب الناس من أداء بعض المسئولين. فى كل الأحوال تظل مظاهرات بورسعيد إنذاراً موجهاً إلى هذا النوع من الأداء وهذا النمط من التفكير، أرجو أن يصل إلى من يهمه الأمر!.
نقلا عن الوطن