الأقباط متحدون - حكاية تيران الإسرائيلية
أخر تحديث ١٥:٤٨ | الأحد ٢٣ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١٣ | العدد ٤٠٩١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

حكاية تيران الإسرائيلية

د. لميس جابر
د. لميس جابر

انتهت حرب فلسطين عام 1948 بعقد اتفاقية هدنة فى «رودس» فى 24 فبراير 1949، وأصر المفاوض المصرى وقتها على وضع فقرة تنزع عن الهدنة صفة الاستقرار «لأن الهدنة الدائمة لا ترقى إلى مرتبة إنهاء حالة الحرب».. ولكن قبل عقد الهدنة بين إسرائيل والأردن، وفى 10 مارس 1949، تحركت قوة إسرائيلية مكونة من سيارتَى جيب وناقلة جنود وتوجهت جنوباً فى صحراء النقب واحتلت «أم الرشراش» الأردنية على خليج العقبة. وبعد ثلاث ساعات وصلت قوات أخرى عبارة عن 150 جندياً و25 ناقلة وتمت السيطرة على «أم الرشراش»، واحتجت مصر لدى جنرال «رايلى» كبير مراقبى الهدنة، وكان كل ما فعله أنه أدان الطريقة التى اتبعتها إسرائيل فى هذا الاحتلال ولم يُدن الاحتلال نفسه!! تشكلت على الفور لجنة عسكرية وقانونية مصرية وتوجهت إلى شرم الشيخ وشاهدت خليج العقبة وجزيرتَى تيران وصنافير، واتضح لها أن إسرائيل بإمكانها الوصول إلى خليج العقبة والجزيرتين، وهذا يُعتبر تهديداً لجنوب سيناء والممر المائى لقناة السويس، بل وتهديداً للبحر الأحمر وبما عليه من سواحل مصرية وسعودية وأردنية، واتفقت السلطات المصرية مع سلطات المملكة العربية السعودية على أن تقوم القوات المصرية باحتلال جزيرتَى تيران وصنافير، وأرسلت الخارجية المصرية مذكرة فى 28 فبراير 1950 إلى الحكومة البريطانية تعلمها بأن قواتها احتلت الجزيرتين احتلالاً فعلياً بالاتفاق التام مع حكومة المملكة، وأن هذا الاحتلال أصبح أمراً واقعاً. وقررت اللجنة إجراءات محددة تتلخص فى تفتيش السفن على اختلاف أنواعها وجنسياتها ومنع السفن الحربية الإسرائيلية من المرور من الخليج وضبط ومصادرة أى مواد تدخل فى صناعة السلاح أو المجهود الحربى، ومنعت أيضاً سفن البترول التى كانت تأتى من إيران إلى إسرائيل.. وتم تجهيز «رأس نصرانى» لتكون مركزاً للتفتيش، واشتركت القوات البحرية المصرية مع مدفعية السواحل فى وضع إجراءات عملية التفتيش، وتم إعداد المكان، ومُهدت الطرق، ووصلت المياه العذبة، وتم عمل مهبط للطائرات ومخازن للسلاح ومكاتب للإدارة وقوة مدفعية، وكانت الأوامر بإطلاق النار للتحذير إذا حاولت سفينة إسرائيلية أو مساعدة لها المرور دون الخضوع للتفتيش. والغريب أنه برغم أن مصر كانت وقتها محتلة من الإنجليز إلا أن السفن الإنجليزية كانت تخضع للتفتيش مثلها مثل غيرها حتى إن السفينة البريطانية Empir Roach (إمباير روش) خالفت التعليمات فحجزتها السلطات المصرية عند مدخل الخليج ووضعت حراسة على ظهرها، واضطرت بريطانيا للخضوع للإجراءات، وكان ذلك اعترافاً منها بأن موقف مصر بخصوص الملاحة فى مضيق تيران مطابق للأحكام الدولية. وتوالت الشكاوى من إسرائيل وعدة دول أخرى إلى مجلس الأمن بشأن إجراءات التفتيش، وفشلت فى الحصول على قرار من مجلس الأمن يحرم مصر من رقابة خليج العقبة، وقال مندوب مصر فى مجلس الأمن: كان الأولى قبل بحث أحقية إسرائيل فى المرور الملاحى فى هذا المضيق أن يبحثوا تمكن إسرائيل من الاستيلاء بالقوة على أم الرشراش وفقاً لقانون الغاب وليس وفقاً للقانون الدولى.

وجاء العدوان الثلاثى، وهاجمت القوات الإسرائيلية سيناء فى 29 أكتوبر 1956، ودار قتال شديد فى أبوعجيلة، إلا أن انسحاب القوات المصرية غرب القناة أعطى فرصة لإسرائيل التى أسرعت واحتلت جزيرتَى تيران وصنافير وشرم الشيخ وغزة فى 5 نوفمبر 1956، وبعث «بن جوريون» برسالة تهنئة لجنوده قرأها عليهم موشى ديان فى أرض مطار شرم الشيخ فى احتفال كبير، وجاء فى الرسالة: «لقد أتممتم أيها الجنود الشجعان أكبر عملية عسكرية فى تاريخ شعبنا وأكثرها فخاراً بنجاح جيش الدفاع الإسرائيلى فى اجتياح دفاعات العدو واسترجاع «مملكة سليمان» التى سوف تكون إيلات ميناءها الرئيسية فى الجنوب وسوف تسترد تيران اسمها القديم «يوتفات» الذى كانت تُعرف به منذ 1500 عام، وتنضم إلى وطنها الأم «إمبراطورية إسرائيل الثالثة». لقد بدأت ملاحتنا البحرية فى البحر الأحمر منذ أكثر من 2000 سنة أثناء حكم سليمان، وكانت إيلات المرفأ البحرى الأول للملك «يهودا» حتى القرن السادس الميلادى، وكانت هناك جالية يهودية منتشرة على الجزيرة المسماة «يوتفات» فى جنوب العقبة والتى حررها جيشنا». وتمشياً مع هذه الخزعبلات والتخريف التاريخى والتلفيق والتوليف أطلقت إسرائيل على خليج العقبة اسم خليج «شلومو»، أى سليمان، ومضايق تيران سمتها مضايق «يوتفات».. صمدت مدينة بورسعيد ضد العدوان، وتوجه إليها كل المصريين من مختلف المحافظات، وكانت المقاومة الشعبية لهذه المدينة وأهلها الأبطال حديث العالم، وتوالى الإنذار الأمريكى ثم الروسى، وانسحبت إنجلترا وفرنسا، وتلكأت إسرائيل بالطبع فى الانسحاب، وحاولت محاولات مستميتة، وأخيراً طلبت ضمانات بحرية الملاحة فى خليج العقبة ووضع قوات دولية فى شرم الشيخ والجزر وأن تصبح غزة تحت إدارة الأمم المتحدة، ورفض عبدالناصر أى شروط مسبقة قبل الانسحاب، وانتهى الاحتلال بضمان حرية ملاحة إسرائيل فى خليج العقبة، وهو المغنم الوحيد الذى حصلت عليه، وضاع حلم «بن جوريون» فى الإمبراطورية الثالثة، وانتهت حدوتة قبل النوم اليهودية الخاصة بالجالية اليهودية التى كانت تعيش فى جزيرة تيران أو «يوتفات». والمعروف أن الجزيرة قاحلة جرداء، لم يثبت أنها كانت مأهولة بأى سكان من أى نوع، ولكن الكذب والبلطجة الإسرائيلية التى لا تنتهى والتى جعلت اليهود يدّعون أنهم بناة الأهرامات، ولا أعلم حتى الآن لماذا لم يشيدوا أهرامات فى أرض الميعاد عندما خرجوا مع موسى إلى هناك وهل حاولوا تشييد مسلة مثلاً أو معبد أو هرم صغير متر فى متر، أم أن الكلام عن إمبراطورية سليمان وملك سليمان الذى يمتد من النيل إلى الفرات هو عنوان كاذب يتمادون به فى تعديهم على أرض لم تكن لهم يوماً ولم يكن لهم أى حق تاريخى ولا سياسى فيها، ولكنها البلطجة والحماية الأمريكية وحواديت قبل النوم.

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع